الوباء

By 5/19/2009 03:11:00 ص
السلام عليكم ...

هذا الموضوع مهم جدا ، كتبه صديق و رأيت ان اقوم بنشره في مدونتي ...

اسميت الموضوع بالوباء ... عافانا الله و اياكم

الموضوع طويل جدا ، لذا ساقوم بنشره على عدة مراحل ،،، وسعة البال كويسة :) الموضوع طويل ولكنه يستحق كل ثانية من وقتك...

الموضوع

عدد سكان العالم اكثر من 5 مليارات ، اا أصيب واحد بانفلونزا الطيور ، ومات بسببه ، فان وكالات الانباء ونشرات الاخبار تنقل خبره وتهتم به ، فلم هذا الاهتمام العالمي بموت شخص مجهول في قرية نائية ؟ لأن العالم المتحضر يعلم ان ذلك المرض قابل للعدوي وللانتشار فيقضي على الملايين من البشر ، فربما تكون تلك الاصابة بالمرض هي الشرارة الاولى لانطلاق الوباء الفتاك ، فالعالم بمضرة الاشياء يفيد في اخذ الحيطة و الحذر ولا يسمح بالاهمال والتغافل ، ولا يوجد عاقل بعترض على هذا المبدأ . فإذا كان الامر هكذا فما بالكم بمرض فتاك جدا لا يهلك شخصا او عشرة بل يدمر المجتمع تدميرا اذا تفشى وانتشر .

واستطيع القول ان هناك الالاف مصابون بهذا المرض وللاسف نادرا ما نسمع بدعوات التحذير و التصدي لهذا الوباء المنتشر فالصمت والانكار وعدم المبالاء هي المسيطرة والسائدة في المجتمع الذي بدأ البواء في الانتشار فيه ، فلماذا نحن صامتون ومهملون وسلبيون ، ان الوباء يقرع ابوابانا وبادره موجودة داخل بيوتنا ومظاهره واضحة في شوارعنا وجامعاتنا واسواقنا ، فليس الوباء خافيا على احد ، ويكفيك ان تتحدث مع سائق اجرة خاصة عن هذا الوباء وهو انتشار رذيلة الزنا وستسمع منه قصصا واقعية يندى لها الجبين ويرتفع لها ضغط الدم ويهبط من هولها السكر .

فهل نحن امام هذا الوباء مصابون بالجهل والغباء ، وهل تدني الاخلاق لا يهمنا ، وهل فساد المجتمع امر تافه ، وهل ماتت الغيرة وهل غاب الايمان من وجداننا ، هل اصبحت حياتنا حيوانية الى هذا الحد ، هل اصبح قول الله تعالى في سورة الاسراء (ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا) 32. هل اصبح هذا القول لا يعنينا ولا يؤثر فينا ؟

هل اخذتنا الدنيا في متاهاتها الى هذا الحد المخزي الذي لا نحسد عليه ؟ والى اين سيقودنا الركض وراء هذه الدنيا صباح مساء ؟ ام لعل المبدأ الذي يقول ( اخطى رأسي وقص ) هو السائد في تفكيرنا وسلوكنا.

ان العالم المتحضر يأخذ اعلى درجات الحيطة والحذر بسبب اصابة فردي بانفلونزا الطيور وهو مرض يصيب البدن فقط ، اما وباء الزنا الذي يسبب الامراض الكثيرة والخطيرة للجسم وللنفس ولكرامة الانسان واخلاقه ودينه فلا احد يهتم به فكم في هذا العالم من العجائب والغرائب !

ساحاول التعرض بالشرح والتحليل و التحذير والتوعية فيما يتعلق بهذه الرذيلة الفتاكة بالمجتمع ماديا ومعنويا عسى ان يكون تنبيها للغافل وتعليما للجاهل وتذكيرا للعاقل ، ولنبدأ بداية بتعريف الزنا :

الزنا هو جماع " محرم بين الذكر والانثى بلا زواج ولا ملك يمين وفي وقتنا الحالي فان الجماع الحلال مقتصر على الزواج نضرا لعدم وجود ملك اليمين قال تعالى في سورة المؤمنون (والذين هم لفروجهم حافضون الا على ازواجهم او ما ملكت ايمانهم فانهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فإولائك هم العادون) 5-6. ومن تأمل القرآن الكريم يجد ان التحريم نوعان : تحريم الفعل فقط وتحريم الفعل والاقتراب منه .

