مواقف ...

By 3/02/2016 10:52:00 م
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 




تسير في شارع فترى أحدهم يفتح باب سيارته بالقرب من مكان تجميع القمامة … يخرج كيسا أسودا و يلقيه على تلك الأكوام المتعالية من فضلات مجتمع يشتكي القل … 

تقف في صف طويل تنتظر كالبقية فيأتي أحدهم يصافح صديق له قديم يتظاهر بأنه يحادثه و يصافحه و يأخذ معه أطراف الحديث فقط ليحشر نفسه في مكان أقرب لشباك قضاء معاملته …

في إنتظار إخراج الخبز من فرنه ليتلقفه الأقرب فالأقرب بحرارته ليطمئن أنه طازج أكثر من الخبز الذي وضع في السلة منذ عشر دقائق فيتدافع الجميع في محاولة للحصول على الخبز غير مبالين ببعضهم البعض …

خرجت من منزلك فوجدت أن جارك قد ترك كيس قمامته قريب من باب بيتك وهو للتو قد خرج بسيارته من رأس الشارع…

ركنت سيارتك في مكان قانوني و دخلت إلى أحد المحال ، و خرجت لتجد أن سيارة أغلقت المسار ولم تستطع الخروج حتى أتى صاحب السيارة ولم يعرك إهتماما و ركب سيارته و إنصرف …

تحدث موظفا وأنت على شباكه واقف تريد خدمتك ، فلا يعيرك أي إهتمام و ينشغل في نفسه و عمله حتى تعيد الكرة مرات عديدة …
تعتبر أن الطريق لك ولكن يباغثك أحدهم فجأة ليقفز أمامك من شارع فرعي ولا ترى منه إلا غبار وأثر عجلاته … 

وغير ذلك من المواقف اليومية التي يمكن أن يتعرض لها أو يصادفها كل منا عندما يعيش في مدينة يطغى عليها نظام الغنيمة والبقاء لمن يملك أكثر من كونها مدينة يتعاون أهلها للعيش جميعا معا و تحقيق البقاء  … إلا من رحم الله بعقل و عد العدة للحياة الباقية ... 


و تراك مع كل موقف تغضب و تشمئز ، تسخط و تتمتم و ربما بأعلى صوتك تقولها ، يالهذا التخلف و الهمجية … و ربما تبدأ في سرد كل ما تعرف من شتائم و ألفاظ ترى أنها تليق بهكذا أشخاص يسمحون لأنفسهم بالتصرف هكذا تصرفات … محدثا نفسك أنك لا يمكن أن تفعل ما يفعلون و أنهم همج رعاع و متخلفون … وهم سبب ماأنت فيه و الكل فيه من فوضى و بدونهم كانت الحياة ستكون أفضل بكثير و أنت بالطبع بعيد كل البعد عن هكذا تصرفات و هكذا إنحطاط حسبما تصفه أنت و تقول في نفسك … الكثير الكثير من الكلام الذي يرفعك عنهم و يخفضهم عنك … و يبرر كل أفعالهم بأنهم لا يفهمون مثلك ولا يملكون الوعي الذي تملكه أنت ومن يجاريك فيما أنت فيه … 

و يا ترى … أيكم أفضل حالا من الآخر في هكذا حالات … 
هم … من تصرف بأسلوب تلقائي معتاد أصبح متعارف عليه و لم يعد مستهجنا بحجج كثيرة أغلبها واهية لا قيمة لها إلا تبرير نفسي لمن يقوم بما يقومون به … 
أم تصرفك أنت بإطلاق الشتائم و الترفع بنفسك عن الآخرين الذين قد يكون منهم من هو أفضل منك و أنت تستعمل إسلوب الشتم و السب و السخرية و تصف من تصف بالنعوت و الأوصاف التي و إن كانت كما تراها تليق بهم … فربما هي لا تليق بك أنت كي تستعملها أيا كانت الحجة … 

ألست أفضل منهم ؟ ألست أكثر فهم و أكثر تطورا و تحضرا و معرفة ؟
إن لم تقدك المعرفة و الحضارة و الفهم إلى أن تحسن التعامل مع الجميع بدون إستثناء … فأنت فاشل في إختبارها و لست تملك منها إلا بعض أجهزة جديدة تجيد إستعمالها و لغة تتحدث بها و ملابس ترتديها … وقد تزيد على ذلك ببعض تصرفات شكلية بجلوس في مقهى أو تدخين سجائر غالية … وقهوة كلاسيكية … 
فإن كنت تعلم حقا أن من علامات الوعي و الرقي أن يكون اسلوبك راقيا حتى في إنتقادك و منعك لتصرفات كالتي تراها كل يوم في الشارع أو نصحك بأدب … الحضارة والفهم و العلم و الإرتقاء الفكري … يعني أن تعذر الآخرين و تفهم حقا لماذا يفعلون ذلك و تبذل جهدك في أن تصرف طاقتك إما في تصحيح هذه الأخطاء بما تستطيع من نصيحة و توعية بلين و أخذ بهدوء … أو أن تهتم أنت بنفسك كي تكون قدوة لمن إستطعت أن تكون لهم قدوة ، سواء في إعتقاداتك أو تصرفاتك أو فيما تقوم به من أعمال أو تقوله من كلمات …

ولكن أن تنتقد السوء بما هو أسواء منه أسلوباً … فلا مبرر لك ولا حجة تبرئك … مهما كان فعل الآخر  … 

وقد لا يجعلك حقا قدوة يمكن أن يحتدى بها … فغريزة القاء عندما تحكم … لن يعرف الإبن أباه … 

و إن لم تتعلم بعد كيف تسطير على غضبك و إنفعالك كي لا تتفوه بكلمات لا تليق بإنسان … فحاول الإختلاء بنفسك و محاسبتها و تهذيبها حتى تستطيع التحكم بها و السيطرة عليها كي لا تسخر من أحد ولا تشتم ولا تستهزئ بأحد … ولا ترفع نفسك عن البقية لأنك لا تدري حقا … أيكم عند الله خير من الآخر … 


شكراً…
أكمل قراءة الموضوع...