خطبة جمعة... أخرجوا الدين من المساجد

By 6/24/2018 10:41:00 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 



الحمد لله ثم الحمد لله

الحمد لله نحمده ، نستعينه ونستهديه ونسترشده، نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا
اللّهم صلِّ وسلِّم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيّدنا محمد  صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أوصيكم أيها المسلمون ونفسي المذنبة بتقوى الله تعالى في السر والعلن.

إخوتي في الله...

لعلكم تحفظون الخطب لكثرة تكرارها وتكرار مواضيعها حتى بات وكأن أغلبنا يحضر إلى المسجد ليرفع الحرج عن نفسه بأنه أدى فريضتها.

ولكن هل حقا نخرج من الجمعة بدروس تحفزنا لنكون إلى الله أقرب؟

أم أننا نعيش الإيمان واللطف والحنية في المسجد ونتركها عند الباب لنستلم طبعنا الحقيقي الذي نعيش به بين الناس؟

يقول الحق سبحانه وتعالى في كتابه العزيز الذي بات رمزا للهدية في مناسبات لا ترضي الله ورسوله ، وزينة للمكتبات في بيوتنا ونهجر العمل به سائر أيامنا إلا من رحم ربنا...
بسم الله الرحمن الرحيم

(  اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)) 

 بالله عليكم يا إخوة الإسلام... 
إنا نوقن أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ، وليس منا من يجهل معنى الفحشاء والمنكر والبغي...
ولكن ماذا نقول عن المصلين أصحاب القلوب الرحيمة داخل المساجد والساخطين على الناس خارجها؟ 
ماذا نقول عن من يصلي صلاته في وقتها ولكنه يغلق الطريق بركن سيارته فلا يعطي الطريق حقها؟ 
ماذا نقول لمن يصلي ويعادي جاره وليس من جيرانه من يأمنه؟
ماذا نقول لمن يصلي ويسيء لأهل بيته؟
ماذا نقول عن من يطلق لسانه بالسباب واللعان وهو يصلي خمس أوقاته بالمسجد؟
ويطفف ميزانه أو يتأخر عن دوامه؟
ماذا نقول لمن يصلي ويهمل تربية بناته وأبناءه ومتابعتهم وتنشئتهم بالحلال يرحمني ويرحمكم الله.

تظنون أن ما نحن فيه اليوم من حال مرتبط بالساسة وتقصيرهم أو بمؤامرات خارجية تحاك لنا؟

والله إن ما يحدث لنا إنما نتاج ما كسبت أيدينا وبإستهانتنا بأكل الحرام وتبريره وسرقة المال العام وأكل مال اليتيم وظلم الأخوة والأباء والجيران...
ناهيك عن تشتت كلمتنا وتفرق وحدتنا فكان هواننا على الناس ...

ترون كيف أنكم تلينون بيد بعضكم البعض في المسجد عند الصلاة. 
و ترون كيف يعين بعضكم البعض في وضع المصحف مكانه عند بداية الخطبة.

وترون كيف هي قلوبكم الآن خاضعة هادئة لأنكم في حضرة المسجد ستقفون بين يدي الله في صلاتكم، و تنسون أنكم بين يدي الله طوال حياتكم وأنه يراكم من حيث لا ترونه وأنكم محاسبون على كل فعل وحركة وتصرف ولقمة تدخلونها جوفكم وجوف أبناءكم، كما أننا نحاسب على عدم إطاء الطريق حقه، وعلى تأخير حاجة الناس ظلما وجورا وكسلا... ونحاسب على نظرات الحقد التي نتبادلها بيننا وبين بعض وقد وأدنا الإبتسامة إلا من رحم الله.

إخوتي في الله ، لنخرج الدين من المساجد والمناسبات ومن القوالب التي فرضناها عليه وحشرناه فيها ، فديننا دين حياة ودين رحمة ولن يستقيم الحال إلا بأن تكون حياتنا وأعمالنا وعبادتنا لله وحده، ولن أعيد على مسامعكم ما حفظتم من كلمات ، ولكن أذكركم ونفسي أن الله سبحانه سن سننا في هذه الحياة ، فمن إتقى الله وعمل وإجتهد وأخذ بالأسباب وأحسن الأخذ بها فإنه بإذن الله سيحقق ما يريد، ومن تواكل وإنتظر الفرج فيما صنع لنفسه من ضيق دون عمل فسيبقى في إنحدار دائم حتى يتحرك ويبذل جهده ويقوم بواجبه اللازم له.

