التحرش...

By 10/30/2017 10:45:00 م
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته



تعتقد بعض النساء في بلادنا وربما الحال مشابه في بلاد كثيرة وإن لم يتقصر على النساء فقط في الإعتقاد فهناك من الذكور الكثير، أن التحرش الجنسي شيء يخص العالم العربي والرجل "الشرقي" كما يحلو لهم الوصف والذي لا يشبع من الجنس ولا يفكر في غيره كما تصوره الكثير من الروايات والحكايات والأفلام التي باتت عالقة في أذهان الكثير من نساء اليوم... حتى بالوراثة أو بالتعرض للمضايقة بشكل أو آخر...

وبما أننا نتطلع دائما للعالم المتحضر الذي سبقنا في التطور التقني والنظام الحياتي الذي بات كثير منا يتمناه ليعيش حياة مادية كما يعيشون... فقد باتت الكثير من النساء والفتيات عندنا تنظر للمرأة الغربية الغير مسلمة كمثل يحتدى به في حريتها وإنطلاقها وأناقتها وعريها أيضا... ناهيك عن إقتحامها لمجالات عمل لها وعليها، حاسدة لها بما لديها من إمكانية لإرتداء الماركات ولبس الملابس الجميلة حتى وإن كانت البنية الجسدية للمراة عدنا وعندهم مختلفة تماما إلا أن ما تفكر فيه بناتنا اليوم الا من رحم الله كله يملكنه هناك أو هذا ما تعتقده النساء عندنا... فتسمع أن الفتاة في أوروبا تسير عارية في الشارع ولا يتحرش بها ولا ينظر لها أحد... والكل ينظر لعقلها لا ينظر لجسدها كما يحدث عندنا... نعم فهم هناك يقدرون الإنسان و يعطونه حقه جملة وتفصيلا... 
ويرين أن الفتاة عندنا حتى وإن سارت مغطاة من رأسها لما تحت نعلها أيا كانت صنعته، سيلاحقها أحمق ما في مكان ما ويتحرش بها... فهم جوعى واولائك شبعى ... ليسوا شبعى بل متحضرون وإرتقوا عن الجنس والحاجة إليه... فلم يعودوا بشرا من الأساس... أو هكذا يظن بهم... 
وإن كنا غالبا ننظر إلى القشور كعادتنا إلا من رحم الله بعقل ... فإننا ننظر للغرب من زاوية لامعة في أشياء نشعر أننا نفتقدها ... وهذه النظرة تنسينا ما نملك حقا بين أيدينا ويفتقده الغرب الساحر... الذي سحرنا بمناظر الإستراحات والمقاهي والطرقات و المباني والشكليات...

وعندما تحدث موجة إعترافات بعد فضح أسرار تحرشات كالتي تنتشر اليوم فيما يخص شخصية من شخصيات صناعة الأفلام والذي تحرش بأعداد كبيرة من ممثلات هوليوود المشهورات والاتي صمتن على ذاك التحرش لكثر من عشرين عاما في سبيل الشهرة والمال والوصول لما يمكن لهذا الشخص وغيره كثير أن يقدم لهن حتى يكن متصدرات للشاشة فيحصلن على المال وكل ما يردن كموظفات في مجال الشهرة...

وما أن إنتشر خبر إتهام إحداهن له بالتحرش والإعتداء القسري منذ سنوات وقد يكون الهدف أيضا جني بعض المال أو أن شمعته يجب أن تنطفئ... حتى سارعت الكثيرات للإتهام والقول بأنهن تحرش بهن... وخرجت حملة لدعوة النساء للتصريح بتعرضهن للتحرش فكانت الإستجابة ضخمة جدا وبأعداد مهولة... كلها في بلاد غربية غير مسملة كتلك التي تتمنى فتياتنا العيش كنسائهن... ناهيك عن فرنسا و العديد من المدن التي خرجت فيها مضاهرات نسائية و برلمان بريطانيا العظمى الذي هددت رئيسة و زرائهم بأنها ستفصل كل من يثبت عليه التهمة و قد اتهم حتى الآن ثمانية و ثلاثين من النواب تقريبا في البرلمان الإنجليزي و تحدث الكثير من النساء وحتى الشباب أنهم تعرضوا لنوع من التحرش في بداية عملهم هناك ، و كذلك هناك إتهامات للرئيس الأمريكي جورش بوش الأب حديثا أنه أيضا تحرش ببعض النساء ،  ولا ينفي هذا حدوث مضايقات و تحرشات في بلادنا أيضا ولكن هل يعني هذا أن الرجل الغربي إبن عم الرجل الشرقي في حبه للنساء ورغبته في الوصول إليهن؟

