الوباء ... بعد البقية

By 7/06/2009 04:48:00 ص
البقية ...
كل مسلم يعلم تماما أن الله تعالى يعاقب العاصي على عصيانه اذا لم يتب و يتوقف ، وقد تحدثنا عن عقوبات الزنا ، وذكرنا منها سلب النعم الباطنة ، فيعيش الانسان بدونها في نكد ومشقة وتعب نفسي وقلق وتوتر ، ويظل يتخبط في ظلمات المعصية ، ويحرم من النور الايماني وراحة البال و الضمير ، و نذكر هنا ان من عقوبات الزنا انه يعرقل النصر على المجاهدين في الميدان العسكري او ميدان التنمية و التقدم ، فالمجاهد في سبيل الله يمثل الحق و عليه ان يتقيد به و يلتزم بشروط الجهاد و الا فلن ينتصر ، وقد انتصر المسلمون الاوائل لانهم انطلقوا في جهادهم من مبدأ الالتزام بالايمان و الحق فكانوا فرسانا بالنهار و رهبانا بالليل ضحو بالغالي و النفيس من اجل مبدأ واحد وهو إعلاء كلمة الله و نصرة الحق و لا يبتغون من ذلك سوى الاجر من الله تعالى و الفوز برضاه ، فالمجاهد المستهتر يشبه الشرطي الذي يخالف القانون بينما المطلوب منه هو تطبيق القانون وحمايته ، وبالتالي فان مخالفته للقانون تكون شديدة القبح و عقوبتها مضاعفة لانها ليست مثل مخالفة المواطن العادي ، و عليه فالمجاهد ينبغي ان يكون صورة مشرقة وملتزمة بالمبدأ الذي يجاهد من اجله خصوصا وان الجهاد هو ذروة سنام الاسلام ، وقد جاء البشير ليبشر سيدنا عمر بن الخطاب بانتصار جيش المسلمين على العدو بعد قتال دام عدة ساعات ، فتعجب امير المؤمنين عمر وقال : انا لله وانا اليه راجعون ، ان صمود جيش العدو اما جيش المسلمين عدة ساعات يدل على خلل في جيش المسلمين لان الباطل لا يستطيع الصمود ساعة واحدة فقط امام الحق فاتقوا الله وتوبوا اليه ، ومن هنا نفهم ان احد اسباب تأخر الاذن بالقتال للمسلمين الى ما بعد الهجرة هو ضرورة اعداد المجاهد ليكون نموذجا للمبدأ الذي يجاهد في سبيله ، لان المجاهد اذا كان مهزوما امام شهواته ويتحكم فيه هواه فل ينتصر على عدوه في القتال ، وقد اثبت المسلمون الاوائل تمسكهم بدينهم وتحملهم كافة انواع الاذى وبهجرتهم و تركهم لاموالهم و ديارهم و اهلهم انهم مستعدون فعلا للجهاد في سبيل الله ، فجيش النبي و جيوش الصحابة لم تكن مجرد جنود ومقاتلين بل كانوا مؤمنين صادقين شرفاء و اطهار ولم يكونوا منغمسين في الملذات و الشهوات او غارقين في الفسق و الفجور ، وفي القصص القديمة ان بني اسرائيل كانوا يقاتلون الوثنيين من اجل انشاء مملكة الرب ، فحاصروا مدينة وكادوا ينتصرون ، فاجتمع اهل المدينة يتشاورون هل يستسلمون ام يهربون ام ماذا يفعلون ، لانهم عجزوا عن الدفاع عن المدينتهم امام المجاهدين من بني اسرائيل ، فأشار عليهم احدهم قائلا : ان بني اسرائيل يقولون انهم يجاهدون في سبيل الله ، وانهم يفعلون ذلك لعبادة الله واقامة دولة او مملكة تحكم بشرع الله الذي اوحاخه الله إلى رسولهم فلو افسدناهم استطعنا أن نهزمهم ، و الرأي ان نرسل الى معسكرهم مجموعة من النساء يتظاهرن بأنهن بائعات متجولات فيخالطن الجيش و يزنين معهم ، فلا يستطيعوا بعدها ان ينتصروا علينا ، وتذكر القصة ان كثيرا من قادة الجيش و الجنود وقعوا في احضان النساء المومسات و مارسوا الرذيلة معهن ، وعندما حان القتال انهزم بنوا اسرائيل ، ولهذا كان الرسول الكريم اذا ارسل جيشا يوصيه بتقوى الله و الا يرتكب الاخطاء فلا يقتلوا طفلا او شيخا ولا يعتدوا على أحد ، لأن الله لا يحب المعتدين ، و لن ينصرهم إذا كانوا ظالمين.

فالجهاد في سبيل الله عبادة راقية لا ينبغي تدنيسها بالمعاصي و الا حلت الهزيمة ولو نظرنا الى واقعنا الذي تفشت فيها المفاسد الاخلاقية ادركنا احد اسباب هزائمنا أمام أعدائنا وقد قال تعالى : "ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم " و المسلمون ينصرون الله بان يطيعوا اوامره و يجتنبوا نواهيه فينصرهم الله على اعدائهم ويثبت اقدامهم .
