هل هي خطوات نحو العلمانية

By 6/21/2009 05:04:00 م
تعريف العلمانية وترجمتها الصحيحة : اللادينية أو الدنيوية ، وهي دعوة إلى إقامة الحياة على العلم الوضعي والعقل ومراعاة المصلحة بعيداً عن الدين وقد ظهرت في أوربا منذ القرن السابع عشر وانتقلت إلى الشرق في بداية القرن التاسع عشر وانتقلت بشكل أساسي إلى مصر وتركيا وإيران ولبنان وسوريا ثم تونس ولحقتها العراق في نهاية القرن التاسع عشر . أما بقية الدول العربية فقد انتقلت إليها في القرن العشرين ،وقد اختيرت كلمه علمانية لأنها اقل إثارة من كلمه لادينية . ومدلول العلمانية المتفق عليه يعني عزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع وإبقاءه حبيساً في ضمير الفرد لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين ربه فان سمح له بالتعبير عن نفسه ففي الشعائر التعبدية والمراسم المتعلقة بالزواج والوفاة ونحوهما.
هذا تعريف بسيط بالعلمانية ومعنى الكلمة وما تهدف اليه ، فهل نحن نخطو خطوات نحو العلمانية وننسى ديننا ؟ اذا التفتنا حولنا فسنجد الكثير من هذه المضاهر التي تدل على اننا بدأنا نقترب و نستأنس بالعلمانية و اهدافها ولم نعد نرجع امورنا الى ديننا ، وهنا اعني حياتنا كمجتمع ، اعني تعاملاتنا كبشر مجتمعون في ارض واحدة من المفترض ان تكون مصالحهم موحدة و اهدافهم موحدة ، ولكن عند التدقيق نجد اننا بعيدون عن هذا كل البعد ، فقد صار الناس ( الا من رحم ربي ) يبتعدون عن تفسير الامور بتفسيراتها الحقيقية و لم يعد يرجع الأمر فعلا للدين وما يحتويه من قانون كامل لهذه الحياة .
مع ان مجتمعنا مازال متسمكا ببعض الامور التي نعتبرها عرفية و مصدرها شيء من الدين و لكن هناك الكثير من التصرفات التي باتت تصرفات عادية جدا ولا يلام عليها احد بل وانه يحسد لأجلها ، فلو استطاع احدهم ان ينال قدرا كبيرا من المال بأي وسيلة كانت و ان عرف الناس انه نصب و احتيال او ربا او غش و حرام ، فهذا لا يهم ، فهو بماله يضع عودا في اعينهم فبامكانه ان يركب السيارة الفارهة التي ( نفسهم فيها ) و بامكانه ان يسكن في الفيلا الفخمة التي يتمنوننها و بامكانه ان يلبس زوجته الملابس المفاخرة التي ستتباها بها بين الناس اذا هذا حكمه مأخوذ من العلمانية اي ان الحكم عليه بعيد عن الدين و لم يستنكر عليه احد ان ماله حرام و كسبه باحتيال و ربا ، فان كان الحكم من الواجهة الاسسية للحياة وهو الدين او بالرجوع الى قواعده و التفكير في الاخرة ، لما اعجب الناس به و حسدوه او تمنوا ان يكونوا مكانه ، بل انهم سيستحقرونه و يصغر شأنه بين الناس ، ولكن التفكير بالاسلوب العلماني يأبى ذلك ، عيادة المريض وزيارته نؤجر عليها في ديننا الحنيف ، وهي احد الواجبات التي يجب ان نؤديها تجاه اخوتنا في الدين ، نجد الفكر العلماني ، يهيئ لنا ان زيارة المريض يجب ان تكون وراءها مصلحة او انها مجرد ( قلع ملام وتسجيل حضور ) و رفع للروح المعنوية للمريض وهذا تفكير بعيد عن واجهة الدين ، قاض يحكم على الاب ان لا يرى ابناءه ، ويمنع الابناء من رؤية ابوهم لان امهم لا تريد ذلك ، وهذا مناف تماما لما اتى به الدين فقد حدد الدين العلاقة بين الرجل و المرأة سواء في الزواج او بعده ، ووضع لها الضوابط و اعطى كلا منهما حقه و حافظ له عليه ، فمن أين اتى هذا القاضي بهكذا حكم ؟ ام انه مدمن مشاهدة مسلسلات امريكية ؟
العلمانية في حياتنا اليومية متمثلة في طبيعة نسياننا لديننا ( الا من رحم ربي ) فالدين اتى لينظم لنا الحياة و لكي ننعم فيها ونعمل و نعبد الله ، و لكننا نرى ان مصالحنا ليست في تطبيق الدين ، ولا في اتباع احكامه ، فلو اتبعت الدين فلن استطيع اخذ الرشوة ، لن استطيع اخذ سلفة ، لن اتمكن من غش تجارتي ، لن ارابي في مالي ، لن اتمكن من الكذب و المحاباة ، سأمر بالمعروف و انهى عن المنكر ( وانا مالي ) سالبس الحجاب الصحيح واستر نفسي ، لن استطيع اللف والدوران و اللعب يمينا ويسارا ، سأغض بصري ، لن اعيش ، لن اعيش حياتي اذا اتبعت الدين ساموت لن استمتع ابدا ، دعني وشأني ( نبي انعيش حياتي زيني زي غيري ) و لكن العلمانية تضمن لك كل ذلك فلا حكم للدين عليك فيها ، انما الحكم للمصلحة الشخصية و ما يمكن ان تحققه من مكاسب على ذلك الصعيد ، و للاسف فان الكثير من شبابانا تعجبه هذه الفكرة و يميل اليها "بعلم وغير علم" ، لاعتقاده انه سيحوز الدنيا و انه سيعيش كما عاش الفس برسلي و مايكل جاكسون في نعيم الدنيا و امتلاك الاموال و الشهرة و حب الناس الزائف لهم ، و ينسى ان الرازق هو الله ، العاطي هو الله و الشافي هو الله و الممسك هو الله ، و المحيي و المميت هو الله ، و ان الله هو المبدء و المعيد و الوهاب ، ينسى هذا كله ... فلا علاقة لهذا بالعلمانية التي ستشعرني بانني عايش و سعيد و اموري عال العال و احوز اكبر قدر من الدنيا .
لا ادري ان كنا فعلا مجتمعا نسير في خطى حثيثة نحو العلمانية في حياتنا العامة ام انني اتهيأ ذلك؟
ام اننا نخلط بين العلمانية و العولمة؟ فرق كبير جدا ... اليس كذلك؟
الموضوع طويل جدا و يحتاج الى الكثير من الحديث و الاحاديث و التحدث و الانتباه و التنبه