الحقيقة أنه هو ذاته الرجل وهي ذاتها المراة في كل مكان من الأرض دون إستثناء وقد يكون  الفارق الوحيد هو الإيمان الذي يمنع أن يتصرف المسلم كما يتصرف الكافر بأن يقضي حاجته متى ما أراد مع من أراد دون قيود ولا شروط ولا إهتمام بحلال أو حرام... 
ولكن إن لاحظت إسلوب تعاطيهم مع المشكلة ، فإنهم لا يبحثون عن حل جذري لها إنما يحاولون ترك كل شي على ما هو عليه وكل ما يدعو للتحرش أو الرغبة في الحصو على النساء ويغري الآخر و يثيره ويحاولون عقاب المتحرش فقط ، إسلوب بذيء أن تتهجم على أنثى لفظيا كان أو جسديا ، و ليكون في المعلوم ان اللفظي هذا يكثر عندنا ولكن عندهم يكثر مد الأيدي والتهجم الجسدي الكامل كما لا يوجد عندنا إلا ما ندر...
وهاهم يناقشون المشكلة ... هل يناقشون أسبابها؟
الأسباب التي طالما تحججت بناتنا ومن يؤيد عريهم من أشباه الرجال بأن الغرب يملكها ولكن لا يحدث عندهم تحرش كما يحدث عندنا... الأسباب التي تدعو الرجل إلى الإثارة لمجرد رؤية الجسد المكشوف أو الحركات المائعة ...
لطالما تغنى الكثير من المتحررين و المتحررات أن الغرب وإن كانت المرأة عندهم عارية إلا أنهم يقدرونها وليسوا شهوانيين ، كأنهم ليسوا بشر... و يهاجمون بذلك مفهوم و مبدأ فرض الحجاب في الإسلام على أنه ليس الحل... و الحل في أن يكبح الرجل "الشرقي" شهوته...
وإن كان ديينا قد أعطانا حلا متكاملا لهذه المنظومة... بداية من غض البصر للجنسين ، إلى ستر النساء زينتهن وعدم إبداءها و خفض أصواتهن و عدم الخضوع بالقول مع الرجال وعدم التبرج... إلى التسريع بالزواج إلى التعدد ، إلى عدم الخلط بين الذكور والإناث بما يضمن سلامة الجميع وإشابع حاجتهم فيما حلله الله ، لتستطيع المراة السير في الطريق بأمان كما يستطيع الرجل أن يسير في الطريق بأمان... 
وكما هي العادة عند الكثير من الدول الغربية فإن الحل الجذري غير مطروح ، و غالبا ما يتم معالجة الإعراض بقوانين جديدة وعقوبات وترك المسببات دون حلول ... 

و قد لا يعتبر الكثيرين أن عرض النساء لأجسادهن في الشوارع هو تحرش بالرجال أيضا... 
فهل حقا لا يحدث تحرش في أي مكان كما يحدث عندنا؟ أم هي فقط دعاية والبشر جميعا هم البشر في كل مكان ونحن من أهمل دليل المستخدم الذي أنزله لنا ربنا وبعضنا ظن أنه أكثر ذكاء و معرفة بالبشر من خالقهم؟ 

نستطيع إنهاء هذا التصرف السيء بالعودة لدليل المستخدم الخاص بنا... رجالا و نساء... و نتوقف عن إلقاء اللوم لبعضنا البعض وليفعل كل ما عليه حتى نتمكن من السير في الشوارع بأمان...

شكراُ