الإقتصاد ... بك

By 7/30/2015 12:09:00 ص
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 



قد لا أكون من المتخصصين في هذا المجال أو حتى الباحثين فيه  ، و ربما حتى لست من المهتمين بمتابعة أخباره بالطريقة التي تعطي المعنى الكامل للإهتمام بفهم تفاصيل الإقتصادات العالمية اليوم و كيف تسير ، و لكن عند التركيز في الإقتصادات العالمية ستجد أنها مبنية أساسا على الإستهلاك ، رضا المستهلكين ، إقبال المستهليكن ، إستهلاك المواد بجميع أنواعها ، الشركات تستمر في طرح إصدارات جديدة لمنتجها الذي اصدر منذ عدة أشهر و تشجع الناس على التحول من الإصدار الأول إلى الثاني في فترة لا تزيد عن سنة واحدة و تغريهم بالتحول و العجلة تدور … 
خطر ببالي سؤال منذ مدة و هو … 
ماهي مقومات الاقتصاد في ديننا ؟ أو ما هو الإقتصاد في الإسلام ؟ على ماذا يبنى ؟ هل يبنى على الإستهلاك أيضا ؟ أم أن هناك مقومات اخرى ؟ 

الحقيقة أيضا قد لا أكون فقيها حتى أستطيع أن أفصل في هذا الموضوع أيضا و لكن … ما وصلت إليه أن الإقتصاد في الإسلام معاكس تماما لما هو عليه اليوم … 
اليوم أنت تشتري ما لديك منه الكثير ، تشتري ملابس و أنت لديك ملابس تكفيك لسنوات ، ولكن العين لم تشبع بعد ، تشتري طعام قد لا تستهلكه … و إن طبخته … و ترغب في المزيد من الإكسسوارات و المزيد من الروائح و المزيد من الملابس و سيارتك لم تعد تعجبك لفترات طويلة و تريد أن تشتري تشتري تشتري لدرجة أنك لم تعد تشعر أن مرتبك أو ما لديك من مال يكفيك … و صدقني … لن يكفيك أي مال إن كنت تسير بهذا المنطق … و لكن ما المنطق الذي سيجعلك تستمر؟

وهذا الحال مع الإقتصادات الحالية جميعها مبني على الإستهلاك و تشجيع الإستهلاك لتدور العجلة … و لكن الإقتصاد في ديننا مبني على الإكتفاء … أن تكتفي بما لديك حتى تحتاج غيره ، و مفهوم الإحتياج هنا أن لم يعد ما لديك يؤدي ما عليه من عمل … أن تكتفي بملابس تسترك و ربما تغير بينها في ثلاث تغييرات أو ربما اربعة أو أقل … و تكتفي بذلك و لا تزيد عليه حتى تبلى بعض ملابسك … أن تكتفي بما لديك من هاتف حتى يتوقف عن تقديم الخدمة لك كما يجب ، أن تكتفي بطعام يصلح لجسدك … أن لا تشتري كلما تشتهي … 

و كذلك التاجر أو الصانع … لا ينتج إنتاجا أكبر من حاجة الناس لديه و أن يكتفي بربح وافي كافي ، ولا يطمع في أكثر من ذلك ، و يزيد توسعه حتى أنه يجني ثروة تكفيه أجيالا عديدة ولكنه لا يتوقف في دفع الناس إلى الشراء مجددا و مجددا … و لمجرد أن يكتفي الناس و يكتفي التاجر و الصانع … سنجد أننا لن نستهلك هذه الأرض كما يدعي الناس اليوم ، أن الأرض لن تكفي مواردها ما يتطلبه الناس من إستهلاك مستمر … و هذا في حد ذاته إنهزام للعقل  و المنطق أمام الجشع و الطمع في الحصول على ثروات أكبر و أكثر و أضخم على حساب أي شيء … و إن كان فساد البيئة التي فيها نعيش …

فهل نحن مجتمع يسير بالإقتصاد العقلي المنطقي الذي يحفظ الإنسان و رفعته أم بالإقتصاد الذي ينزل بالإنسان إلى حضيض الرغبات الغير منتهية و التي تزيد في إرهاقه أكثر و اكثر و ربما تؤدي به الى الجنون أحيانا … 

و هل أنت بنفسك … مستهلك حقاً أم مكتفي … 
إن كنت مستهلكاً فجرب أن تتحول إلى الاكتفاء … أن تنظر حولك فيما تملك … و ترضى به حتى تحتاج … و عندما تحتاج فقط عندها … تشتري و تنفق مالك في مكانه على قدر احتياجك …. مع عدم تحديد الإحتياج لأنه شيء يختلف من إنسان إلى إنسان … 

تعلم أن تكتفي … حتى تجد الطمأنينة … في إقتصاد مريح … و تفرغ نفسك في وقت إستهلاكك و تسوقك إلى تنمية قدرات نفسك و تكسب من وقتك الكثير ، و كذلك من مالك …


شكراً…