ريادة الأعمال ...

By 8/06/2016 10:11:00 م
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 



أن تكون أول من  يتلقف الفكرة من الهواء بخارا ومن ثم تكثفها لتصبح واقعا ملموسا مؤثرا في حياة الناس ، و تبهرهم بها لتصبح رائدا أولا قبل الجميع فيها لتأخذ شهرة الإبتكار و الإنجاز ... 
هذا ما يعتقد الكثير من الناس أنه أهم عامل من عوامل النجاح و الصعود في درجاته دون منافسة ... وهو ما جعل كل رائدي الأعمال في العالم أصحاب تأثير في المجتمعات بما يملكون من مليارات ساعدتهم أكثر على تطبيق أفكارهم بشكل أوسع ... 
ولكن هل حقا الريادة في الأعمال مازالت تحمل ذات التأثير كما يعتقد البعض أنه عليك أن تخرج بفكرة جديدة لم يسبقك لها أحد لتكون فيها رائدا و يحالفك النجاح الباهر ... 
أم أن الحقيقة الواقع المتغير بإستمرار يخبرنا بأن هذه الفكرة ليست إلا حاجز نفسي يخلقه الكثيرون أمام أنفسهم مما يمنعهم من الإقدام على تنفيذ أفكارهم و تطبيقها على الواقع ؟ 

فوجود غيرك يعمل على ذات الفكرة لا يعني أن تتوقف أنت ولا تستمر في تنفيذ فكرتك ... التي قد تنافس الأفكار القديمة إن أخرجتها إخراجا صحيحا و تنفيذا مناسبا لنموذجك الذي إخترت العمل عليه ... 

فالنجاح ليس بإنفراد الفكرة وحدها يحدث ، إنما بالتميز في إتقان تنفيذها و جمع خيوط النجاح المطلوبة حسب فكرتك... و تطبيق أسلوبك أنت الذي يحل مشكلة قائمة ... 

هناك أمثلة كثيرة على ذلك ... في التقنيات و في الإعلام و الأفلام و المنتوجات الغذائية و الألكترونية و الصناعية ... 
فهناك من قلد العالم ومن ثم أصبح هو من يبيع العالم كل شيء ... لعلك سمعت ببلد إسمه الصين ... 

كان هناك موقع إسمه MySpace وهو يعد أول موقع تواصل إجتماعي اشتهر بدايات الإنترنت و كان له صيت ... وهو لم يمنع ظهور FaceBook و إنتشاره و ربما حتى القضاء على موقع MySpace ومن يدري قد يخرج غدا موقع يقضي على FaceBook أيضا 
من الشركات الرائدة في الإنترنت و مواقع البحث شركة Yahoo! و التي كانت من أكبر شركات الإنترنت في بدايتها ... و قام Google بتقديم ذات الخدمات أو جزء منها ولكن بطريقته ... و معلوم موقع كل شركة من الأخرى ، و نجاح Google أيضا لم يمنع شركة MicroSoft من إطلاق موقع البحث Bing الذي أخذ مكانه هو أيضا 

و كذلك متصفح Chrome  = من شركة google دخل على سوق كان يحتكره Internet Explorer و لمتصفح Netscape   نصيب صغير جدا منه ... و لم يكن  متصفح Chrome  رائدا ولكنه الآن يعتبر في المقدمة بين التمصفحات الآخرى ... 

تطبيقات أخرى كثيرة جدا يصعب حصرها ، كانت هي الرائدة  وهي البداية ولكنها الآن أصبحت متأخرة عن ما لحق بها من تطبيقات حلت المشكلات التي إعترضت تلك التطبيقات و كذلك زادت عليها بما يملك القائمين عليها من أفكار إستحسنها المستخدمين فأقبلوا عليها ، بالتالي نجحت أكثر ... 

أينما كنت ... في أي مدينة كنت ... كم مطعما في مدينتك ؟
وأيها أكثر شهرة و عليه إقبال من الناس ؟

لعلك تعرف جيدا أنه في كل فترة من الزمن يظهر مطعم جديد ، يقدم ذات الوجبات ... ولكن تجد أن له نصيبه من الإقبال أيضا ... وإن لم يكن رائدا أو هو البداية فيما يقدمه ... بل العكس تماما فيما يخص المطاعم ... كلما قدمت ما يعرفه الناس كلما أقبلوا عليك أكثر ... 

بالتالي ... فإن فكرة ريادة الأعمال ليس في حد ذاتها المفتاح الذي يدخلك إلى عالم العمل وأن تتجه نحو إمتلاك مشروعك بدلا من أن تكون موظفا في شركة ما ... أو تجمع بينهما ... لنتخلص من مفهوم الوظيفة و المرتب المضمون الداعم للكسل ... 

ولكن فكرة إتقانك و تميزك في تقديم الخدمة التي عليها بنيت مشروعك و كيف توصلها إلى المستهلك أو المستفيد منها ، هو الأساس الذي ستبني عليه ... بالتالي ليس هناك أي مانع أن لا تكون رائدا في الفكرة ولكن يجب أن تكون متقنا لعملك متميزا فيه بجودة الخدمة و أسلوب تقديمها ...

فلا تفكر في مسألة الريادة وأنك تكون الأول ... فهناك كثير من الأعمال و البرامج  و المشاريع الرائدة التي لم يسمع عنها أحد ولكنها ناجحة في صمت ... ولم تكن الأولى في إنشاءها ... ولكنها كانت مميزة فيما تقدمه ... 

إن كنت تملك فكرة مشروع أيا كانت ... و درستها و تشعر أنك مائل لها و تملك القدرة على تحقيقها ، فلا تتراجع فقط لأن غيرك يملك مثلها أو بدأ بها ... بل تقدم وأثبت إختلافك عن البقية بما ستقدمه أنت ... دونا عن البقية ... 

و تأكد أنه لا وجود لنجاح سلسل ... و كل شيء يحتاج منك جهد و صبر و عناء ... و إن لم تصبر السنة الأولى لن تتذوق طعم النجاح أبدا...

العالم يسعنا جميعا ... و الرزاق واحد ... رزقه لا ينفذ ... أقدم و خذ بالأسباب و بإذن الله ستنجح و يأتيك رزقك ... 

هيا كن متميزا في عملك ولا حاجة لك بأن تكون رائدا فيه بالمفهوم السائد ، ولكن كن مقدما مقبلا بالإجتهاد و الإتقان


شكراً...