جبناء نحن ...

By 1/27/2016 10:07:00 م
 السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 




ماذا تعني كلمة السُّنَّة ؟
هل هي الطريقة …  أم الطريق … أم الأسلوب  … أم هو النهج و المفهوم … أهو المقصود من الفعل أم هو الهدف …
ماهي السُّنَّة  النبوية؟ 
هل هي كيف كان يمشي ويأكل ويتكلم و يبتسم النبي عليه الصلاة و السلام؟
ام هي كيف كان يعامل ويصلح و يحب الخير لكل البشر و يعبد الله ؟
هل هي مفهوم مقصود أفعال أم هي شكليات و طرق و خصال ؟

كيفية اللباس كيفية الأكل كيفية السير كيفية الركوب و كيفية الحركة؟
أتدري ... أن سيدنا خالد بن الوليد خالف السنة بمفهوم بعضنا لها اليوم؟
حاشاه أن يفعل حقا ولكن إن طبقنا مفهوم السنة اليوم و ماهو متداول بشكل عام بيننا “إلا من رحم الله” ... سنجد أنه خالف سنة النبي … 

ولكن كيف ؟ كيف لصحابي جليل سماه النبي سيف الله المسلول أن يخالف النبي في حضرته؟
إليك الواقعة كما ذكرت في الكتب …
“ روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس عن خالد بن الوليد : أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت ميمونة فأتي بضب محنوذ فأهوى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ، فقال بعض النسوة أخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يريد أن يأكل ، فقالوا : هو ضب يا رسول الله ، فرفع يده ، فقلت : أحرام هو يا رسول الله ؟ قال : " لا ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه " ، قال خالد : فاجتررته فأكلته ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر”
أترى ما ذكر ؟ لم يأكل النبي … و لكن خالد بن الويد … إستمر يأكله … أمام النبي … 
فلماذا فعل خالد شيئا لم يفعله النبي
لماذا لم يتركه من يده ويقول شيء لا بفعله النبي لا أفعله
و ألقى بالضب بعيدا بدلا من أن يلتهمه التهاما و النبي ينظر إليه ؟

لماذا ياترى ...

كم من صحابي خالف النبي فيما يعتبره اليوم كثيرون من السنة ... لأنهم لم يعتبروا اللباس و المشي و طريقة الأكل والشرب من السنة
لماذا؟
لأن همتهم عالية ... لأنهم شجعان أقوياء ... لأنهم فهموا المقاصد ... و عليها ساروالأنهم يملكون شجاعة الصفح عن الآخرشجاعة ترك المنكر بأمر من اللهشجاعة الإنتهاء عن شرب الخمر بكلمة واحدة دون نقاششجاعة الستر التي نسميها الحجاب بكلمة واحدة دون نقاش  … لأن مروءتهم وافية إكتملت بالإيمان بالله
يملكون شجاعة حب الخير للغير وإن لم يكن معروفا لهم لا قريب ولا صديق … 
يملكون شجاعة لا نملكها ...
فطبقوا من سنة النبي جوهرها و مفهومها ... و لم يهتموا بما لم يعتبروه من السنة ... لأنه كان السائد بالطبيعة فيهم ... وكثيرا قيل أن أسلوب أكل العرب جميعا كان مشابها ولم يتغير بعد الإسلام ولا لباسهم تغير بعد إسلامهم ... ولم يؤمر أحد بخلع ثياب كان يلبسها عندما كان كافرا ليرتدي ثيابا نظيفة ... وإن كان أهل قريش في الجاهلية يفعلون هذا طمعا في بيع ملابس جديدة للحجاج ذاك الوقت … اللهم أن يحرم الله أكل خنزير أو شرب خمر … وذاك له أمر واجب فيه التنفيذ … 

فما بالنا جبنا و ضعفنا حتى أننا تبعنا ما كان يفعله أهل ذاك العصر في معيشتهم و لباسهم ... ونسينا و تركنا وعن ما يصلح لكل عصر تكاسلنا؟ ... 
نعم جبناء ... "إلا من رحم الله " 

المحبة لا حد لها بوقت أو زمن الشهامة لا عصر لها ولا وقت محدد ولا زمن ... الصفح و التوكل على الله ، الإيجابية و الإستبشار بما عند الله ... الدعوة إلى الله باللين بمحبة الخير لمن تدعوه أن ينجيه الله من العذاب الذي تخشاه أنت أيضا  ... بمحبة الخير لنفسك ... لغيرك ... أن تعذر الآخر وتفهمه أن لا تلعن ولا تطعن ولا تكذب ولا ترتشي ولا تزني ولا تأكل أموالا بالباطل ولا تخضعن بالقول ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ولا تظلم أحداً ولا تأكل مال اليتيم ولا تغش ولا تكن بخيلا ولا تخشى الفقر و تعطي وتتصدق بوفرة ... 
كلها سنن ... ولكنها غالبا مهجورة ... لأنها تريد منا الشجاعة ... شجاعة الإيمان ... شجاعة الفهم و التعمق في المقصد و المضمون ... شجاعة مواجهة ما تقول عنا العرب ... شجاعة الخير و قول الحق وإن على نفسك ... 

