توكل و تواكل ...

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 




كم تواكلنا على الله ولم نتوكل ؟

تجلس مع نفسك … تقول أن الله يختار لي ... سبحانه هو المصُرِّف المدُبر لكل الأمور 
هو الخالق البارئ ... الأول و الأخر 
نعم ليس في ذلك أدنى شك  و لكن لدينا مشكلة في التواكل عميقة جداً…

التوكل أن تستمر في عملك تُحسن الأخذ بالأسباب و تعمل جهدك و تفعل كل ما تعرف و بداخلك متوكل على الله ، أي أنك تعلم إن كان هناك خير فمن الله و إن كان هناك تقصير فمن نفسك … فتقوم بواجبك و تكل الباقي إلى الله …

والتواكل الذي أغلبنا يمارسه بإحتراف 
هو أن تهمل الأخذ بالإسباب و تترك العمل و تفعل الضروري الملح فقط و تترك البقية لتقول “لو في خير تو يجيبها ربي “
و لا يحصل ما كان سيحصل لو توكلت و عملت و بذلت
فتقنع نفسك الكسولة العاجزة بأنه “مافيهاش خيرة ربي ما جابها، ربي مش كاتب “

و هنا كأنك تقول 
ربي كاتب لي الفشل و الكسل و عدم الإنجاز ؟
وأنت تعرف ان الخير كل الخير من الله و ما كان بك من سوء فمن؟ نفسك …

لنتوقف لحظة 

و نتأمل في بشر مثلنا غير أن الفرق بيننا أنهم لا يؤمنون بالله و رسوله غير مسلمين لا يصلون إستخارة و لا يعبدون الله لا يستغفرونه بل يعصونه و يذنبون و ما بعد الكفر ذنب ، أي ليس هناك ذنب أكبر من الكفر بالله …

و تجد أن النجاح حليفهم و الإنجاز طريقهم و التطور سبيلهم

فما الفارق الآخر؟

الفارق الآخر يا حبيب القلب ... أنهم يُحسنون الأخذ بالاسباب … 

الأسباب التي أوجدها الله ليعمل الإنسان بها حتى يصل إلى إعمار هذه الأرض 

نحن؟ 
نضع البذرة في الأرض ونرشها ببعض الماء أو ننتظر المطر ليسقيها …

و في الأثناء ... ننام ...
لنرى من ثم المحصول الذي أنبته الله بلا شك ولكنه نبت بقدر أعمالنا … هزيلا 

عندهم  و عند من يحسنون الآخذ بالاسباب …

يختارون البذرة الأفضل أولا ... يهيئون التربة ... يضعون البذرة بتنسيق ... يرشون الماء بترتيب ... يداوونها و يحموها من إحتمالات المرض ... ينظفون حولها كي لا تعلوها نباتات ضارة ... وقد يغطونها كي لا تبرد و يرشونها زيادة كي لا تحترق ومع كل هذا … الله هو الذي ينبت نباتها ولكن ينبت النبات على قدر أعمال أصحابها 


فما الفرق هنا ؟ يا من تتواكلون ولا تتوكلون؟

كثير من لا يفهمون المكتوب من الله ... ويعتقدون أن المكتوب هم مجبرون به ولا يد لهم فيه و الله غالب على أمره 

وهل لديك شك بأن الله غالب على أمره؟

لا … و لكن ... الا تعلم أن الله سابق علمه؟
كيف؟
الا تعلم أن الله يعلم الغيب مستقبله حاضره وماضيه ؟
بالتأكيد لا شك فهو عالم الغيب و الشهادة … سبحانه 

الم تفكر بأن ما كُتب حتى يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار و العياذ بالله كتب بعلم الله السابق؟
أي أن الله يعلم ما الذي ستختاره أنت و أنا و جميعنا ... يعلم كيف سنتصرف وما سنختار و لا يعني ذلك أنه أجبرنا أن نفعل ذلك… لأننا أُعطينا الخيار في الحياة بعد أن أرانا الله وعرّفنا … الخير و الشر ... الكفر والإيمان ... و لنا وحدنا الاختيار…
من أراد الهداية هداه الله ... من تقرب من الله … زاد الله قربا منه … كالفتية أصحاب الكهف … أمنوا … فزدناهم هدى … تذكر؟

أم أنك تعتقد بأن الله ليس عادلا؟ حاشا لله هو العدل ... المطلق … 

فبرايك كيف يكون عدلاً أن أجبرك على أن تقتل أحداً و تزني و تكفر ثم أحاسبك عليه كله و أعاقبك بالعذاب في جهنم و العياذ بالله؟