و لو تحدثنا عن الجهاد في ميدان التنمية و التقدم لوجدنا المعادلة نفسها ، لآن القائمين على التنمية الذين اسند اليهم مسؤولية الاشراف و التنفيذ اذا انغمسوا في شهواتهم فانه بالتأكيد تضيع مصالح المواطنين و لا يحدث تقدم ولا تنمية لان رئيس القسم و المدير و المشرف يلهث وراء الشهوات ولن يهتم بالمصلحة العامة ولهذا قال الشاعر : انما الامم الاخلاق ما بقيت ... فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا و تصوروا أن القاضي يرتكب الزنا ، فكيف سيحكم بالعدل بين الناس .
و تخيل مدرسا فاسدا فكيف سيكون حال التعليم، و هكذا بانتشار الفساد فيمن عليهم العمل على المصلحة العامة فقل على المجتمع السلام .
وقد يسأل احد فيقول : ان الدول المتقدمة غير مسلمة وهي تبيح الزنا و الشذوذ فلماذا لم يتأخروا مثلنا ، فلو كان الفساد يسبب التخلف و فشل التنمية فلماذا تقدمت الغربيون الإباحيون ؟
و الجواب باختصار : ان المسلمين يمثلون جانب الحق مثل الشرطي الذي يحمي القانون ، وليست مخالفة الشرطي للقانون مثل مخالفة المواطن العادي ، و ليس خطأ العالم مثل خطأ الجاهل وليس المؤمن كالكافر قال تعالى : " افنجعل المتقين كالفجار " و لهذا قال تعالى النساء النبي في سورة الاحزاب " يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين " لان زوجة النبي ليس مثل بقية الزوجات ، و زيادة الحقوق لا بد ان يقابلها زيادة في الواجبات وهذا هو العدل الالهي ، فتأمل.
ثانيا : الكافر قرر ان الدنيا كل ما يريد ولهذا اطلق العنان لشهواته بينما المؤمن قرر ان الاخرة ، خير و ابقى ، فكيف يستويان ؟
ثالثا : الكافر يعاني من المشاكل اكثر مما يعانيه المؤمن في احيان كثيرة ، ولهذا ترتفع نسبة الانتحار عندهم وتقل جدا عندنا ، و يكفيك ان تعلم ان سكان لندن هم اكثر الناس استهلاكا لادوية القلق النفسي بسس ضغوطات الحياة .
رابعا : ما يتمتع به الغرب من تقدم مرده الى جهود بذلوها في المجال العلمي و البحثي ويكفي ان تعلم ان الدولية الصهيونية تنفق وحدها اكثر مما تنفقه الدول العربية مجتمعة على مجال البحث العلمي ولذلك هم متفوقون علينا في هذا المجال .
خامسا : العلم الغربي المتقدم هو الذي قدم لنا الكثير من المعلومات و الحقائق عن أضرار الزنا و مشاكله النفسية ، و أثبت عن طريق أبحاثه أن من أسباب البغاء هو تفكك الأسرة ، و أن نفسية البغي تحمل الكثير من العقد و الاحتقار للرجال و أنها في الحقيقة باردة جنسيا و لكنها تفعل ما تفعل لأجل المال فقط .
سادسا : هناك العديد من جمعيات حقوق المرأة في الغرب تكافح لعدم استغلال المرأة ، و هناك أبحاث أمريكية أثبتت أن فصل المراهقين عن المراهقات في التعليم أنجح للدراسة ون أنفع لتحصيل العلم و أقل مشاكل ، و أثبتت أبحاثهم أن المفاتن المرأة الظاهرة هي أحد أسباب جريمة الاغتصاب ، أي أن التعري و عدم الحشمة يزيد من معدلات الجريمة . و المشكلة أننا لا نقرأ و لا ندقق و معظم أفكارنا مشوشة و غير متكاملة ، فمثلا هل لا تستوعب الطالبة المحاضرة إلا بالمكياج ؟
و هل لا تفهم دروسها إلا اذا أظهرت مفاتنها ، و هل ستعجز الموظفة عن أداء عملها المكتبي إذا كان لباسها محتشما و أخلاقها محترمة ؟
و هل تعجز الممرضة عن مداواة المرضى إذا لم تكحل عينيها ، و هل ستفشل المعلمة في تعليمها إذا لم تلبس الضيق و القصير ؟ فكر بهدوء و عقل ما علاقة كل ذلك بأداء العمل على أكمل وجه .
التقدم الغربي لم ينتج بسبب الصدور و الأفخاذ العارية ، بل نتج بسبب الاجتهاد في العلم و حسن أداء العمل و جودة التخطيط ، و لنفرض أننا أنشأنا مدينة و ملأناها بالمومسات و كل أنواع الفسق فهل هذا سيجعل من بلادنا دولة متقدمة في العلم و إتقان العمل ، و هل يجعلنا ذلك نصل إلى القمر ، و هل يساهم ذلك في تقدم الصناعة و الزراعة و جودة الخدمات و حل مشاكل المواطنين ؟ فكر بعمق و صدق ثم أجب .
يتبع...