إنها مؤامرة يا أبو سالم... مؤامرة

By 10/03/2016 09:12:00 م
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 



عشنا سنين طويلة و نحن نسمع أن الماسونية والصهيونية والقوى الخفية تتحكم في العالم من خلال أمريكا لتنفيذ كل ما تريده دون إعتراض من أحد، وأن كل ما يحدث في الشارع العربي بالذات، ماهو إلا نتيجة مؤامرة تحاك في الخفاء “ولم تعد خفية في الحقيقة فالكل يعلم تفاصيلها الآن فنحن في عصر المعلومة” لإضعاف المسلمين والعرب بالذات، لكي لا تقوم لهم قائمة، ففي باطن أذهاننا أن العرب إذا قامت قائمتهم، سيحكموا العالم كما فعلوا من قبل”وإن كان من حكم العالم سابقا هم المسلمين وليس العرب”، وهذا ما عُلِّمنا ونحن صغار، و نسي من زرع هذه الفكرة فينا أن العرب لن تقوم لهم قائمة إلا بما قامت لهم به أول مرة… وبما أنهم لم يلتزموا المنهج الذي أعزنا الله به … فها هم يحاولون منذ زمن بعيد أن ينهضوا و تقوم قائمتهم بغير ذلك دون فائدة، ولكن لماذا؟

ألم تسمع؟

لأنها مؤامرة مُحكمة، منعتهم حتى من إلتزام منهج الله و السير على طريقه، مؤامرة أهلكتهم و أجبرتهم على الخضوع والفشل ولم يجد أيا منهم من سبيل للفكاك إلا أن يترك كل شيء و يتابع تطورات المؤامرة ليعرف إلى أين أوصلته، ويبحث في الأثناء عن رغيف خبز غير مرغّد في التراب،  ولكن حتى التراب كان مشاركا في تلك المؤامرة التي لم يسلم حتى البيت العربي من جرائرها في السياسة أو الحياة العامة والخاصة على حد سواء، فها هي أم سالم لم تهنأ بحياتها مع زوجها بسبب المؤامرة العالمية التي أثرت على عقل أبو سالم ليقع في هوى جارتهم الشابة التي أثرت فيها المؤامرة التي تحاك في المحطات العالمية، فضاقت ثيابها وقصرت وأطلق العنان لشعرها وإهتزت بذلك عضامها … مؤامرة عميقة جدا مترامية الأبعاد شاهقة العلو تدبر في ظلمة ليل… 
وها نحن في كل جوانب حياتنا نعيش نتائج المؤامرة التي لم تنتهي ولن تنتهي حتى يباد الجنس العربي و يموت الإسلام في كل بلد عربي و يستبدل بقشور المناسبات والإحتفلات الدينية التي لم يبقى فيها من الدين إلا الإسم في غالب الأحيان. كما قال جار أبو سالم الذي يقضي وقته عند ناصية الشارع يقرأ الجريدة…

فهل حقا هناك مؤامرة تحاك ضدنا؟

لنُسلِّم بالقول أنه هناك مؤامرة حقيقة من قبل قوى خفية، وإذا ما وقفت موقف الآخر، ألا توافق أنه يحق له أن يعمل من أجل تحقيق مصالحه؟ بما يتماشى مع مبادئه وقناعاته حتى يحقق ما يريد و يصل لأهداف رسمها لنفسه؟ ألن تكون منصفا حتى تقول نعم يحق لكلٍ أن يخدم القضية التي يريد و يجلب المصلحة لنفسه؟

و ربما هذا هو قانون الحياة، فكل إنسان يسعى لجلب المصلحة لنفسه كما يراها من زاويته، و هذا أمر مبرر في الواقع من الجميع، فمن لا يفعل ذلك؟ بمبدأ كل غاية لها أن تبرر الوسائل المتاحة للوصول إليها، وإن شئت انظر إلى أبو سالم و الأساليب التي إستعملها للوصول إلى إبنة الجيران بإعتبار أنه رأى أنه من مصلحته أن يفعل ذلك، وأساليبها هي التي جذبته هو إليها أثناء محاولتها لفت إنتباه سالم… وحتى زوجة إبنه و كيف تعمل في الخفاء لبسط سيطرتها على زوجها في ضل محاولة أم سالم الإستحواذ على إبنها من زوجته التي خطبتها له كأفضل من وجدت من بنات الحي لتفرح به وترى ذريته… 

فهل هناك مشكلة في أن تعمل منظمات على مستويات أكبر على تحقيق مطامعهم و مصالحهم بالوسائل التي تناسبهم؟ 
لا.. فالكل يسعى لتحقيق مصلحته هو كيفما إستطاع بمؤامرة كان أو بمهادنة أو إستسلام أو تسلط و حرب… فالهدف هو تحقيق مصلحة و إبعاد مفسدة فيما يخصه هو.

