الإختيار إختيارك ...

By 6/08/2016 09:43:00 م
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 





أتذكر؟… عندما كنت لا شيء يذكر تنتقل من صلب إلى صلب؟
أتذكر؟… عندما كنت تسبح في سائل أقصى حدوده أرحم وأحن ما يمكن أن يحتويك في هذه الحياة؟
أتذكر؟ … أنك لم تختر من يكون صاحب ذاك الصلب وصاحبة هذا الرحم؟
أتذكر ؟… أنك لم تساهم في إختيار ما سيناديك به الجميع طوال حياتك و ربما يُكتب على قبرك عندما تفيق و تنادى به عندما تبعث
أتذكر؟ … أن أبويك لم يسألوك عن الأرض التي تريد أن تكون مسقط رأسك؟
أتذكر؟… أن جدك قد يكون من بلد مختلف تنقل حتى حط به الرحال ليولد والدك أو والده في أرض أيضا لم يخترها؟
أتذكر؟ … أنك إمتلكت ومازلت تملك الحرية لتنتقل للعيش في أي بلد أردت ، وليس عليك إلا إتباع السبل ؟

لعلك تذكر … و لعلك تتجاهل نفسك و ذاكرتك  … 

أتدري … 
عندما نعيش ما يحدث بيننا من فوضى … فوضى عامة لم تعد تحدها حدود … فالفوضى في كل مكان … وجد فيه الإنسان…
أي أنواع الفوضى و الخطيئة يكثر في بيئتك؟
القتل … الربا … العقوق … الزنا … السرقة … النهب … النصب … الغش … الغل … الإستغلال … الإستعباد … الشهرة … المال … الفقر … الغيبة … النميمة … الحسد … الفقد … الموت … الصراع … الجوع … الغنى … الخديعة … الخيانة … 
لك أن تستمر في تعدادها … وليست جميعا محددة بمكان … 

أتدري …
أتدري أن هذه صفات إنسانية لا تملك جنسية ولا جنس ولا جواز سفر و لا بيئة ولا مناخ محدد؟
أتدري … أن هناك حسود في كل مكان … وحقود و طيب و فقير وغني و مجرم و سفاح في كل مكان ؟
أتدري … أن البشر جميعا … يشتركون في صفات أساسية موجودة في كل منا ؟
أتدري … أنك بيدك إختيار الصفات التي تريد تغذيتها حتى تكون غالبة عليك ، وربما بإمكانك أيضا أن تنقلها لغيرك حتى تصيب العدوى عددا أكبر في مكان واحد ليأخذ هذا المكان طابع تلك الصفة ؟ 
أتدري … أنه حتى إن حدث ذلك ، لا يعني أن ذاك المكان يخلوا من بشر يحملون صفات مختلفة عن تلك الفئة ؟

أتدري أن الحل لمشاكل البشر يكاد يكون واحد …

هل سبق وأن سمعت آية في كتاب الله تقول … 
يا أيها الذين آمنوا من الليبيين أتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ؟
أو أنك سمعت آية تخاطب الذين آمنوا من الأتراك أو الذين آمنوا من الهند أو اليابان والبرازيل؟

هل سبق وأن سمعت أن أمر غض البصر أمر به جنس معين دون آخر؟ أو أمرت به جنسية أخرى دون غيرها؟
هل سبق وأن سمعت أن أمر الصلاة أو الستر “الذي نسميه اليوم الحجاب” كان موجها للفرس دون الروم أو العرب دون الإفرنج؟ 
هل سبق وأن فكرت في ذلك ؟


كل الحلول و القوانين و الموانع … التي قدمها الله لنا في كتابه على لسان نبيه … هي للعالمين … أي لكل مخلوق عاقل … لكل مكلف … لكل إنسان … أعرف جيدا أنك تحفظ (لا فرق بين عربي و أعجمي إلا بالتقوى ) ولكن الحفظ شيء … و عيش هذا المعنى في حياتك و نفسك و قلبك شيئ آخر تماما مختلف … 

لماذا نغذي الإنغلاق في بيئاتنا و نحن نملك ما يجمعنا مع البيئات الآخرى أكثر مما يجمعنا مع الأرض التي نعيش عليها ؟

أتدري … أن القواسم المشتركة بينك يا من تعيش في شمال أفريقيا و بين السكان المحليين من أستراليا و أمريكا أكثر مما يجمع بينك و بين التراب الذي تعيش عليه؟

نعرف و ندري و نذكر … و لكننا غالبا ننسى … 
قد نشكر بعضنا للتذكير بذلك … و لكن بسرعة نعود لنباشر زعمنا بأننا أفضل … و نحب أنفسنا أكثر … و ننسى المحبة للأخرين في الخير … و لا أدري كيف يعيش من لا يملك في قلبه لله محبة … 

مازلت تذكر أليس كذلك ؟

فقط تذكر من ضمن كل ما تذكره … أن الثقافة التي تعيشها وتغذيها بنفسك ، هي التي تحكم نمط حياتك … فلك أن تعيش ثقافة مفهوم “إن لم تأكل أكلتك الذئاب” أو أن تعيش ثقافة “أحب لأخيك ما تحب لنفسك” … 

ويبقى الإختيار إختيارك … يا إنسان … 



شكراً…