دين تفكر وإبداع ، ليس دين إنغلاق وإفزاع …

By 11/10/2016 10:43:00 م
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 



لماذا يعتقد البعض أن الإسلام دين لا يسمح بالتفكير و الإبداع الفني والإنساني بحدود الإيمان الراسخ ؟ 

لماذا يُتهم الإسلام جملة كدين بتقصير من يوصفون بالعلم و المشيخة وتؤخذ أراءهم على أنها هي رأي الدين ولا رأي غيرها؟

لماذا لا نفصل بين الإسلام كدين و بين من "يقول" أنه عن الإسلام يدافع وهو يتحدث فقط بإسم الدين؟

لماذا لا نفصل بين فهمنا وبين حقيقة الدين؟

لماذا نقولب الدين و نحجره ونرفض قبول الإختلاف فيما جاز فيه الإختلاف؟

لماذا نحاول إلباس الجميع لباسا واحدا وإلا فإنه خارج الملة و ربما يلقى بهم في "الناااااار" إذا لم يلبسوا هذا اللباس؟

أغلقوا كل أبواب الإبداع الإنساني بحجة أنها تخالف الدين... وحتى تلك التي لا تخالف الدين في شيء... لم تعجبهم فخالفت الدين...
وحتى ما إختلف فيه العلماء وليس فيه نص قاطع الدلالة صريح لا يمكن رده من كتاب أو سنة... قالوا لا رأينا أصح من رأيهم ، مع أنه فقها علميا لا يصح أن ترفض رأيا مخالفا لك وخاصة إن كان يستند على دليل وفهم غير فهك، وإلا تكون أنت المتعدي، وما كان عالم من علماء المسلمين الأوائل يفعل هذا، وإلا لما وصلتنا المذاهب الأربعة التي عاصر أئمتها بعضهم ... و حتى درسوا عن بعض... 

وحتى السهو و الخطأ الذي لا نؤاخذ عليه... جعلوا منه مصيبة و كارثة حلت على صاحبها إن معه سهو أو أثّر إسلوب نطقه على كلماته … أنسي هذا الشخص أمر القراءات وكيف وجدت؟ أليس للناس لهجات؟ وهناك من ولد و تربى و كبر و هو ينطق حرف الثاء سين؟ دون إرادة منه وهو يظن أنه ينطقه ثاء؟ 


لماذا بالله عليكم لماذا؟
لماذا بات الكثيرون ينظرون إلى الدين على أنه القيد الذي أفشل حياتهم ، في حين أنه الحرية التي إرتفعت بمن إعتنقها فهما و يقينا ومقصدا؟ 

ألا يفرق ذاك الفذ إمام زمانه كما يحب متابعوه أن يصفوه بين من ولد لا يستطيع نطق حرف الحاء لينطقها هاء و الظاء لينطقها زين وليس كما يجب حتى يقول أنهم عندما ينطقونها بخطأ يذنبون ذنبا عظيما؟ 
أي إغلاق في العقول هذا بالله عليكم؟ 
أي إغلاق و تشويه للدين ومفهومه عند عامتنا ... ألا نستعمل عقولنا؟ 
لن نقول أنها أهواء إستبدت بهكذا عقول ولكن هو سوء فهم من الأساس ... كيف يمكنك الإبداع في الرياضيات ما لم تعرف الجمع و الطرح؟ وما أسهل الجمع و الطرح...
و كيف يمكنك أن تبين لي تفاصيل ديني و توضحه لي ما لم تعرف جمع و طرح اللغة العربية؟ 
لا ندّعي العلم ولا ندّعي الإمامة و لا الفذاذة ولا الفطحلة ولا غيرها... بل نحن بشر نستعمل عقولنا التي أمرنا الله أن نستعملها.

