الثورة ... الهدف ... والنتيجة؟

By 10/26/2011 10:32:00 م

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 




نقيم الثورة للتخلص من الظلم ، نثور بلا تخطيط ولا سابق إنذار ولا تجهيز ردا على قتل و تنكيل ممن طغى ،،، يضحي الجميع بروح و مال و جهد ووقت و أطراف ،،، يتعذب الكثيرون و تنتهك أعراض و كرامات ،،، يتشرد أناس ويتغربوا ،،، لأجل إزاحة الظلم و الحصول على الحرية و الأهم أن تقام العدالة في بلدنا وبين أناسها ... الم يقل أن العدالة تتعارض مع الحرية ... ؟!

تركزت الأشهر الماضية في أذهاننا أكثر بكثير من العقود السابقة التي عشناها ، مختلطة بالكثير من الأحاسيس و المشاعر و الأفكار ... تركز فيها الخوف و الهلع و الأمل و البذل و الرجاء مع التضحية و الصبر و البحث عن العزة و الكرامة و الإباء ،،، كل ذلك و ما نعلم مما خضناه جميعا ، من اجل إيقاف التصرفات العشوائية و القرارات الهوائية التي أمطرنا بها كل ليلة و ما قبلها ،،، و رغبتنا أن نقيم دولة تُعتبر و يعتبر فيها الإنسان و يكون له الحقوق و الكرامة كما استحق لأدميته و إنسانيته وليس فقط لأنه ينتمي للأرض في بقعتها هذه أو تلك ،،، وليس لأنه ولد لبطن كان من نصيبها أن تكون شريكة لمن جلس على احد الكراسي أو ترك السؤال من المسؤولية و اخذ منها الأمر بالتنفيذ و الطاعة ... الحقوق لأنه مخلوق أتى إلى الدنيا مكرما يملك كل أحقيات العيش و التكريم و الترفع عن الاهانة ... الحقوق لأنه يمشي على الأرض التي من اجله خلقت وله طوِعت ... وان كان الكافر بربه يحصل على حقوقه في العيش من نفس و نبض و مطر لأنه خلق و أعطي فرصة العيش و الاختيار فما بالك بمن يؤمن بالله و يطيعه؟

وان كنا سنشيد تلك الدولة التي تكون فيها الحقوق مصانة فالعدل يجب أن يكون أساسها ، و علينا أن نبني الإنسان على ذاك الأساس فبدونه لن تكون لنا دولة إنما سيكون لنا مكان مليء بالجثث المتحركة التي تأكل و تشرب و تتكاثر و تنفق و تستهلك ،  و تكثر الحديث في أي شيء  و كل شيء ولن تحصل على معنى للحياة التي تعيشها ... فإنشاء الدولة لو لم يكن أساسه العدل ... فسلام على أهلها و سلام على دنياهم وأموالهم و حياتهم كما كان السلام عليهم فيما مضى من عقود ...

ولن يقام العدل إلا بالعدل ... أن تعدل في إقامة الدولة و حكومتها أن تعدل في إرجاع الحقوق لأهلها أن تعدل في القصاص من مجرميها ، في ردع منتهزيها و إطلاق حرياتها و قيودها بالتحفيز  و العقوبة ، بتوزيع كرم العيش على قاطنيها و جزاء العمل بالعمل وفي كل أحكامك و تصرفاتك كبلد كشعب كدولة كفرد ... أن يقام العدل بالعدل في الحقوق و الواجبات و فهم المطالب و إيفاء الاحتياجات

بالأمس ... كان الخبر العاجل الذي كنا ننتظره ... خبر غرق المعتوه معمر القذافي  و الذي كان اكبر بلبلة خبرية عرفتها من شدة تضارب الأنباء و كثرتها في ذات اللحظة جريح ميت أم حي ، كلها اختلطت بشكل لا يوصف و بعد التأكيد و كان الصيد ثمينا فقد وقع اغلب من كانوا على قائمة الظلمة لمن عاش في هذه البلد ، عمت الفرحة و البهجة بانتهاء حكم فرعون أذاق الناس الكثير نعم و أذل الكثير و شرد ... طيلة فترة وجوده ... فرحة لا توصف ولا يمكن التعبير عنها بالكلمات و لا يمكن حتى للصور أن تصفها ... فهناك من الرجال من بكى فرحا و الغبطة تغمر قلبه و كأنه ولد من جديد ...

وربما الفرحة بانتهاء حكمه أنستنا أو على الأقل بعضنا أن نكون أصحاب عدل في قضيتنا و الذي من شأنه أن يقوي جانبنا و يعطينا الصلاحية التي تمكنا من الاستمرار في نقاء هذه الثورة ... فنسي بعضنا أن يتصرف بما يمله إسلامه و فضل أن يتصرف بما أملاه عليه انتقامه.

من الذي عصى أمرا مباشرا من الله عز وجل بالسجود و استكبر و اعترض؟  أولم يتحصل سيد المعارضين و المتكبرين إبليس على فرصة وهو يعارض ربه ؟ أن أنضره الله إلى يوم الدين ؟ بعد أن أعطاه فرصة للحديث؟ كما تذكر الآيات في قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنْ السَّاجِدِينَ (11) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنْ الصَّاغِرِينَ (13) قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (14) قَالَ إِنَّكَ مِنْ الْمُنظَرِينَ (15) ) صدق الله العظيم

وما ذلك الا درس من العزيز الجبار بان القوة و القدرة لا يجب أن تنسيك العدل فيما قد مكنت ومنه تمكنت ... لا رأفة ولا شفقة في تحقيق العقوبة ... إنما يكون ذلك بالعدل في تطبيقها ... لتكون سيدا فيما فعلت.

انتهى القتال و أعلن ذلك على الملأ في بنغازي و في انتظار إعلان الانتصار الأكبر للثورة ببناء دولة العدل التي سيكون للجميع فيها حقوق متساوية كل حسب قدراته و ما قسم له .

تهنئة لكل من ذاق ظلمه و عايش عهده و لكل من أحس بمعاناة أهلنا في أي مكان في العالم ... تهنئة لمن ضحوا بأنفسهم و أموالهم و أرواحهم و أوقاتهم ... تهنئة لكل من بذل ولو لحظة من حياته لتحقيق هدف التخلص من حكمه ... و نسأل الله البركة في ختام هذه الثورة كما باركها و يسرها منذ بدايتها ... ولولا الله لما تحقق لنا ما نعيشه اليوم من فرحة بانتهاء و غرق فرعون القرن العشرين ... افرحوا أهلنا و زغردن يا نسائنا ... و شمروا عن سواعدكم يا شبابنا ...



تكبير ... الله أكبر


أكمل قراءة الموضوع...