فكر يرحمك الله أن دينك في قلبك يجب أن يسيطر على حياتك وإلا فإنك ستكون عبدا للعادات والمادة وما يقول الناس وتخشاه أكثر من خشيتك الله والعياذ بالله. 
لنخرج من المسجد اليوم وعزمنا على أن نأخذ الدين معنا ولا نتركه في عند الباب هنا، وأن نطبق اللين والتراحم بيننا في الطرقات والأسواق والمؤسسات والإدارات والأهم في البيوت مع الزوجات والإبناء والبنات، فإن لم تفعلوا أنتم ذلك سيفعل غيركم وتخسروا دينكم ودنياكم والعياذ بالله.
أعاننا الله وإياكم على عيش ديننا في كل تفاصيل حياتنا حتى نلقاه 

((يَا عِبَادِي, إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ, وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا, فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ)).

 ...أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم...

إستغفروه يغفر لكم



الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئُ مَزيده، يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلالِ وجهك ولعظيم سلطانك.

إخوتي في الله 

إنتماءنا لهذا الدين العظيم من أعظم نعم الله علينا، ولا يجب ان نألفها وننسى أنفسنا في خضم الحياة المادية التي بتنا نعيش... 

وباتت تسرق منا أيامنا ، ولابد أن نعلم أن الدين وشرائعه هي تنظيم لحياتنا وحل مشاكلنا إن فهمناه فهما صحيحا دقيقا.

يحكى أن يهوديا أراد أن يستهزئ بأحد المسلمين فقال له 

ألا يقول كتابكم أن ما فرطنا في الكتاب من شيء؟

فقال نعم بالتأكيد 

يقول الله تعالى في سورة الأنعام ( وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) ) 

نعم وبناء على ذلك هل لك أن تريني من كتابك ، كم لكيس الدقيق أن ينتج من أرغفة الخبز؟

فقال المؤمن بالتأكيد ولكن أعطني بعض الوقت... 

فقال اليهودي هازئا واثقا أنه لن يجد له الجواب من القرآن، خذ الوقت الذي تريد...

بعد أقل من ساعة عاد المؤمن لليهودي وقال له كيس الدقيق يصنع مائتين و خمسين رغيفا...

فضحك اليهودي وسأله أرني هذا من كتابكم... 

فقال المؤمن الواثق الذي فهم القرآن ومقاصده ومعانيه فهما أنار الله به قلبه... إقرأ قوله تعالى 
في سورة النحل الآية ثلاثة وأربعين 
 (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43) )) 

فسألت الخباز وأخبرني بخبرته عن الإجابة وأعطاني الكثير من التفاصيل ولكني إختصرت لك الجواب...

هكذا يجب أن نفهم القرآن و نعرف كيف نستنبط منه ما يفيد حياتنا، وكل ما نحتاج هو أن ننصت ونعي ونعقل ونفهم ولا نهمل عقولنا ونشغلها بشهوات الدنيا الزائلة... 

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾
﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8].



﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286].


عباد الله

إنَّ الله يأمُر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القُربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغْي، يعظُكم لعلَّكم تذكَّرون، وأوفوا بعهد الله إذا عاهَدتُم، ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها، وقد جعَلتُم الله عليكم كفيلًا، إنَّ الله يعلم ما تفعلون.

واذكُروا الله العظيم الجليل يذكُركم، واشكُروه على نِعَمِه يزدْكم، ولَذِكرُ الله أكبر، والله يعلَمُ ما تصنَعون.

شكرا...

أكمل قراءة الموضوع...

لما يحارب القرآنيون أنفسهم؟

By 6/19/2018 11:45:00 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 




القرآنيون ... يقولون أنهم يأخذون فقط بالقرآن ولا يعترفون بالسنة وما ورد فيها من أحاديث...  ويتهمون الآخذ بها أنه يخترع لهم ما لم ينزل به الله من سلطان... 

