نسيان ...

By 6/27/2015 10:38:00 م
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 





فيما مضى إن كنت تذكر ، كان الأطفال يحاولون جمع طوابع العلكة …
أو كروت كرة القدم التي توجد في علب السجائر التي عليها صور لاعبي كرة القدم …

أو علبة “الكارطة”  فالحوصل عليها لم يكن سهلا …

لدرجة أنك قد تجد رجالا يلعبون بأوراق “الكارطة” البالية التي تكاد تذوب بين أيديهم … و لكنهم عليها يحافظون كما يحافظ الأطفال على بطاقات صور اللاعبين أو أي شيء يستطيعون جمعه أو الحصول عليه …

يحافظون عليها لأنه ليس من السهل أن تجد غيرها … ليس من السهل أن تجمع عدداً كبيراً … حتى أن بعضهم كان يحتاج إلى موعد من صديقه ليكشف له عن أي بطاقة جديدة حصل عليها و ليريها لهم كأنها قطعة أثرية يجب أن لا تتعرض للشمس كثيراً ، بل تخفى في مكان سحيق …

و ربما قد تذكر … كيف كانت النساء يحافظن على غرض من أغراضهن و يعتنين به لأنهن لن يجد بديلا له … بسهولة… بل إن فقدنه … فهذا يعني أنها ستبقى بدونه لفترات …

و تذكر كيف كانت السيارات تصلح بما نسميه ( موديفكات) أو تلفيقات بإستبدال برغي بتل أو خزان وقود بجالون بلاستيكي و خرطوم مياه … و كيف كان هناك من يصنع غلاف إنارة السيارة بطريقة بدائية لتكون بديلا … 

كيف كان قلم الرصاص يستعمل حتى يذوب … ينتهي لأن الحصول على غيره لم يكن سهلا … و الكراس يحافظ عليه لأنه الوحيدة … وربما حتى رباط الحذاء إن إنقطع فإنك ستستبدله بأي رباط حتى تحافظ على حذائك لعدم قدرتك على الحصول على غيره … 

تذكر أشياء كثيرة كهذه … 

وماذا عن اليوم؟ 

و ما رأيك فيما يحدث اليوم من سهولة الحصول على كل شيء؟ … 

لم يعد من الصعب أن تجمع بطاقات اللاعبين إن كان هناك من لا يزال بها يهتم ، و ربما لم يعد صعباً أن تحصل على جهاز لعب الكتروني جديد كل مرة … لم يعد صعباً أن تستبدل أغراض البيت … أن تشتري مكيفا أو ثلاثة بدل الواحد … من السهل أن تجد قطع غيار لسيارتك و ربما تستبدل السيارة بجديدة … ليس صعباً أن تتخلص من حذائك لتحصل على جديد و إن كانت خزانتك مليئة بالأحذية … ليس صعبا أن تشتري بنطولنات و ملابس جديدة و أنت تملك الكثير منها … ليس صعبا أن تحصل على أقلام حبر ملونة و تضيعها مجموعة بعد أخرى ... قلم الرصاص لم يعد يهتم له أحد ... فلا بأس ان تكتب به مرة واحدة و تأخذ قلما جديداً بدلا من أن تبريه ...


فيما سبق مع فقدان القدرة على إستبدال الماديات و تجديدها بسهولة … كانت الأحاسيس و المشاعر و المحبة أثمن من أي شيء ، و كانت الحياة تسير و في القلوب بعض من رضى بما هم فيه … 

أما اليوم فقد تفوقت قيمة الماديات على قيم الإحساس و ذابت المشاعر و تبخرت المحبة “ إلا من رحم الله “ فأصبحت الحياة متعثرة و متثاقلة مشاكلها تزداد كل يوم تفاقماً … 

نعم اليوم أصبح الحصول على أي شيء أسهل من قبل ، إستبداله أصبح سهل ، و نتحدث بصفة عامة أن ذلك أصبح في المتناول … بشكل واضح و ملحوظ … 


فهل يمكن أن نعتبر ذلك …


((فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44) )) الأنعام

هل حقا نسينا ؟ 


شكراً…