هل يستوي الأمر؟ “يا ودي مش راكبه “

و لكن عجزنا ... كسلنا ... إهمالنا ... ضعفنا … تواكلنا … خمولنا …
قادنا دائما و يقودنا إلى إلقاء اللوم على القوى الخفية… القوى القاهرة التي لا قِبل لنا بها ...
فلان كلما عمل عملا فشل فيه…
عين أو سحر هذا ليس طبيعيا
فلانة لم تتزوج ... مسحورة محسودة لما يأتها نصيبها …
فلان مدمن مخدرات ... نعم اجتمعت عليه من كل جانب … 
لا … ليس لديه عقل و ليس لديه عزيمة لكي يترك الإدمان أو انه لا يأتيه من الاساس …
من لو تتزوج بعد لأنها لم يأتيها نصيبها … دائما نربط نسائنا بالنصيب رغم أن هناك الاف الطرق للزواج الحلال و لكننا نرفضها خوفا مما سيقول الناس … و التاريخ مليء بأمثلة تزويج الآب لإبنته … باختيار صالح

فلان حالته النفسية من نفسه من أعماله و أفعاله و هو معجب بأنه يكون في دور المسكين هربا من المسؤوليات فأصيب بحالة نفسية طوعية إرادية من نفسه و ليس مصابا بسحر أو عين أو حسد …


كفانا فشلا و قلة بحث و فهم لديننا والأمثلة أمامنا كثيرة ... 
لله سَنَن في الأرض تسري على كل إنسان …
حتى يؤمن إيمانا مكتملا على قدره ... عندها قد تتغير القوانين و يكون التسهيل من الله فيقرب إليه أعمال الخير و يبعد عنه السوء و يهديه ما يرضي الله عنه ...

راجع كتاب الله ... دائما وصف الإنسان بالعجول الهلوع وغيرها بإستثناء المؤمن المصلي و كان له إستثناء من صفات الإنسان من الجزع والهلع و الإستعجال و الصفات السيئة في أغلبها …

فكر “تربح” لا تقع في دوامة أنا مُسير أم مخير و الأمور واضحة بين يديك …
أنت مسير في عدم إختيار أبويك وإخوتك و المكان الذي تولد فيه و متى تموت و ما سيكون رزقك الذي تستهلكه منذ و لدت حتى تموت ... وقبل الولادة حتى … 

أما ... أن تؤمن أو تكفر؟ أن تبذل لتنجح أو تتكاسل لتفشل ، كيف تختار اسلوب الاسترزاق ليصلك رزقك المقسوم لك؟
حتى الزواج انت تختاره بنفسك ... بموافقتك أو رفضك 
لماذا هناك فتيات تخطب من عشرة رجال و ترفضهم بارادتها 
وتوافق على واحد منهم؟
آه تلك القوة الخفية القاهرة التي إسمها النصيب جعلتها ترفضهم جميعا لأن هذا هو من سيكون زوجها ... هل تعقلون ذلك؟

الأنبياء يزوجهم الله لأنهم مكلفون بأداء رسالة ... و لهم خصوصياتهم ... 
و لكن أنت و أنا ؟
نحن ضعاف إيمان و لم نصل مراتب تقربنا من صحابة الأنبياء ... تسري علينا سنن الله بأن نتوكل و نبذل الجهد و من ثم تأتينا النتائج … و قد يسخر الله لنا بحسب أعمالنا ما يقربنا منه … ليكون أن نتقرب نحن من الله فيتقرب منا أكثر … 
و مع البذل و الجهد و المحاولة و إحسان الأخذ بالأسباب ... منحنا الله الإستخارة لتكون عونا منه لنا بعد الجهد الذي نبذله ...
تصور أن يجلس الشخص ليستخير في إيجاد عمل
ولا يجده
لماذا؟
لأنك لم تتعلم متطلبات العمل و لأنك لم تذهب بحثا عن عمل 
ولأنك نائم في البيت تصلي الإستخارة … ليل نهار فقط … 
هل ستنفعك الإستخارة هنا؟
دون بذل للأسباب؟

خذ بالأسباب … بأي طريقة تناسبك … و ليناسبك الحلال أكثر من أي شيء اخر … فتحريك له … يعينك جدا … و يسهل لك الكثير … و كفانا تواكلا … فلم يعد لدينا وقت كثير …



شكراً…