ولكن اذا ما أخبرتهم أن القرآن هو من أمرنا بأن نأخذ ما يأتينا به الرسول ونترك ما ينهانا عنه، وأن الرسول لا ينطق عن الهوى إن هو وحي يوحى، أي أن النبي وكل ما نها عنه و أمر به هو من أمر الله ، والكثير من الآيات تربط رضا الله ورسوله وأمر الله ورسوله بعضها ببعض تأكيدا أنه لا ينطق عن الهوى.

فما المشكلة؟
ولما تفك الإرتباط بين ما قال الله أنه واحد؟ 

بعض الأطعمة التي نحبها تحدث تهيجا فينا ويظنها الجسم ونظامه الدفاعي هجوما عليه فيأخذ في محاربتها والقضاء عليها ظنا منه أنه حقا يخلص نفسه من عدو مهاجم. 
وهذا يحدث أحيانا مع أكثر الأعضاء حيوية في الجسم مما يؤدي إلى الوفاة السريعة أحيانا ومن الذي قتله؟
خوف نفسه عليه من نفسه وما يفيده قتله... محاربته لنفسه من نفسه فيها قتله... 

ولن تحل هذه المشكلة مع جهاز المناعة إلا إذا أقنعنا الجسم بأن ما يحاربه ليس مهاجما معتديا وليس جسما غريبا وليس ضارا بك ولكن الحقيقة فقط أنه أخذ شكلا مختلفا جعل منه يبدو كعدو لك لأنك لم تنظر له بعين متفحصة وتتعرف عليه... 

فما يحاربه القرآنيون حقا هو فهم بعض أهل العلم أو المتعالمين أو المحسوبين على العلم الشرعي والمالكين لأسماء لامعة مشهورة بسبب إمتلاك أدوات إعلامية واسعة لمن يدعمهم وحديثهم بكلام لا يفهمه الناس وكله مغلف بقال الله وقال الرسول، مما أدى لتصديقهم خاصة أنهم وجدوا فئات فارغة العقول لم تكن تعلم ماهو الدين وسمعت كلاما كبيرا عليها مفاده قال الله وقال الرسول فتشبعت بها وتشربتها بما فيها من أفهام أصحابها إن أردنا التخفيف من وطأة الكلمات. 
فهل ما يتداوله الناس من مفاهيم هي حقا قول الله ورسوله أم هي متداولة بما فهمه أهل العلم وأوصله للناس؟ وهل المتداول كله فهم صحيح؟ أم أن الفهم يحتمل كل الأوجه؟ 

كونها قول الله ورسوله فالقرآن لا شك فيه ولا يمكن تحريفه...

وكذلك السنة الأصيلة التي هي ذكر من عند الله ووحي يوحى محفوظة من الله ولكن هل ما تفهمه عن حديث ما هو حقا المقصود من ذاك الحديث؟
ولعل محاربة القرآنيين النابذين للسنة نتج عن محاربتهم الأفهام الناتجة عن محاولات أو إجتهادات " وإن كان الإجتهاد مرتبة عالية جدا لم يصل إليها في زماننا أحد أو لنقل إلا من رحم الله " أو حتى ترجمة لفهم كما فهموا؟
هناك أصول علمية دقيقة كأي علم من العلوم لفهم وتفسير وإستنباط الأحكام وتطبيقها على الواقع. 
فالفقه علم والحديث علم والتفسير وإن كان القرآن لا يفسر فكلمة التفسير تعني إتيان المقصود الحق من الكلام وهذا شيء لا يستطيعه إلا الله وإن كان لأحد أن يفسره لكان النبي ولكنه لم يفعل. 
 
ولأن بعض الأفهام خالفت المقصد من الحديث أو الآية فضيقت على الناس حياتهم وإعتبرت من لم يأخذ بهذا الضيق ضالا ومن أخذ على دينه كجمرة قابض،  فإن المعادين والمبتعدين عن هذه الأفهام وعن الدين عامة وكما في حالة القرآنيين عن الحديث بشكل عام والتمسك بالقران فقط وتغاضيهم عن ما في القرآن من حث على أخذ ما أتى به النبي الذي يتحدث بوحي وليس عن هواه.
 
