لوقف ... الاستنساخ في ليبيا

By 1/12/2014 05:45:00 م
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 



ورقة تحتاج منك فقط لدقيقة ... أثر السير في طريقها قد يؤثر على حياة الناس بصورة عميقة



ما رأيك في النظام التعليمي ؟ مدخلاته و مخرجاته؟

هل لديك أدنى شك أن لنظام التعليم في مجتمعنا تأثيره على حياتنا؟.

بالتأكيد تعلم و توقن بذلك ونحن نعلم أن نظام التعليم المتبع لدينا حاليا أخذ  من أنظمة عالمية و هي أنظمة قديمة ربما تكون قد نفعت في فترة ما،  ونجحت في محو الأمية ونقل المجتمع من جهل إلى علم ، و لكننا اليوم نرى الفارق والمشاكل التي أنتجها نظام التعليم لدينا وهي كثيرة وإن كنا لا نستطيع حصرها و لكن هنا بعضها مما يؤثر تأثيرا مباشرا على المجتمع بكل أوجهه الاجتماعية الثقافية و السياسية و في كل جانب من أدق الجوانب في حياتنا.

فعدم مطابقة ما يدرسه الطلاب بالواقع وعدم تطبيق ما يدرسون في سوق العمل المحلي إلا بعض التخصصات المحصورة جداً و التي باتت مكتظة بالخريجين و الدارسين معا واضح جدا و مؤثر.

غياب وانعدام حصص التنمية الواقعية من المهارات وتقوية الهوايات و الافتقار للقاعدة التي يمكنها أن تساهم في الاهتمام باستقطاب الطلبة أصحاب المواهب المميزة لتوجيههم في الاتجاه الصحيح للاستفادة منهم كمجتمع و ليستفيدوا هم من حياتهم مبكرا ، ناهيك عن إهدار جل وقت الطلبة في المراحل الابتدائية في الدراسة و الواجبات و افتقار برامج المدارس لبرامج تطوير المهارات و الهويات مما يؤدي إلى طمس الكثير من مواهب الأطفال في سن وجب فيها الاهتمام بها و تنميتها لتثمر .
أسلوب التعليم المعتمد على التلقين وكأن كل العقول واحدة ، كل الاهتمامات واحدة ، كل الأفهام واحدة ويكون التقييم لهم كلهم على أنهم عقل ومستوى واحد بنسبة نجاح موحدة ، في حين أن ذلك غير واقعي ولا منطقي بالخلقة لاختلافاتنا الطبيعية التي تُهمل في عملية التعليم و تهيئة الإنسان ، مع عدم الاهتمام ولا التركيز على ميول الأشخاص ولاهتماماتهم مما يجعلهم تائهين بين رغبة وحب ليعطي إنتاج أكبر و مابين مجتمع و أسلوب تعليم جامد يخرج قوالب بشرية ميتة قد ينتهي بها الحال إلى أن تكون عالة على المجتمع نفسه وتطالب الدولة بان تنفق عليه بعد أن أنفقت عليه في نظام تعليمها الحالي .

تأخر سن التخرج وإن كان الطالب متفوقا فإنه بسبب السُلم التعليمي الذي يعتبر عقيما ، يتم تخريج دفعات تفتقر للكفاءة و الخبرة فوق سن العشرين و لاتزال بحاجة لخبرة عملية لتدخل سوق العمل الحقيقي ولتجني ثمار كل تلك السنين من التعب والإنفاق والجهد ، بالإضافة إلى ضياع موارد الأسرة فوق كل ذلك لأجل إتمام السلم الدراسي الذي ينتهي بشهادة لم تعد كافية لممارسة الوظيفة التي يشترط فيها عادة سنين الخبرة كما أسلفنا وكم المصاريف المنفقة لأجل شهادة تعد نقطة بداية للتحصيل ليس إلا؟.

النقطة السابقة تدخل أيضاً في تأخير سن الزواج لدى من يرغب في إتمام دراسته من الجنسين ومن يحتاج لتوفير أسباب فتح بيت بشهادة يحصل عليها متأخر أو لا تكفيه للحصول على عمل خارج نطاق الوظيفة الحكومية التي بات العدد الهائل من الخريجين الأميين يرهقها أكثر بكثير من كونه يدخل دماً جديداً إليها .