إذا ما المشكلة؟ 

لماذا دائما تنجح المؤامرة المحاكة ضدنا نحن العرب والمسلمين في تحقيق أهدافها التي يصفها المحللين و المنظرين بالدقة المتناهية؟
وقد تسمع محللا يقول: أترى تقسيم السودان؟ هذا أمر مخطط له منذ عام 1911 أي ما يزيد عن مائة عام.

حقا؟ وما الذي جعل هذا التخطيط ينجح برأيك؟ ولماذا لم يكن لدينا نحن مخطط مضاد لتحقيق مصالحنا نحن ومنع نجاح مخططاتهم هم؟

هل يا ترى لأن المتآمر فذ خارق الذكاء صاحب يد طويلة وثروات هائلة و علوم متقدمة؟

أم أن المشكلة في المتآمر ضده “الذي هو غالبا نحن العرب”  و غباءه و تسليمه بأنه مهزوم على كل حال؟

أم المشكلة في عدم إهتمام المتآمر ضده “الذي هو غالبا نحن العرب” بأكثر مما يدخل جوفه ويشبع شهوته لا غير؟

نحن بحاجة حقا للإجابة عن هذا السؤال…

حقا… أين نحن و وعينا من كل تلك المؤامرات التي تحاك منذ ما يقرب عن مائة عام على أقل تقدير؟

مضى على إحتلال ليبيا من قبل إيطاليا الفاشية مائة و خمسة أعوام … و كذلك مصر و غيرها من الدول ألم تكفي هذه المائة عام لتتعلم الشعوب الدرس بأن لا تنقاد خلف المؤامرات والشعارات وتتصدى لها و ترفضها؟

ألم تملك الوقت الكافي للتطوير من نفسها و الخروج من قوقعة المؤامرات و لعب دور المفعول به و البدء في الفعل و التأثير لا التأثر فقط؟

أليس فينا من يدبّر و يخطط وحتى يتآمر إن لزم الأمر، لكي يصلُح الحال وربما يستفيد الجميع بتنمية أفضل؟
أليس هناك من يمكنه إستعمال هذه المؤامرات للرفع من مستوى الوعي بين الناس بدلا من رفع مستوى أرصدته في البنوك؟

هناك من يفصّل ويحلل و يستشهد بأخبار من جرائد تبيع الكلام بلغة انجليزية لكي يؤكد على المؤامرة في كل شيء يفعله الغرب، حتى وإن كان تاجرا يحاول جني أرباح من أي فرصة تسنح له، فهو مشارك في المؤامرة لجعلنا مجتمع مستهلك… 
وهل هناك ما يجبرك حقا لتشتري ما لا تريد؟
هو بالتأكيد سيبيعك مادمت تشتري، ومادام ينتج وأنت تستهلك… أما كنت لتفعل ذات الشيء لو كنت أنت المنتج و هو المستهلك؟

السؤال مجددا لكل فاهم و لكل عالم و متخصص و مشهور و رئيس ومحلل… هم من حقهم التآمر لتحقيق مصالحهم… أين نحن من مصالحنا في هذا التآمر؟

ولعل المؤامرة منا على أنفسنا ولم يكن لأحد أن ينتصر علينا لولا التخاذل و الخيانة من أنفسنا، وإنسياقنا خلف ما تشتهيه أنفسنا…

اطمئنك أن الإجابة في النص موجودة… وهو ما بدونه لن تنجح المؤامرات ولن تستمر، فمادام هناك منا من يقبض الثمن… و تمتلئ جيبوه بالخبز و النساء… ستستمر المؤامرة على أنفسنا و سيدفع المواطن البسيط ثمن سكوته و خضوعه وإكتفاءه بشربة ماء و خليط من طيحين و ملح و ماء، دون إهتمام بما للعقل بغذاء.
ولن يهنأ أبو سالم ببنت الجيران ولا هي بسالم ولا أمه وزوجته به أيضا… ما لم تنتهي المؤامرات من الجميع.


شكراً…