رسالة من أب... أخ

By 9/21/2017 11:38:00 م
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته



يا بني ... يا بنيتي... 

فارق العمر بيننا لا يشكل أي فرق ومكانتي أيضا لا تشكل أي فرق ولا يجب أن تؤثر على حياتكم ، فأنتم كيانات مستقلة لكم صحائفكم ولكم أعمالكم وهذه حياتكم لتملأوا صحائفكم بما شئتم ... أنتم أصحاب القرار فيها ، فلا تنتظرا مني أن أكون على نفسي وعليكم رقيبا ... فبالكاد أكفي نفسي وأصارعها ، وأنا لا أدري إن كنت أحسن صنعا أو أني أضيعها...
إن كنت قد زرعت فيكم ما ترعرعتم معه من مفهوم الإستقلالية الفكرية والتفكير وعدم التبعية وأن لا تكونوا إمعات كما وجب لي أن أفعل ... وإستقر في أذهانكم و قلوبكم و طبعكم حسن الخلق الذي تعاملنا به بيننا منذ وعيتم على الدنيا... وكل تلك الحوارات التي كانت الأسئلة فيها تشغل عقولكم الكبيرة في أجسادكم الصغيرة وهي عطشى شغوفة لمعلومات تملأها ، وكل ما إستطعت أن أجيبه بأفضل ما أعرف ، وكل وعد قطعته كي أجيب على ما لم أعلم و وعدت أن أبحث عنه وبوعدي لكم وفيت فإكتملت المعلومة لديكم ، و أن أكون قد نجحت في تعليمكم القوانين التي بها تُحل المعادلات عوضا عن إعطائكم الحلول جاهزة فقط لأتخلص من ضجيج طفولتكم البريء، فإن القوانين ستعينكم على حل كل مسألة تواجهكم في حياتكم أما تقديمي للحلول الجاهزة لكم كانت ستفيدكم فقط في حينه وستنتظروا دائما من يحل لكم المسائل إذا ما واجهتكم ، و زمانكم و زماني لن يكون واحدا... ولكن تأكدوا أن ربي و ربكم واحد و حرامنا و حلالنا واحد... فلا معنى لتغير الزمن إلا فيما سترونه من حديث إختراعات و ربما إنحلال أخلاقيات حولكم أسأل الله أن يثبتكم وأن يعينكم ما نضج من عقولكم و فهمتم من قوانين الحياة أن تتجنبوا كل ما يغضب الله منكم ، وتكونوا لغيركم عونا. 

أنتم ملك لأنفسكم وأنتم كيان مستقل لا تتبعون أحدا إلا أمر الله ورسوله ، والله الذي خلقكم وهو أعلم بكم... أعطاكم منهجا و كتابا يكون لكم دليلا لحياتكم ، تماما كدليل المستخدم الذي ترجع إليه كلما حدثت معك مشكلة في جهاز إقتنيته... وأعطاكم الإختيار في حياتكم... فأحسنوا الإختيار... 

وإن كنت قد زرعت فيكم من الخير مما أعانني عليه ربي ووفقني وبارك لي فيه ، فإني أرجوا أن يجعلني ذلك ممن يلتقيكم في جنته على سرر متقابلين أنتم و ذرياتكم ... 

لستم صغارا ، فما أن بلغتم ولم يكن لكم ولا لي إختيار في متى تبلغون وهو من أمر الله و سننه فينا ولا يرتبط بإنهاء دراستكم أو التخرج، حتى صارت صحائفكم مفتوحة و ما تفعلون عليكم مقيد ومكلفين بكل ما يكلف به الإنسان العاقل المسلم البالغ ... فما عاد لي عليكم من رقيب إلا أن الله رقيبكم ... ولم أعد أرى أنكم صغار بل أنتم الأن مكتملي العقل و الجسد ... ولكم إختيار حياتكم وما تكتبون فيها و ما ترغبون في فعله بها ... 

فارق العمر بيننا لا يهم ... فأنت الآن مكلفون ... محاسبون ... مستقلون... حياتكم ملككم أنتم... 

وأنتم وإن كنتم أبناء لي ... إلا أنكم إخوة لي في الإسلام... وهو الأهم...
فقط لنحاول جميعا معا أن نلتقي عند حوض النبي ولا يردنا عنه أحد ... 



شكراً