الوباء ... العزاب بقية

By 11/17/2009 08:25:00 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ذكرنا أن شريحة الشباب في سن الزواج معرضة للفساد الأخلاقي والاجتماعي والنفسي، بسبب عدم القدرة على الزواج ، ولتفادي وعلاج تلك المشاكل فإنه يجب على المجتمع مساندة هذه الشريحة في ثلاثة عناصر وهي المال - السكن - التوعية الدينية والاجتماعية . وإليك التفاصيل :
1- المشكلة المالية :المعتاد أن الشباب يتخرجون من دراستهم ليبحثوا عن فرص العمل المناسب لهم. فبعضهم يشكو من قلة فرص العمل المناسب الذي من خلاله يبني مستقبله ، وبعضهم يبحث عن فرص الثراء السريع ولا يريد السير على سلم التدرج بل يريد الوصول إلى الهدف بقفزة واحدة ، وهنا لا بد من توفير فرص العمل للخرجين ليبنوا مستقبلهم بعملهم الشريف وكسبهم الحلال. وعلى الشباب أن يثبت جدارته في العمل وإستحقاقه للمرتب الذي يتقاضاه.

وأرى أن يكون في مجتمعنا جمعية خاصة أو مصرف خاص يشترك فيه الشاب الذي لديه عمل ودخل مادي فيدفع كل شهر قسطا محددا من مرتبه وبعد 3 سنوات مثلا يحق له استلام سلفة مالية معقولة تساعده على بناء مستقبله ويسدد بقية قيمتها من مرتبه على شكل أقساط وبذلك يكون المجتمع قد ساند الشباب في بناء مستقبلهم بشكل منظم وعن طريق العمل والادخار فالدولة لا تعطي المال مجانا لكل شاب ، وحتى لو أعطت مرة فلن تعطي مرة ثانية فالحل هو أن يعمل الشباب عملا شريفا ويدخر جزءا من مرتبه لسنوات قليلة ويستلم السلفة ويسدد قيمتها عن طريق الأقساط المريحة بلا فوائد او تغليف لربا لأن الهدف هو دعم الشباب ودفعهم نحو العمل الشريف . فمهمة الجمعية الاجتماعية أو المصرف الاجتماعي مثل مهمة مصرف الادخار العقاري ولكنه يمنح القروض والسلف مع الاشراف بهدف مساعدة الشباب على الزواج وبناء مستقبل أفضل. وبهذه الطريقة نكون قد ساعدنا الشباب ولم نكلف الدولة مالا كثيرا وعلمنا الشباب معنى العمل والادخار وكيفية التخطيط لمستقبل أفضل فننقده من الاحباط والفساد الأخلاقي و الاجتماعي والنفسي.

