بحيرة الوحل ...

By 4/07/2015 11:11:00 م
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 



رحلة يحاول أغلبنا الخوض فيها ولا أحد يملك لها خريطة في هذه العاصفة الهوجاء … من تصادم المفاهيم و غرق الكثير من بواخرها مع تجاذب الأطماع و الأهواء و الرغبة في عيش الحياة كما تُرى على الشاشات بأنواعها متناسين ما خلف الشاشات من تجهيزات ليظهر المنظر كما نراه …

و يتمناه كثيرون إعتقاداً منهم أنه بر الأمان الذي عنه يبحثون ... نقف جميعاً بلا إستثناء على حواف بحيرتنا… التي تجمعنا  …. و نهز العصي و الايادي … لنحدث أمواجا متضاربة تُغرق كل قارب حاول الرسو ... ليزدهر …

ننظر لبعضنا و الأسى يغمس أنفسنا و نراه واضحا و لكننا ... نكابر لنقول ... نحن بخير ... نحن لسنا بحاجة لأحد... أستطيع العيش وحيدا ... ومن يحتاج الى سكن أو سكينة؟…

و منا من يختار ... الغوص في تلك الأوحال المتراكمة في حافة بحيرتنا ... و التمرغ بها و شربها … و لكثرة من غطس فيها باتت الأوحال تغطي جزأ كبيراً من ساحتنا ، حتى بات بعضهم يرى أنها هي الطبيعة و الجزء الصافي منها ... به خطب ما و يحتاج إلى تلويث ليكون كالبقية ... تلك أفكارنا ... تلك همومنا في حياتنا التي خلت من الإسنانية “الا من رحم ربنا” ... اللهم عند رؤية منظر في شاشة لأشلاء أطفال قطّعهم الجوع و همع إنسان … لا يأكل اللحم و لكنه يستمتع بتكويم العظام و اللحم جثثا متفحمة ... عله يصعد الى تلة يعتقد أنه سيرى العالم منها أنه أكبر و أفضل ...  

البحث في هذه البحيرة مضني ... رغم أن الجميع يرى الجميع و الكل يحتاج ما عند الآخر … فطرة و طبيعة …

و لكن ... فقدنا الكيف السليم ... فقدنا المبادرة الصافية ... بات التلاعب أساس و الخداع إحساس … بات الفساد أرخص ولا عقاب له ولا لعواقبه … ولا سؤال … بل ربما يحصل صاحبه على جائزة كونه حجز أكبر عدد من القلوب … 

يُرفع الحياء … يغرق العقل … و يحير العاقل … ذلك لأننا فقدنا ... 
فقدنا طعم ذاك الرغيف ... 

ذاك الرغيف الذي به يعالج أخطر الأمراض فتكا بالإنسان ... و أكثرها جهلاً من العلم به … بقدرة الله الشافي … 

فقدنا الإحساس بالكفاف … الإحساس بالإكتفاء …  همعت البطون و زاد طمع الجفون … بنسيان أن للبطن حد يملأها … و لقدرة الانسان … حدود تحكمها … 

و ما على كل من يقفون حول البحيرة التي علاها الوحل و تلون ماءها الا قليلا … التوقف عن الضرب بعصيهم ، لتقف الامواج و تصفى الاجواء و يتغلب الجميع على هذا الوحل بغسل من غمس نفسه فيه بما بقي من البحيرة من عذب الماء … و يحتاج ذلك لنا جميعاً أن نقف صفاً و يداً واحدة … لنعترف … أننا متعبون … أننا أرهقنا … من دواخلنا … تعبنا … 

لا … و لن يكفينا الصيام … فقد طال الأمد … و قصر العمل … و إنتشر الوحل … و تلطخت الأيدي و الأقدام و معها البطون … إلا من رحم الله … ممن هم في الصبر يصبحون و يمسون برحمة من الله … منذا الذي لا يحتاج ؟ من منا لا يرغب … و ما تعتبر الرغبة بعد الإحتياج إلا ترف في العيش … 

بحاجة لكسر حاجز الجهل فينا ، و بحاجة لقول الحق و النطق بالكلمة في حينها … أننا في مجمتع يقتل الحلال متبجحا بما قدموه لعروس ما … الكل يريد مثلها و يا حبذا أفضل … بحاجة لكسر حاجز الحُمق … بأن شبابنا “من الجنسين” بات ينقصه التأهيل … ينقصه القدرة على أكثر من مجرد … التخصيب … ينقصه الفهم … و ما يمكن للمسؤولية أن تنتج من إنسان … بحاجة لكسر حاجز الجهل بأن الشهادة لم تحمي أعراضكم يا مسلمين … بأن الشهوة تبدأ فيكم بسن البلوغ … و تهملونها حلالا … لتلتهم الأخضر و اليابس حراماً متاحاً في كل حدب و صوب …  إلا من رحم الله و نجى … فحقاً … لم يعد الغريب في الهالك كيف هلك … بل في الناجي كيف نجى … 

نعم نريد التطور كالعالم … و لكن العالم ليس عنده مشكلة في تلبية إحتياجاته الطبيعية الفطرية… فهم كالأنعام بل هم أضل … و ويحنا كيف على خطاهم شبرا شبرا نسير … أن لا يهتمون للزواج لما يترتب عليه من مسؤوليات و حقوق قانونية … فباتو يفضلون العيش كالأنعام … ينماون و ينجبون الأطفال معاً و من ثم ربما هناك إحتمال يفكرون في الزواج … بل انهم “وربما نحن بهم لاحقون” بات الزواج لا يفرق بين رجل و رجل و فتاة و فتاة و بقوة القانون … فلم يعد الواحد منهم يشغل باله كما نحن في غالبنا بالحصول على ما يسد به شهوته الطبيعية التي تصيبك أنت يا رجل و تصيبكِ انتِ يا أنثى دون فارق … فهو يجدها متى ما أراد … عبورا في شارع بغمزة لإحداهن في حافلة … و هل يصلح هذا بنا يا مجمتع البكارة الزائفة ؟ “الا من رحم الله”
بحاجة لأن نفيق يا أهلنا … بحاجة لأن نتوقف عن التفكير في أن الحل بالحصول على شقق و بحاجة لان نفيق لنعرف أننا نضع الشروط التي بتنا نعتبرها بديهية … و هي مرهقة … ناهيك عن أننا لم نهيئ أبناءنا و بناتنا و لم نفهم الطلاق و لم نفهم التعدد ولم نفهم حتى زوجة الأب و تربية اليتيم تربية صحيححة تليق بمن يرغب بدخول الجنة … لا لم نفهم الزواج من أساسه … نحاسب على الأعمار و نحاسب على الألوان و نحاسب على الأشكال و على نوع السيارة و منطقة السكن و كم كان مهر ابنتكم؟… و لم نعد نحاسب على الأخلاق … خاصة … إن كان هناك ما يسد الوجه ويقطع اللسان من مال … 


كفانا صم اذاننا عن ما يحدث لنا ... بما صنعت أيدينا ... و لنخرج من هذا الوحل الذي يبدو أن كثير منا يستمتع بالغطس فيه  ...




شكراً