خسران طاقة الشباب العشريني في سنوات الدراسة أو الالتفاف على نظام الدراسة بغية الحصول على شهادة تقول أنه اجتاز المرحلة وإن بالغش الذي بات مباركا من الأهل و المعلمين أحيانا حتى يتمكن الطالب من اجتياز المرحلة دون تأخير و يحصلوا على ورقة تفيد إنهاء المرحلة بنجاح ، طاقة كهذه وجب استعمالها بتوجيهها فيما يحبه الشاب ليكون نافعا لمجتمعه ونفسه مبكرا ولسنا فقراء في هذه الطاقة إنما نحن فقراء لاستخدامها الاستخدام الأمثل.

شبابنا بسبب تأخر سن الزواج الذي لا يعتمد على تجهيز بيوت فقط بل يعتمد على أهلية الشاب والفتاة على الزواج بعد فهم مقصده ولطول فترة التكوين الذاتي من الناحية المادية ، أصبح يهدر طاقته في أحواله العاطفية والدخول في صراع بين رغباته الطبيعية الملحة والخوف من الزلل بعيدا عن أوامر دينه وقيم مجتمعه وعدم تمكنه من بدء حياته مبكرا ليتمكن من فتح بيت بنفسه دون اعتماد على أحد مما فتح مجالا واسعا لأن تكون المؤسسات التعليمية أماكن للقاء و إرضاء النفس أكثر من مكان لتلقي العلم.

ناهيك عن أن التعليم المقدم في المدارس لا يساهم في إعداد الشاب والفتاة ليكونوا أزواجا مربين لتنشئة جيل مبني على قيم اجتماعية صحيحة ليساهم في تطور حال البلاد إلى الأفضل بعد كل جيل .

أهلية الكثير من المعلمين الذين يُدَّرسون الآن واضحة جلية أنها معدومة التطور والتطوير و التكيف مع تسارع العالم وفهمه لمحيطه وأن كثيرون ما يمتهنون التدريس إلا لأجل المرتب فلا اهتمام حقيقي بالتدريس لإيصال المعلومة أو بنقل تربية للتلاميذ حتى يخرج الطالب من المدرسة بخلق وعلم دون التطرق إلى سوء خلق البعض منهم وزرعهم لعقد في نفوس الطلبة كأن يقول معلم لطالب. "عدي دور وين تقرا" أو " والله ما صاير منك " وغيرها كثير لا حاجة لذكرها لأنها معروفة لدى الغالبية منا .

نحن بحاجة حتى لمراجعة نظام استقبال الطلبة بالطابور الصباحي ، حيث أنه نظام عسكري ،  استريح واستعد وغيرها من الشعارات العسكرية التي يطبقها الطلبة والعقاب والقسوة في التعامل معهم وعدم التركيز على الجانب التربوي بشكل كبير.
إن أردنا أن ننتج إنسانا خلوقا فعلينا مراجعة أسلوب التعليم الذي بين أيدينا والذي أصبح نظاما عجوزا ربما لا يدري أننا في قرن جديد غير القرن الذي وجد فيه وطبق فيه ونفع في ذاك الحين مع العلم أن هذا الأسلوب مضى على وجوده أكثر من مائة و ثلاثين عاما و لم يعد من أوجده في تلك الفترة يستخدمه اليوم لعدم ملائمته للواقع و تطوره.

نعم علينا مراجعته وتكييفه ليخدم المجتمع لا ليهدمه ويخرج كثير من القوالب المتشابهة التي لا تخدم نفسها ولا تخدم المجتمع أبدا بل تشده إلى الخلف.

بحاجة لإعادة هندسة النظام التعليمي بأكمله للحصول على أعلى نسبة عطاء لدى كل فرد من أفراد المجتمع لأنفسهم وللمجتمع.. بحاجة لان نراجع استثماراتنا فيه لنخرج بأفضل النتائج الإنسانية...

لدينا الإمكانيات والقدرات والوقت لفعل ذلك ولتحويل المرحلة التعليمية من صناعة القوالب الفاشلة لنفسها وللمجتمع إلى استثمار حقيقي للوقت والطاقات الشابة التي تعد جيدا لتعيش بشكل أفضل لها وللمجتمع.

خطوات بسيطة في تركيبتها مهمة في مضمونها يمكن اتخاذها في اتجاه تكوين نظام تعليمي فعال لنا و لأبنائنا و الأحفاد يشهد به المستقبل لمن عمل من اجله انه حقا خدم الإنسان في هذه البلاد
و المقترح هو ...

