الوباء... العقوبات

By 7/13/2009 05:03:00 ص
مازلنا نسلط الضوء على العقوبات التي تصيب مرتكبي رذيلة الزنا ، والتي من ضمنها ضياع العبادة ونحن نعلم ان الله خلقنا اصلا لعبادته فقد قال تعالى " وما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون " فمهمة الانسان الكبرى هي ان يعبد ربه ، ولكن اتباع الشهوات وفي مقدمتها الزنا يقضى على مهمة العبادة رويدا رويدا حتى تتعطل تماما اللهم الا اذا تاب العاصي الى ربه ، وتبدأ القصة بسيطرة الشهوة على المسلم مع وجود الاغراءات المختلفة فيقول بعد ان اصلي العشاء افعل كذا وكذا وهكذا يمكن ان اصلي و ازني فاذا انخرط في الزنا يبدأ في اهمال العبادة و الاهتمام بالشهوات اكثر فأكثر وهذا ما عبر عنه القرآن الكريم في سورة النور " يا ايها الذين امنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فانه يأمر بالفحشاء و المنكر " فهذا المسلم الغافل نسي انه لا يجتمع النور و الظلام في قلب واحد " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه " فمن توجه الى الطاعة فانه سيترك المعصية ومن توجه الى المعصية فسوف يترك الطاعة وقد قرن الله تعالى بين ترك العبادة و اتباع الشهوات في آية واحدة تقول " فخلف من بعدهم خلف اضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا " سورة مريم .
و قد اثبت الواقع صدق هذه الاية الكريمة فعبادة الصلاة تحتاج الى طهارة ظاهرة وباطنة كما ان الصلاة المطلوبة هي التي تنهى عن الفحشاء و المنكر فلا يمكن الجمع بينهما الا لفترة قصيرة فاما ان يتوب المسلم او ينجرف وراء الفحشاء و المنكر ويترك عبادته.

وقد يقول مغفل انا ازنى الان ولكن سوف اتوقف و اتوب اذا تزوجت او بلغت الاربعين او اذا قمت بالحج وهذه كلها اقوال خادعة ووعود كاذبة وحيلة ماكرة من وحي الشيطان ، لان الانسان لا يعلم في الصباح هل يعيش الى المساء ام لا فليس لاحد ان يقول انا سأعيش بعد ساعة واحدة فكيف ضمن هذا المغفل انه سيعيش الى الاربعين او الى ان يتزوج او يحج ، هذا بلا شك كلام فارغ يدل على الغفلة و الحمق.
وثانيا ان السلوك البشري يزداد رسوخا كلما طالت ممارسته ، فلاقلاع عن السلوك السيء يكون اسهل في البداية ، اما اذا استمر وتأصل فانه يصبح كالشجرة الكبيرة التي ضربت جذورها في الارض وصارت صعبة الاقتلاع ، كما ان الحكمة تقول من شب على شيء شاب عليه ، فلا تخدع نفسك بمثل هذه الافكار الشيطانية وهناك الكثير من الحالات التي افسد فيها المسلم عبادته من اجل نزواته و شهواته ، فهناك من قام بالزنا وافسد صومه في شهر رمضان المبارك اثناء النهار ، وهناك من افسد صدقاته بسبب الزنا فكان في البداية يساعد ارملة مسكينة ثم تحركت شهوته وصار يزني بها نظرا لحاجتها الى مساعدته وهكذا نرى ان الزنى سبب في تعطيل و افساد اكبر مهمة للانسان وهي عبادة الله وحده لا شريك له .

ان الزنا اذا كان على مستوى افراد فان عقوباته تصيبهم وحدهم دون غيرهم ولكن هناك عقوبات جماعية تصيب المجتمع باسره اذا اصبح الزنا ظاهرة وصار منتشرا ومتفشيا في المجتمع ، فالزنا من اهم اسباب هلاك المجتمع وفي الحديث الشريف " اذا ظهر الزنا ( اصبح منتشرا جهارا نهارا) و الربا في اهل قرية اذن الله بهلاكها " وفي سورة الاسراء قال تعالى " واذا اردنا ان نهلك قرية امرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا " ولا شك ان الزنا من اوضح صور الفسق و الفجور .
كما ان قيام الساعة مرتبط بانتشار الزنا العلني ، فسوف يأتي زمان يقل فيه عدد الرجال ويكثر فيه عدد النساء و تصبح النسبة بين الرجال و النساء واحد الى خمسين ، فيمارسون الزنا علنا في الطرقات العامة مثل البهائم ويكثر اولاد الزنا و لايعرفون شيئا اسمه الزواج فاولائك هم ارذال الناس وعليهم تقوم الساعة .