فلما تعلقنا بأشياء لم يتحدث عنها النبي أن إتبعوها وعضو عليها بالنواجد ... ألم يامرنا النبي عليه الصلاة و السلام أن إفعلوا كما رايتموني أفعل ... وهذا الأمر كان في كل أوامر العبادة ... ولكنه لم يقل تاجروا كما رأيتموني أتاجر أو امشوا كما أمشي أو كلوا كما آكل آو البسوا كما البس فهذا لباس أهل الجنة ؟
اللهم أن يكون دعوة لفضائل الأخلاق … و أمر بأداب الأكل و الشرب و الحديث و الأفعال الأخرى … كآداب وليس كطريقة و تقليد …لما يختلف فيه البشر ولا جناح فيه … 
لا ... كان النبي عليه الصلاة و السلام  يركز دائما على القلوب التي ينظر إليها الله وليس الأشكال و الهيأت… وإن كان الإهتمام بالهيئة غير مهمل من باب النظافة و الوجاهة وحسن المظهر ... بما يناسب الزمان فيما لا يعارض سترا و حياء … 
ولكن هل قال سيأتي امّم من بعدي يلبسون كما البس و يأكلون كما آكل و يتحدثون كما أتحدث فأبشرهم بالجنة ؟
إنما على ما كان عليه النبي و أصحابه من إيمان و تقوى و دعوة و خوف من الله و أفعال وما قر في القلوب … 

سامح الله بعض العلماء ... في تركيزهم على هذه الأشياء و إقناعهم العامة بأنها هي السنة ... و لم يركزوا على ما ركز عليه النبي من تهذيب النفوس و الرقي بالقلوب و فهم المقاصد و تأدية السنن الحقيقية التي تنجي النفس و القلب ... و تغرس المحبة في قلوب المؤمنين ... السنن التي لا علاقة لها بكيف ترتدي ثيابك وكيف تأكل وكيف تسير وما ترتدي في قدميك
السنن التي بها فعل سيدنا أبوبكر ما فعل و فعل سيدنا عمر بن الخطاب ما فعل … و كل الخلفاء … و كثيرا ما فعلوا أشياء لم يفعلها النبي على زمانه ولكنهم فعلوها بفهم صحيح … لما يحتاجه وقتهم و زمانهم … 

يجب أن يفيق قلبك ... يجب أن ينتفض عقلك ... يجب أن تعي و تنتبه ... تعقل و تتفكر … 

نريد ان نحيي سنة النبي في التبليغ ... في نشر الدعوة ... في إنقاذ الناس وليس هلاكهم ... سنة النبي الذي كان يحزن لضياع روح لم تنقذ ... سنة النبي التي بدأت سرا بأمر من الله وأصبحت جهراً بأمر من الله ... ولم يعد هناك أمر من الله بأن تكون الدعوة سراً ... وهناك من يتبع هذا المنهج كأنه حقا يطبق سنة النبي فيبدأ سراً لينتقل إلى الجهر ومن ثم يقاتل ... نريد تطبيق سنة النبي في نشر الإخوّة و المحبة بين من آمن بالله ... نشر سنة النبي في الرفق بالقوارير ... ونشر سنة النبي في طاعة الزوج و القرار في البيوت ... نريد نشر سنة النبي بالتسهيل على الناس في المتاح التسهيل فيه و التبسيط فيأمور حياتهم بما لا يتعارض مع شرع الله ... نريد إحياء سنة التعاون على البر و التقوى و سنة الإعتصام بحبل الله ... نعلم أنها أوامر من الله ولكنها أيضا سنة النبي التي لم يكن لدينا شجاعة لتطبيقها وتشجعنا لما لم يكن من السنة التي من المراد لنا اتباعها ... 
نريد إحياء السنة في النصح والأمر بالمعروف و الثبات على الحق ... سنة النبي في أداء الأمانة و صيانتها و إرجاع الحقوق لأهلها ... وقول الحق وإن كان على نفسك ... 

تلك سنن وغيرها نريد حقا إتباعها و إحياءها ... أرتدي ما شئت مما يرتديه أهل هذا الزمان مادام يسترك و لا يخالف شرطا من شروط الستر… كل ما شئت ، من حلال مباح تاجر فيما أردت  ما لم تصب مالا حرام… ولكن كن صادقا أمينا وفيا داعيا للخير آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ... كن سمحا إذا إشتريت وإذا بعت ... ولا تكن جبانا تبحث فقط عن بعض شكليات تطبقها دون تطبيق جواهر ما يكمن في القلوب ... كن حقا قرآنا يمشي ... ولن يستطيع أحدنا ذلك ولكن من القرآن على الأقل ... خذ بإتق الله ما إستطعت وإفعل الخيرات ... ولا تستهزئ ... و الأهم ... تدبر تعقل تفكر لعلك تفلح

شكراً…