إنما يعادون أنفسهم بظلم النفس بالإبتعاد عن الوحي بسبب فهم البعض فهما إعتبروه هو الأصل في الحديث وليس الحديث نفسه بما فهمه غيرهم دون فرضه على أحد، وقد يكون السبب في ذلك هو الشهرة للبعض دون غيرهم ممن إشتغل في هذا المجال.
فهم حقيقة يعادون فهما خاطئا أو لنقل أحد أفهام الأحاديث والآيات التي عبر عنها أصحابها وإن لم يكن يوافقهم عليها الجميع، ولقلة العلم أصروا عليها وحاربوا من أجلها وضللوا وبدعوا من يخالفها وهذا في حد ذاته إبتعاد عن منهج الدين ومنهج الصحابة ومن تبعوه رحمة للعالمين أرسل... 

وهو من الأخطاء الفادحة التي يمكن لإنسان أن يرتكبها. 
وأمثلة على أختلاف الأفهام كثيرة فمنهم من أغلى التأويل في آيات وأحاديث معينة مما أدى به للخروج بمعاني وأفهام مختلفة تماما عن ما يمكن للعقل أن يستوعبه وبالتأكيد هناك حل لمسألة العقل أن الدين يؤخذ بالنقل وليس بالعقل وهذا تحجيم للدين أيضا وليس صائبا كما وصف أهل العلم أيضا، فلا يمكنك فهم القرآن إلا بفهم اللغة ومعاني الكلمات ومقاصدها... وإن أخذت النصوص على ظاهرها دون تأويل فإنك ستقع في إشكالات كثيرة فتجد أنك مضطر للتأويل في جانب وتلغيه في آخر...  فمثلا
حديث رسول الله ﷺ القائل: ينزل ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى ينفجر الفجر[1] متفق على صحته.
هنا إن لاحظت هناك إتفاق على صحته كما ذكر ولكن هل هناك إتفاق على معناه؟ لا ليس هناك إتفاق على معناه ولكن المشهور والمنتشر أكثر هو... 
فهناك قول بأن هناك نزول يليق بجلال الله وليس مثل نزول البشر فالله ليس كمثله شيء، وهو فهم على الظاهر دون تأويل ، فهناك كلمة نزول إذا هناك نزول لا نعلم كيفيته. 
والقول الآخر في ذات الحديث، وهذا ما يجب أن يفهمه الجميع بوجود أقوال وأفهام مختلفة لذات الحديث وهو أن الحديث يبين بركة الثلث الآخير من الليل بمعنى أن الله قريب كما يذكر في حدث " ( عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء } . رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي ) . 
فالثلث الآخير من الليل في السماء الدنيا كل دقيقة ربما أو كل ساعة، فالتعبير بالنزول إنما هو علامة بركة تلك الساعات من الليل التي يستحب فيها الدعاء. 

وَمِمَّا يزيد التعقيد أن أصحاب الرأي الأول يعتبرون من يستعمل عقله في هكذا مسائل مخالف لأن الدين بالنقل وليس بالعقل والله يخبرنا في أكثر من موضع في القرآن الكريم أن نستعمل عقولنا ونتدبر ويعيب على من لم يستعمل عقله ولم يفقه ويفهم... 

مثال آخر في قول الله (( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10) ) الفتح
الفهم الأول أخذ الكلام على ظاهره وجعل لله يدا كانت فوق أيديهم عندما بايع الصحابة النبي . وبهذا أثبتوا لله يدا ويقولون بأن الله أثبت لنفسه ذلك ونحن نؤمن به كما جاء ولا نؤوله ولا نبحث له عن معاني أخرى. 
والفهم الآخر فهم المعنى والمقصد أي أن الله مبارك لهذه البيعة مؤيد لها واعد لمن بايع الجنة لأنه بايع الله كما بايع النبي. 
خاصة ان هناك آيات اخرى تذكر أيدينا بالجمع وليس يد واحدة فقط وهناك آيات تأتي بأعيننا وغيرها من الآيات.
 