فالزنا ليس مجرد قضاء شهوة عابرة بين رجل وامرأة ولكنه فساد متعدد الجوانب كثير المشاكل ، قبيح النتائج تترتب عليه عقوبات قاسية وفساد كبير و يذكر المؤرخون ان الفساد الاخلاقي كان من اهم اسباب سقوط الامبراطورية الرومانية ، فبعد أن وسعوا إمبراطوريتهم إلى أقصى حد ، تفرغوا للملذات و الشهوات ، لدرجة أنهم كانوا يأكلون ثم يتقيؤونه ليأكلوا مرة أخرى ، و دب بينهم الخلاف على السلطة و الترف ، فلما جاء الفتح الإسلامي وجدهم على وشك الانهيار فهزمهم شر هزيمة ، و كذلك حدث للمسلمين في الأندلس قبل طردهم منها حي انغمسوا في اللهو و الشهوات لدرجة أنهم تركوا النساء و عشقوا الغلمان ، و من يقرأ شعرهم فيتلك المرحلة سيدرك لماذا تم طردهم من الأندلس ولعل في انتشار الامراض الناتجة عن الاتصال الجنسي المحرم ما يؤشر فعلا الى خطورة انتشار الزنا فقد ثبت طبيا وعلميا ان الزنا سبب كبير في نقل الامراض الخطيرة مثل الايدز و الزهرى و السيلان و القرحة الرخوة و كلها امراض تفتك بالجسم فتكا ، وكم من بيت اصابه الخراب بسبب الزنا ، وكم من جريمة قتل ارتكبت بسبب الزنا وكم مال ضاع بسبب الزنا وكم وكم ...

و دعوني أنقل لكم مقطعا من كلام د محمد وصفي المتخصص في هذا المجال فيقول : مرض الزهري ثالث مرض عالمي يسبب الموت ، بعد عذاب مؤلم للمريض ، وينتشر الزهري بانتشار الزنا ، و هو معدي بمجرد اللمس أو التقبيل ، و تسببه جرثومة ( الاسبيروشيت باليدا ) و يؤثر الزهري على كل جزء من الجسم و يفسد عمل كل أجهزة الجسم ، فتظهر في بدايته قرحة تآكلية ثم تغزو الجراثيم كل الجسد عن طرق الأوعية الدموية ، و يحمر لون الجلد ، و يأخذ الاحمرار شكل دوائر وردية تتحول إلى حويصلات زهرية تخرج منها القروح . ثم يقول الدكتور :بتغلغل المرض تبح الأظافر هشة سهلة الكسر ، و تتغلغل الأورام الزهرية حتى يصبح العظم مكشوفا ، فتتلف العضلات و تفتت العظام و تتساقط شظاياها ، و تغزو الجراثيم مفاصل العظام فتصيبها بالورم و الالتهاب ... و يستمر الدكتور في قصة غزو المرض للجسم شارحا كيف أنه يقضي عليه عضوا بعد عضو إلى أن يموت . ثم قال 40% من وفيات الأطفال في السنة الأولى يعود إلى الزهري الوراثي من الأب أو الأم ، و أن 90% من الأطفال المصابين بالزهري الوراثي يموتون ، و ذكر إحصائية تفيد بأن 99% منهم يموتون و ليس 99% .
و ذكر نفس المصدر أن المصابين بمرض السيلان في باريس من 70 % إلى 90% من البالغين ، و في برلين من 60% إلى 70% ، بينما في نيويورك تصل النسبة إلى 80% ثم قال : ليس السيلان بالمرض السهل بل هو من أكبر المعضلات الاجتماعية الخطيرة التي حار في علاجها الأطباء و الساسة و المشرعون ، لأنه مرض فتاك يترك المريض في حالة من الألم و المرض و يعطل حركته و يشل تفكيره و يجعل الفرد مشلولا بل أي قيمة ...... ( انظر كتاب الفقه الواضح المجلد الثاني ص 218 لمؤلفه د محمد بكر إسماعيل لمزيد من المعلومات عن الأضرار الصحية و النفسية للزنا )
فليس بعد هذه العقوبات الكثيرة الواضحة مبرر للزنا وصدق الله العظيم الذي قال " ولا تقربوا الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا ؟
يتبع ...