و لذلك و بسبب فهم خاطئ للكثير ممن يدّعون المشيخة و العلم و وجدوا من يوافقهم و يسير على فهمهم أصبح العامة يعادون الدين بهذه النظرة ... أصبح العامة من الناس لا يتقبلون الدين بنظرته التي رسمها هكذا أناس ... فليس من المنطق أن تحجّر عليّ كل جوانب الحياة بفهمك أنت و تطلب مني أن أعيش في صحراء وأتصرف كأهل الصحراء و أقاطع وامانع كل شيء ... وتطلب مني تعطيل عقلي و تفكيري والخضوع بتبعية لك ولفهمك أنت ؟
في حين أن ديني و أصوله تدعوني لتشغيل عقلي و تفعيل قلبي و إستعمال العقل الذي هو أساسا مناط التكليف و بدونه لست حتى مكلفا بصلاة؟ 
إذا ما لم يستعمل الإنسان عقله و يطابق الإيمان قلبه و يفهم دينه و يعي مقاصد شريعته و يفهم حقا ما المقصود، كيف سيستطيع العيش في دنياه و يمارس حياته المطابقة لما امره به دينه و ينشره و يبشر الناس ثم ينذرهم، لا أن ينفرهم و يخلط عليهم الأمور فيصبح فتان مبعد للناس عن دينها؟
كل شيء أغلقوه … و الحقيقة أن الإنسان حقا يخاف ما يجهل … ولكن لا يجب أن يصل بك الخوف من أمور حياتك و دينك يأمرك أن تتعقل و تتفكر و تتدبر و تتأمل و تبحث و تبشر… و الله أنه لتنفير و تصعيب للدين في تفاصيل كثيرة… 

هي دعوة لتفعيل العقول … و دعوة للكف عن إتهام الدين الذي هو بريء من الكثير من معتنقيه … بريء من الكثير ممن يدعون المشيخة و الإمامة و الفذاذة و الفطحلة … بريء كل البراءة و الله … الإسلام دين سمح… وليس دين جهل و تعصب و إغلاق و تحريم… 
بالله عليكم… لا ينقصنا المنهج ولا ينقصنا الدليل ولا ينقصنا شيء لنعرف الطريق و نسير فيها… ولا ينقصنا فقط إلا إستعمال العقل و الكف عن التبعية العمياء التي يأمر فيها العقل بالإغلاق و العين بالإغماض و التبعية العمياء تجره إلى حيث لا يدري.. 

ديننا دين حياة… لا يمكن أن ينفصل الدين عن الحياة فما هو إلا منهج حياة… فلا حاجة لنا لإغلاق كل الأبواب في وجه الناس و تخوفيهم من كل شيء… 

جوانب كثيرة لا يمكن تغطيتها ولا حصرها في هذه المسألة، فقد تدخل سوء الفهم في كل شيء، في كل مجال… و ما مصدر الجهل إلا عدم دراية حقيقية بأصول اللغة التي هي المفتاح الأول لفهم كلام الله و حديث نبيه، إلى جانب غيرها من أصول العلم التي لا يقوم العلم إلا بها… 
و الحقيقة أن هناك إنتشار لسوء الفهم هذا، فتخلط الأمور بعضها ببعض و تبل و تعجن و تدمر الكثير من المفاهيم بناء على ذلك، و الحقيقة أن أصحابها ينوون بذلك خيرا، فهم ينجرون خلف من لهم صيت ذائع و يشهد لهم الشاهدين و يثني عليهم خيرا، دون الرجوع لعقولهم و وزن الأمور بقلوبهم و الرجوع إلى الكتب أو البحث و التمحيص، و هناك من ينسى أن الصيت الذائع ماهو إلا نتيجة دعاية وإنفاق باذخ لينتشر هكذا مفهوم لا نستطيع أن نقول عنه مكتمل ولا نستطيع أن نقول عنه أيا ما نقول… 
و الحمد لله أن الوحي إنقطع ولن يكون هناك أحد يوحى إليه حتى يفرض أحد على الجميع رأيه وإلا كبهم جميعا في النار لأنهم خالفوا فهمه هو… 

في أحد الكتب القديمة… ذكر موقف حدث في إحدى البلاد العربية في بدايات القرن الماضي، أن مشائخ تلك البلاد حرموا الهاتف، عندما ظهر في بلادهم أول مرة… فحاول معهم رئيس البلاد لإقناعهم فأبوا إلا أن يحرموه من باب سد الذريعة حسب قولهم… فما كان منه إلا أن جلبهم و إتصل أحدهم من الطرف الآخر و قرأ القرآن وأسمعهم… فما كان منهم إلا أن قالوا بتحليله… 

وما الدين إلا منهج حياة يرحمني و يرحمكم الله... 
فأعملوا العقول والقلوب ... و لنفقه ديننا أكثر حتى لا نُغش ممن يريد فرض فهمه الخاص علينا... و تحطيم كل ما سواه من أفهام.

ولنقف بمنطق و عقل و نفكر كما أمرنا الله ، فليس هناك إلا رغبة في أن نعي و نعود حقا للدين القويم و للطريق الواضحة و نجتمع لنكون أقوى وإن كان بيننا إختلاف أفهام... 
فديننا دين إبداع و فكر و جمال وليس دين حرب و غباء وإهمال... 



شكراً…