2- مشكلة السكن: الإيجار - البناء شراء العقار كلها أمور ساخنة جدا من حيث ارتفاع الأسعار ، وهؤلاء الشباب الذين يرغبون في الزواج تواجههم هذه المشكلة فمن أين يأتي بالمال الكثير جدا لحل هذه المشكلة هنا يأتي دور الجهات التي لها صلاحية البناء والاستثمار فيه مثل الهيئة العامة للأوقاف الضمان الاجتماعي -روابط الشباب -الأندية ذات الميزانية الكبيرة-الجمعيات الخيرية الأهلية :ما الذي يحتاجه العريس الجديد من مسكن؟
أنه في حاجة إلى مسكن مصغر يبداء به حياته الزوجية فهو يحتاج إلى حجرة نوم وحجرة ضيوف وصالة معيشة وحمام ومطبخ أي إلى شقة مساحتها لا تتجاوز 60 متر مربع.
فلو قامت الجهات المذكورة ببناء عمارة تحتوي على شقق مصغرة للعرسان الجدد مقابل إيجار رمزي بسيط بحيث يبدأ الشاب حياته الزوجية ويستقر فيه عدة سنوات حتى يجد مسكنا خاصا به وأوسع ،أن هذه العمارات تستفيد من المساحة المتاحة في بناء أكبر عدد ممكن من الشقق المصغرة وعن طريق الإيجار الرمزي تسترد الجهة المالكة مصاريفها وعندما يخرج العريس الأول يحل محله عريس أخر وهكذا. لو قامت الأوقاف ببناء مجموعة هذه العمارات وقام الضمان الاجتماعي وكذلك رابطة الشباب والأندية الرياضية الاجتماعية وبعض الجمعيات الخيرية ذات الميزانية الكبيرة لاستطعنا أن نحل مشكلة السكن لعدة سنوات لمن هم مقبلون على الزواج من ذوي الدخل المحدود.
إن هذا الاقتراح لا يعنى إيقاف البناء المعتاد ، ولكنه يسعى لتقديم الحل السريع والبسيط لمن يعانون من مشكلة السكن من الشباب ذوي الدخل المحدود.
لقد تزوج إباؤنا وعاشوا في غرفة واحدة مع مجموعة من العائلات في بيت واحد.
فلماذا لا توجد عندنا ألان مساكن وشقق صغيرة لحل مشكلة السكن ؟ هل من الضروري أن أسكن قصرا أو أموت؟
لا بأس أن أبدء حياتي الزوجية في شقق مصغرة إلى أن تتحسن الظروف وأتمكن من الحصول على السكن المناسب. إن هذه الشقق المصغرة لا تمنح مجانا بل يدفع الساكن من إيجارها. حتى يعلم الشباب أنه لا يوجد شيء مجانا بل عليهم بالعمل والمساهمة في دفع التكاليف حسب قدرتهم ودخلهم المادي . فلا دلع ولا استغلال . ولا تعجيز ولا إرهاق . ولكن أبني مستقبلك درجة درجة أيها الشاب.
بقى لدينا دعم الشباب في البند الثالث وهو تقديم التوعية والإرشاد لإعداد الشباب وتثقيفهم بأسس الزواج الناجح ،وكيف يعالجون المشاكل الزوجية والعائلية وقد تستغرب إذا علمت أنه في بريطانيا هناك مقترح بإدخال هذه المادة في مناهج التعليم لمن هم قبل سن الزواج بقليل , لأن بريطانيا شعرت بوجود المشاكل الزوجية والاجتماعية وأرشدتهم أبحاثهم إلى أن جيل الشباب يتعلم الفيزياء والطب والهندسة والحاسوب ولكنه يجهل تماما معنى الحياة الزوجية.
ولهذا أقترح بعض خبرائهم بإدخال مادة تعليمية تهتم بهذا الجانب ويعتقدون أنه سيساهم في حل الكثير من المشاكل.
ونحن في مجتمعنا المحلي لا تقوم معظم الأسر بتثقيف أبنائها وبناتها ثقافة صحيحة فيما يتعلق بالحياة الزوجية والأسس السليمة لها وكيفية علاج مشاكلها .
فنحن نحتاج إلى برامج إعلامية حديثة وجذابة تتناول مثل هذه المواضيع وهذا دور أهل الإعلام الذي يعتبر أن تثقيف المجتمع وتوعيتهم من أهم أهدافه . كما يجب على هيئة الأوقاف من خلال الخطباء والوعاظ تناول مثل هذه المواضيع وتقديم الموعظة والإرشاد بالأسلوب المناسب والمفهوم. كما تقوم روابط الشباب باستضافة العلماء والمتخصصين في هذا المجال وإعطاء محاضرات لتوعية الشباب ، وكذلك تفعل الجمعيات الخيرية والأندية الرياضية الثقافية والاجتماعية وهكذا يساهم الإذاعة والصحف والمسجد وروابط الشباب وغيرها في هذه التوعية بحيث تكون دورية كل سنة وليست حملة ثم تتوقف. فالرسول الكريم عندما وجه خطابه للشباب قال لهم "يا معشر الشباب من أستطاع منكم الباءة (المقدرة على الزواج) فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، فمن لم يستطع فعليه بالصوم ،فأنه له وجاء ووقاية.
فالحل الأول هو التشجيع على الزواج والعمل على أن يكون ناجحا لكي يشعر الشاب والفتاة بالسعادة والتمتع بالحلال. وقد حاولنا في هذه الورقات أن نفتح الأعين والعقول على مشاكل الرذيلة وأسبابها مساهمة منا في توعية القارئ وتثقيفه بمعلومات قد يكون لم يسمع بها من قبل . ونسأل الله التوفيق والهداية.
فالزواج عقد مقدس يستعد له كلا الطرفين بالعفة وحسن الأخلاق ولا يلعب فيه المال الدور الأكبر بل الهدف هو الاستقرار والتمتع بالحلال والمودة والرحمة وتربية الأجيال على الخير والفضيلة فالزوجة الصالحة هي خير ما يكسبه المسلم بعد تقوى الله تعالى إن نظر إليه سرته وإن أمرها أطاعته ،وإن غاب عنها حفظته ، وكذلك يكون الزوج الصالح خير ما تكسب المسلمة في هذه الدنيا بعد تقوى الله . ولا يمكن أن يستمر الزواج دون تفاهم وصبر وثقة .
فمن طلق زوجته فهو إما إنه لم يفهمها ولم تفهمه أو لم يستطع الصبر معها أو الصبر معه أو الثقة انعدمت بينهما ، واعلم أن كل ما يحدث قبل الزواج من تعارف إنما هو مجرد مقدمة قصيرة لكتاب طويل . وسرعان ما يكتشف الشاب أن البنت قبل الخطوبة تتغير قليلا بعد الخطوبة وتتغير قليلا بعد الزواج وتتغير كثيرا بعد الإنجاب ففي كل مرحلة يكتشف أمورا جديدة . لأن لكل مرحلة شروطها وضغوطاتها ومشاكلها ، فالتعرف الحقيقي على المرأة يبدأ منذ ليلة زفافها فما بعدها وما قبلها فهو مقدمة فقط لا غير وكان الله في عون الشباب والفتيات.
شكرا