الأمثلة في ذلك كثيرة جدا وفي الكثير من النواحي التي أثرت في الحياة بأخذ شكل من أشكال التأويل أو منع التأويل، أن تأخذ بالظاهر في النص أو أن تأخذ بمقصد النص.
من أهل العلم من لم يحارب الرأي الآخر في أن تأخذ بظاهر النصر وهو ما ينطبق على الإجتهاد في إن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر... ولكن هناك من إختار تبديع وتضليل وتفسيق وإفساد عقيدة من لم يقل بفهمه هو، وكما سلف هم من لديهم الإعلام وكثرة الإنتشار ودعم مادي قوي جدا لينتشر رأيهم عن الآخر حتى ظن الناس أن هناك رأي واحد فقط لا سواه وهذا هو الدين وهذا هو كل شيء وليس هناك باب آخر فكانت المعاداة بشتى الطرق، فمن الناس من خرج عن الدين غضبا وهو الخاسر ومن الناس من إختار الإنفلات من السنة والأحاديث دون بحث عن صحيحها وضعيفها وتأويلها وأقوال العلماء المتنوعة وأيها يصلح دليلا وأيها لا يصلح دليلا وأيها لا يرتقي للأن يؤخذ به أيها لا يرتقي وهو علم واسع، وضرب بها جميعا عرض الحائط معترفا فقط بالقرآن وهو أيضا يحارب نفسه... فجوابه في القرآن موجود. 

فما يفعل الأطباء بمن حارب جسمه نفسه؟. 
يحاولون إقناعه أنه يجب أن يفرق بين العدوى الحقيقية وبين ما هو صالح وسليم وجزء منه لا يتجزأ... إنما هو بحاجة للنظر إليه من زاوية أخرى... 

كما يجب على الإنسان أن يبحث عن الحق بمفاهيم صحيحة، وإستنباط صحيح من مصادره التي قد لا تكون مشهورة ولا متداولة، ولا يأخذ رأيا واحدا يفرض نفسه ويسخف غيره من الآراء على أنها جميعا خاطئة وهو فقط صحيح، مع التأكيد على أن هذا في حد ذاته مخالف لدين الله محاربة له واضحة، وبدلا من ترك الأمر كله، إرجع للحديث وإبحث عن أقوال غيرهم من العلماء وما إتفقوا فيه، فإقرارك بأن العلم ليس له أهل غير فئة واحدة في حد ذاته يبعدك عن العلم ويخرجك من دائرة الباحثين الراغبين حقا في الوصول لنور الفهم والعلم. 
وإن بحثت وتمهلت وإستعملت عقلك وقلبك فإنك ستهتدي لفهم صحيح ونظرة أكثر وضوحا لأحاديث خير البرية التي حفظها الله بحفظه للذكر وما يكمله مما أوحى لعبده. 

فلا تحارب نفسك وإبحث وإعمل عقلك ولا تسلمه لأحد، فالعلم له أصوله واللغة لها أصولها والحديث له أصوله... وإن نزعت اللغة من كل ذلك فستتوه في طريق وعرة... ومن رحمة ربنا بنا أن هناك إختلاف آراء ... فلا تتمسك برأي وتضر نفسك بمحاربة الأصل وأنت ترفض الفهم. 

شكرا... 



ملاحظة: الصورة ليس لها علاقة بيوم الجمعة


أكمل قراءة الموضوع...

التاريخ ... وبئسا للوطنية

By 6/13/2018 06:53:00 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 



قد تكون ممن سمع أو قرأ عن إنقسام الأمم فيما سبق من عهود... وما قام من حروب بين الأخوة وأبناء العمومة...

ولكنك لم تعش شيئا كهذا من قبل، وها هو يحصل أمامك كل يوم...
تقسيمات بأنواعها ، تزرع الكره بين أبناء العمومة والرحم الواحد، هذا يؤيد جهة وآخر يؤيد أخرى وكلاهما يلقي بصاحبه إلى الجحيم ليصليه سعيرا بما يظن أنه حق وما يظن أنه باطل... ويكبر الله على ذلك!