واليك هذا المثال: هناك لافتة مكتوب عليهاممنوع الدخول ، فهذه تمنع الفعل وهو الدخول ولكنها لا تمنع الاقتراب من الباب ، وهناك لافتة اخرى مكتوب عليها ممنوع الاقتراب او ابتعد فهذه تمنع الدخول الى المنطقة الخطرة وتمنع ايضا مجرد الاقتراب وعادة توضع في الاماكن الخطرة جدا مثل محولات الضغط العالي للكهرباء التي تتطلب ان يبتعد عنها الانسان مسافة بضعة امتار ، وهكذا نجد في القرآن التحريم الشديد بعدم الاقتراب او بلفظ " اجتنبوا " يستعمل في الامر الخطيرة التي ينبغي للانسان ان لا يفعلها ولا يقترب منها اصلا لشدة خطورتها ، ومن ذلك قوله تعالى (فاجتنبو الرجس من الاوثان واجتنبو قول الزور) ومعلوم ان عبادة الاوتان وقول الزور من اكبر الكبائر ، ومن ذلك قوله تعالى (ولا تقربوا الزنا) أي ان الزنا في ذاته ممنوع وكذلك مقدماته والاقتراب منه بداية من النوايا السيئة والنظرة بشهوة وابراز المفاتن والاختلاط الماجن والخلوة بلا محرم ... الخ

ان الزنا حرام سواء كان مقابل مال او بالتراضي بلا مقابل او بالاكراه او تحت اي مسمى ، واثم الزنا يلحق من مارسه وحرض عليه ورضي به وروج له ويستثنى فقط حالة الاكراه ( الاغتصاب) حيث بكون الاثم على المغتصب وحده وليس على الضيحة بل ان الاسلام ينظر الى الضحية على انها مازالت عفيفة شريفة لان الامر خارج عن ارادتها ، بينما المجتمع ينظر اليها على انها صارت ملوثة غير شريفة وهنا يتضح الفرق بين الدين والاعراف والعادات .

ونلاحظ ان القوانين البشرية الوضعية تعتبر الزنا جريمة في ثلاثة احوال : اذا كان اغتصابا تعاقب المغتصب ، واذا زنى الزاني بقاصر تحت السن القانونية تعاقبه ، واذا كان الزنا على شكل البغاء الممنوع قانونا ، ولكن اذا تم الزنا بالتراضي وكان كلاهما قد بلغ السن القانونية ولم يكن فيه صورة البغاء و اوكار الدعارة فهو لا يعاقب عليه ! وهنا يتضح الفرق بين قانون الله ( الشريعة) و بين قانون البشر

ومن المفارقات التي تعودنا عليها ان المجتمع في عرفه وعاداته ينظر الى الزنا على انه قبيح جدا و عيب اذا قامت به المرأة اما الرجل الزاني فلا بأس عليه فالعار كل العار على المرأة وقد يقوم اهلها بقتلها او ضربها وحبسها في البيت بينما لا يواجه الرجل الزاني تلك العقوبات وعلى الاقل فعقوبته خفيفة ، بينما في الاسلام الزنا جريمة ومعصية من الرجل او المرأة ولها نفس الاثم و العقوبة ولافرق . ومن هنا تظهر لدينا مشاكل عديدة ، فنظرة المجتمع للزنا عموما ليست نظرة مطابقة للشرع وكذلك القانون الوضعي يجعل الزنا جريمة في احوال دون احوال .

ولو عدنا لعلم الاجتماع فانه يعرف المجتمع على انه جماعات مكونة من افراد لها مكان تعيش فه وتشترك في الاحاسيس والمشاعر والقيم ولها اهداف منسجمة وطموحات واضاحة ، ويعرفون ما هو المسموح به وما هو الممنوع عليهم . وبناء على علم الاجتماع فان مجتمعنا للاسف فيه خلل كبير في مفهوم المجتمع فهل اصبح مجتمعنا مجتمع افراد كل يغرد هواه أم هو مجتمع جماعات غير منسجمة هذا يحرم الزنا والاخر يسمح به وهذا يراه عيبا في المرأة وفخرا للرجل ... الخ

فاذا كان الافراد والجماعات غير متفقين ، واذا كانت العادات والتقاليد في واد والدين في واد والقانون في واد .. فهذا مجتمع مشتت له صورة وليس له معنى له قالب بلا قلب وهذه الخلخلة الاجتماعية تؤثر بشكل كبير في تحديد العيب و الممنوع في المجتمع وقليل من الناس من يدرك ذلك .

فنحن المسلمين مطالبون بعدم الاقتراب من الزنا فهل مجتمعنا كذلك ام ان القرب منه وممارسته وانتشاره امرا طبيعيا ؟

يتبع...