الوباء... مستمر

By 6/29/2009 04:11:00 ص
ومن قبح الزنا انه يرسخ الشعور باحتقار الذات وعدم احترامها ، فالزاني يتحقر نفسه ويحتقر من شاركه الزنا ومن فقد احترامه لذاته فلن يحترم الاخرين وبالتالي فلن يحترموه ومهما تظاهر الزاني او الزانية بانه شخص محترم فانه في قرارة نفسه يدرك كم هو حقير وغير جدير بالاحترام ، وهذا يبدوا واضحا في نظرة الزاني الى الناس فهو لا يرى الانثى ابنة او اختا او اما او عمة او خالة فقط يراها مشروعا للزنا و الشهوة ولو سألته عن رأيه فيمن زنا بها سيقول : انها مجرد ساقطة وضيعة لا تصلح الا للمتعة فقط وكذلك الزانية تقول فيمن زنت معه ، فهي ترى الرجال عبيدا للفرج لا يستحقون الاحترام ، ان فقدان الاحترام للذات و للغير يجعل الفرد و الجماعة في حالة رهيبة من التفكك و الوهن و الضعف ولا يمكن لمجتمع ان يتقدم او يحيا حياة كريمة او ينتصر على عدوه وهو لا يحترم نفسه .
قد يغفل البعض عن العقوابت التي تصيب مرتكبي الفواحش ، ولكن الله يمهل ولا يهمل ولابد لفاعل الشر ان ينال جزاءه ولو بعد حين ، ومن رحمة الله بعباده العاصين لاوامره انه يجعل حياتهم تعيسة فيفقدون الطمأنينة و السكينة و راحة البال و الضمير وذلك لكي يشعروا بسوء اعمالهم فيتوبوا ويرجعوا الى الصراط المستقيم فالمؤمن من استقر الايمان في قلبه قد يحسن التصرف وقد يسيء وفي الحديث الشريف المؤمن من سرته حسنته وساءته اساءته ، فاذا ارتكب المؤمن خطيئة او رذيلة استيقض الايمان في قلبه ووخزه ضميره واقلقه ، فإن تاب و اناب فذلك خير له من العقوبة الشديدة وان تجاهل عذاب الضمير و اسكت صوت الحق في نفسه وتمادى على عصيانه وصار يرتكب المعاصي ولا يبالي ، فهذا يعني ان حالته مستعصية فاذا تحول الى انسان يستمتع بالمعصية فقد عرض نفسه لسخط الله وعذابه وهذا من علامة الغضي الشديد من الله على عبده ، فقد قال تعالي في حث هؤلاءء المصرين على عصيانهم " ذرهم يأكلوا و يتمتعوا ويلههم الامل فسوف يعلمون " سورة الحجر 3 أي سوف يعلمون عاقبة ذلك التمادي و الاصرار ، وقال تعالى عن الفاسقين " اذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا و استمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الارض بغير الحق وبما كنتم تفسقون " الاحقاف 19. ويمكننا القول ان الوازع الديني النابع من قلب المؤمن يعتبر نعمة عظيمة ورحمة كبيرة للمؤمن لانه يحميه ويقيه من المعاصي وعقوباتها ، ولكن مرتكب الزنا يفقد هذا الوازع الديني لانه ضعيف الايمان ، فلذلك يضعف صوت الوازع ويسارع الى ارتكاب الرذيلة دون خوف او حياء وفي الحديث الشريف عن ام سلمة رضي الله عنها ان النبي عليه الصلاة والسلام قال " اذا اراد الله بعبد خيرا جعل له واهظا من قلبه "
فاذا كان الانسان لا يخاف ولا يخجل من فعل الرذيلة فقد انطبق عليه الحديث الشريف " اذا لم تستحي فاصنع ما شئت " ومن عقوبات رذيلة الزنا فقدان نور الايمان فلا يضيء القلب ابدا الا اذا تاب ، ولكي ندرك اهمية نور الايمان نقول : لو كان لديك مصباح ولكن الكهرباء انقطعت فستعيش في ظلام تتخبط فيه وتشل حركة الحياة في البيت فكل الاجهزة الكهربائية تتوقف عن العمل بدون الكهرباء ، وهكذا يكون حال اصحاب المعاصي عموما ومرتكب الرذيلة خصوصا فهو مؤمن ولكنه يعيش بلا نور مثل البيت بلا كهرباء
وهذا المعنى مأخوذ من الحديث الشريف " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " أي فقد الوازع الديني وفقد نور الايمان ، فكيف تزني و انت متأكد 100 % ان الله يراقبك و ينظر اليك ويشاهد ما تفعل من الفسق و الفجور ؟ ان فقدان نور الايمان الذي يضيئ حياة المسلم كارثة كبرى لانه يعيش متخبطا في الظلمات ولا يعرف الخطأ من الصواب و لا يرى الحق حقا ولا الباطل باطلا ، ولهذا ترى الزاني يصل الى عمر متقدم و يتصرف كالصبيان ، لا يزال يطارد الشهوات ويعاكس النساء وكأنه مراهق لا عقل له ـ فما اقبح صورة رجل علاه الشيب ولا يزال يغمز و يطارد الفتيات في عمر ابنته او حفيدته وصدق الله العظيم حين قال " ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور " سورة النور
وقد كان النبي الكريم عليه الصلاة و السلام حريصا على زرع الوازع الديني في قلوب اصحابه وكان حريصا على ان تتنور قلوبهم بنور الايمان ، فقد جاءه شاب يطلب من النبي الاذن في الزنى فقال له اترضاه لامك قال لا فقال له ان الناس لا يرضونه لامهاتهم ، افترضاه لابنتك ... لاختك ... لعمتك .. لخالتك ... وكان الشاب يجيب لا ارضاه فيقول له النبي ، وكذلك الناس لا يرضونه فهذا الحوار يوضح كيف كان النبي حريصا على الوازع الذاتي بقناعة المؤمن نفسه . كما ان فقدان نور الايمان من القلب بسبب المعاصي له اثار سلبية وضارة على المؤمن / فالعلم النافع لا يمكن ادراكه الا بنور الله ، قال الامام الشافعي
شكوت الى وكيع سوء حفظي ... فارشدني الى ترك المعاصي واخبرني بان العلم نور ... و نور الله لا يهدى لعاصي
فالعلماء الاجلاء يرون العلم النافع نور من الله يمنحه لمن اطاعه و لا يعطيه للعصاة قال الامام مالك : ليس العلم بكثرة الرواية ولكنه نور يقذفه الله في القلوب" ومن فقد هذا النور العظيم فتحت له ابواب المعاصي كلها " قال تعالى " ان تتقو الله يجعل لكم فرقانا " اي نور تفرقون به بين الحق و الباطل و الطاعة و المعصية ، ولذلك قلنا ان الزنا يسبب في انطفأ هذا النور " و من استبدت به شهوته فهو يزني ويغتصب ويخون ويكذب وقد يحدث حمل فيجهض الجنين او يقتله بعد ولادته ، وهكذا نرى انه فعلا اذا صار الانسان من اصحاب هذه الرذيلة صار يتخبط في الحياة بلا نور ولا وازع ولا ضمير فهو وحش كاسر يدمر حياة الاخرين ثم يدمر نفسه لانه صار ميت الضمير ، اعمى البصيرة ، تتحكم فيه شهوته لا عقله ، نسأل الله العفو و العافية و التوبة لاهل المعاصي .