الأمل في الهدوء وعودة الأمن للأرض التي فيها تعيش وإطمئنان الناس وسعيها للخير والفرح بالماركات العالمية ووجودها في البلاد والشركات الأجنبية التي ستوظف الشباب إلخ... منعش ولذيذ ولكن الواقع الذي نصنعه نحن اليوم...ونغذيه بما في أنسنا من عجز ومرض، "إلا من رحم الله" يشير إلى غير ذلك... وعش أنت ولا تمني نفسك بالأجيال القادمة.

لم يكن للمسلمين يوما أن يهزموا من عدو خارجي، إلا أن يخون بعضهم بعضا... وربما الأجدر أن نقول المؤمنين...

اليوم أنت تعيش التاريخ الذي عنه سيقرأ من يعيش بعدنا كما قرآت أنت عن ما كتبه من قبلنا... والآن تساهم في صنعه ... فتراكم الأفكار وتراكم الضغائن وكره الآخر وتحويل كل شيء إلى نحن و هم... هناك وهنا... الإفضلية لنا والسوء لهم من كل جانب...

يقول أحدهم... "ماعمري تخيلت ليبي يقتل ليبي هكي... "

عجب عجاب هذا القول أستغربه وأستهجنه... وإستغرابي مبني على قول "ليبي" فهل بتنا ليبيين قبل أن نكون مسلمين؟ وليبيين أكثر من كوننا مسلمين؟ هل هناك ليبيا في الجنة أو في النار؟

الإسلام هو ما جمعنا فهل فرقتنا البلاد و الجنسيات؟

بئسا للوطنية وبئسا لمن يطبل لها وينادي بها وبئسا لكل من جعل دينه مرتبة ثانية أو ثالثة من أجل رزق هو له مقسوم...
تبيع دينك بعرض من الدنيا؟ وماذا ستجني من وراء ذلك؟
لن تستفيد في الدنيا ولا الآخرة... إن كنت تبيع آخرتك بعرض من الدنيا...

إن قيل لك سابقا أن شخصا في حيكم يقتل جاره كنت ستستنكر...
والآن إن قيل لك أن أرضك ستتشتت... ستستنكر...
واليوم أنت ترى الأخوة يتقاتلون ويستشفون من دماء بعضهم البعض... من أجل دراهم وجنيهات...

وتجد لذلك تبريرا وتكبيرا وتهليلا... وفرحة أيضا؟

أعتزل الفرق كلها... لا أؤيد أحدا يضرب بدينه عرض الحائط أيا كان هدفه وأيا كانت شعاراته...ولا من يستعمل الدين ويتغنى بإتباع السنة وأنه من الفرق الناجية يزكي نفسه على الله ، و لا تهمني ليبيا ولا تهمني الأرض ، فكما أنني عبد من عباد الله أسأل الله أن يستعملني في الخير لما يرضيه عني ويتجاوز به عن سوء أفعالي... فإنني لا أعترف بوطن ولا أعترف بأرض تخصص لي ولدت فيها أو عشت فيها، بل أرض الله واسعة كلها متاحة لي إذا ما أردت التنقل فيها بما إستطعت... فلم نخلق في هذه الدنيا لنحارب من أجل الأرض بل خلقنا لنعبد ربنا ورب هذه الأرض...

ومن لم يتعلم الدرس بعد ليعد إلى الله... فهذه نصيحة وهذا تذكير...
أفق يرحمك الله وإرجع لربك وتب ... فوالله إن عذاب الله شديد، ووالله إن لفح النار والعياذ بالله لشيء عظيم ... عذرا ولكن لا أستطيع تخيل الأمر وأعوذ بالله منه فلا قدرة لي على العذاب ولا أظن أن هناك من يستطيع الصبر عليه دنيا وآخرة...

(( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (41) )) الروم

فهل لنا أن نرجع يرحمني ويرحمك الله؟

لا يجب أن نكون حمّالين للحطب لنكبر نارا نقلى فيها بزيت نفط أرض لم نختر أن نولد فيها...
إعتزل الفرق كلها...