·        بداية بتكوين فريق بحث علمي بالاستعانة بخبرات عالمية تدرس و تبحث في هذا المجال منذ سنين و الاستفادة من خبراتها و الخبرات المحلية لدراسة متطلبات العملية التعليمية و مراحلها و المناهج المتبعة و النظر لمتطلبات سوق العمل و الحياة الاجتماعية و التنموية بشكل دقيق وواقعي بما يتناسب مع متطلبات بلدنا بالتحديد وكل منطقة من مناطق البلاد بحيث ينتج عنها مفهوم صحيح لتصحيح العلمية التعليمة بالكامل و تحويلها من جهد ضائع إلا مرحلة إنتاج إنسان واعي متعلم و مثقف و بتربية عالية

·        إنشاء و تجهيز مناهج مناسبة للسلم الدراسي الجديد ، مناهج متطورة تتماشي مع أساسيات العصر و الفهم الصحيح و إدخال الطرق العملية و أسلوب البحث العلمي و التعليم التطبيقي بعيدا عن التلقين و الحفظ و بما يتناسب مع كل المراحل و كل مستويات الفكر لدى الطلبة ، و التخلص من الكثير من المعلومات التي تجعل المناهج دسمة بلا فائدة ترجى في حياة الإنسان العلمية و العلمية اللاحقة.

·        إعداد لوائح حديثة تبين الأسلوب الأمثل لتهيئة المعلمين و تقييمهم للعمل على التدريس و مراجعة و تعديل كل معايير التدريس و التوظيف للمعلمين من النواحي العلمية و الفكرية و الثقافية و النفسية بحيث يتم تقييم كل المعلمين الموجودين على الساحة و توزيعهم بالشكل المناسب لما يحقق المصلحة الأفضل للطلبة و للعملية التعليمية بالكامل إلى جانب الرفع من مستوى دخل المعلم بحيث يكون من أعلى المستويات في المجتمع بشرط تطبيق معايير صارمة فيما يخص الكفاءة و القدرة و الرغبة الحقيقية في تطبيق الأسلوب العلمي و التربوي المرجو من كل عنصر من العناصر المسئولة في هذه العملية و في كل المؤسسات التعليمية بما يضمن عدم نقل عقد نفسية للطلبة سواء بالعنف الجسدي او النفسي مع الحرص على الأمانة في العطاء و التقييم .

·        تصحيح أسلوب تقييم الطلبة بناء على المناهج الجديدة بحيث يؤخذ بعين الاعتبار الاختلافات الذهنية و الفكرية و ميول الطلبة و يحدد ذلك ما سيتبع من أسلوب في التدريس و توجيه الطلبة حسب ميولهم و قدراتهم الذهنية

·        معالجة وتعديل قانون اعتماد المؤسسات التعليمية الخاصة والجامعات بشكل خاص مع مراجعة تطبيقهم للقوانين وأسلوب التدريس والمناهج ومنح الدرجات للطلبة وتخريجهم بأساليب لا تخدم الوطن بل تثقله، إلى جانب مراجعة كل ما يتعلق بالسلوكيات و الممارسات داخل كل المؤسسات و السماح للطلبة بما لا يتوافق مع العملية التعليمية بحيث نحول دون تحول المؤسسة التعليمية الى مكان لا يليق بما يقدم فيه من علم

لننظر إلى التعليم على انه مشروع استثماري المنتج النهائي فيه هو إنسان واعي متعلم مثقف يعرف و يقدر معنى العلم و الأخلاق و الثقافة و خدمة نفسه و بلد و القيم التي ترفع من مستوى الإنسان ، و لأجل إنجاح هذا الاستثمار علينا مراجعة كل معطياته و كل ما نقوم بدفعه من جهد ووقت و مال و أعمار أجيالنا ... حتى تكون النتيجة كما نحبها و نرضاها...

و لنحاول أن نقوم بشيء اليوم شهد لنا عند الأجيال القادمة و عند الخالق بأننا شهدنا شيئا و كان بإمكاننا أن نتحرك و نغيره و نحسنه و أننا لم نجلس و نشاهد بل قمنا بالتغيير و سرنا في طريقه بما لدينا من إمكانيات يمكنها تغيير حياتنا ، و لكي لا ننسى أن الاهتمام بالتعليم و التربية هو أساس صناعة الإنسان و المجتمعات الناجحة التي لديها مستوى معيشة مرتفع ، و ان لم نصنع الإنسان فان كل مشاريع ننجزها لن تجد من يستعملها الاستعمال الأمثل و ستنهار بانهيار من يستعملها .
بالإمكان القيام بشيء يغير وجه تاريخ هذه العملية و يخرجنا من ظلام إلى نور و أنت احد الذين يمكنهم المساهمة في هذا التغيير فلا تتأخر





شكراً



هشام بومدين