شكراً...
أكمل قراءة الموضوع...

الرقص على عزف الألم...

By 6/07/2018 12:00:00 ص
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 




كم يروق لنا نحن "البشر" أن نضغط على أوجاعنا ونعيدها على مسامعنا ونكرر، كمن يستجدي أمه عطفا وحنانا لا يعرف مصدرا له إلا هي...
يروق لنا بتنوع جنسياتنا ولغاتنا وثقافاتنا وعاداتنا لفعل ذات الشيء، أن ننظر للجانب السيء في كل شيء مالم يكن هذا السيء فينا نحن ونحن سببه... وإن كنا نحن سببه الأصيل، فإننا نزيد في علو الصوت بالتقليل من شأن كل ما حولنا حتى يقع الجميع في موقع المدافع بدلا من موقع المصلح المنتقد لنفسه لأجل التصحيح والتحسين...
فيتعمق السوء ويصبح عادة ويتقبلها الناس وتكون كالعبادة... لا تترك والعقل الباطن يقول إن تركتها تخون آباءك وأجدادك... وتخون العهود فتكون من الخاسرين.

كم يروق لنا الإنسا مع الوهم الذي يريح أنفسنا ويهدئ من روعنا الراكض خلف نفسه يلاحقها يستجديها أن تتركه لحال سبيله يستمتع في هذه الدنيا بهدوء وهي إلى ما تلذذت به تجره وتزين له الجحيم ليدخله مهلالا مصفقا...

ننجذب للمأسي والآلام كإنجذاب الإطفال نحو الحلوى...

وهذا هو "شن بدير هي ... أصلا مافيهم خير ... واقعدوا فيها..."

فشلنا كجماعة أن نعيش بسلام... وجِد من يُلجم الجميع ويكبحهم أو لم يوجد... قوة قاهرة ...بعنف، أو حتى محبة صادقة... بلطف.

فشلنا ... وهذا ما يحب أغلبنا سماعه فصب الملح على جرح عميق يزيده ألما ويزيدك إستمتاعا بذاك الآلم وصيحاته... وأننا في الفشل نبتت جذورنا وما سينتج الفشل إلا الفشل عندما لا يفكر أصحابه إلا في الإستمتاع بهذا الفشل مادامت البطن شبعة ... والفروج شبعة... والطوفان آت لغيرنا لا يهم...

ولا ننسى أننا نطرب مع فشلنا هذا في الإستماع لنجاحات الآخرين وتخطيهم كل العقبات التي نعانيها، وإجتماع كلمتهم وخلقهم لبيئة صالحة للعيش جاذبة للإبتكار مهيأة للنمو والتطوير وتوفير الراحة لمن أراد العمل أو الإسترخاء... يا الله كم نطرب بوضعهم هنا فوق وسحقنا هناك في القاع... وكيف وصلوا؟
بإجماع الكلمة على المصلحة المشتركة... وترك الخلافات جانبا حتى تحقق المشترك... حققته الحكومة وحدها؟ حققه شخص بذاته؟
أم أن الأشخاص مع تغيرهم إستمر قاربهم في المسير لأن الجميع يجدف في نفس الإتجاه ولا أحد يعاكس المجذفين ويوسعهم ضربا ليجذفوا في إتجاه يريده هو كما يعارضه الآخر في إتجاه التجذيف...

نرقص في مركبنا على أنغام الآلم ... و عزف الوجع... ومجاذيفنا على رؤؤس بعضنا نكسرها... و الشمس حارقة والملح كسا الجروح... والشاطئ لنا من بعيد يلوح... أن إعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا...

ولكن نومة العشية عسلية... وكوب الشاي يعدل المزاج والقهوى إدمان والحب والعشق توهان... ومن يملك المال لا يعاب في شيء...
ولرتفع صوت الوجع فالرقص والطرب من شيم الرجال... الذين يفتخرون بمقاعدهم هم فقط في ذاك القارب المتهالك...

إرقصوا وإفرحوا وغنوا... فمازال الآلم يكتوي بحرقة الشمس وملح البحر...


إلا من رحم الله ...


شكراً...




أكمل قراءة الموضوع...