السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
حقا من الذي أقنعنا أننا أمة إقرأ؟
هل سألت نفسك يوما لماذا أطلق البعض على أمة الإسلام أمة إقرأ؟ و هل إن كانت هذه التسمية صحيحة أم لا؟
الكثير سيقول و يردد أن إقرأ كانت أول كلمة نزلت من القرآن الكريم على نبينا الكريم لذلك نحن أمة إقرأ و سيتبادر إلى الذهن مباشرة بعد ذكر كلمة إقرأ ... ولكننا لا نقرأ رغم أننا أمة إقرأ ...
نعم إقرأ كانت أول كلمة أنزلت على النبي لأنها معجزته وهو الأمي الذي لا يعرف القراءة و لا الكتابة والذي كانت إجابته ما أنا بقارئ ... اَي لا أعرف القراءة
ولكنه قرأ بإسم ربه الذي خلق خلق الإنسان من علق... علم الإنسان ما لم يعلم...
ولكن هل كانت القراءة وحدها من رسائل النبي إلى العالمين؟ أم أن مضمون الرسالة التي أمر النبي بأن يقرأها وما هو بقارئ كانت... قل إعملوا فسيرى الله ورسوله عملكم و المؤمنون؟
من الذي أقنعنا أن العالم تقدم لأنه يقراء؟
العالم تقدم تقنيا خدميا لأنه يعمل ... وليس لأنه فقط يقراء... ولكنه أخذ بالأسباب... التي ما أخذ بها أحد إلا وصل لما يسعى له...
العالم تقدم لأنه يطبق عمليا ما ينفعه ولا يكتفي بالتنظير و إن كنت تعتقد أن العالم تقدم لأن الناس هناك دائما يمسكون و يقرأون الكتب في الباصات و القطارات والحدائق و كلما سنحت لهم الفرصة...
فتذكر أن كثيراً أو أغلب ما يقرأونه ليس إلا خيال كتب للتسلية ولا يصل بك إلى أي مكان أكثر من حصولك على بعض المتعة كما تشاهد فلما خياليا ... قد يولد لديك بعض الأفكار التي لم تكن لديك...
ولكن العمل و الإجتهاد و الكد و البذل و إيفاء الحقوق و أداءها هو الذي أوصلهم بحسن أخذهم للأسباب إلى ما يتمنى كل من ينتمي إلى أمة أعطت نفسها لقب إقرأ دون عمل أن يكون في مكانهم ذاك...
ولا تعتقد أنك ستتطور لمجرد أنك تكثر القراءة في الكتب أو أن لديك مكتبة في بيتك مليئة بالكتب، ذات الأسماء المشهورة التي أقبل الناس على شراءها وإشتهرت لأي سبب كان.
فما لم تعمل و تجتهد و تنتج و تخرج للعالم بما يفيد و عن ما في عقلك يعبر
أنت لا تطبق أمر قل إعملوا وهو الأمر العام لكل المؤمنين دونا عن أمر إقرأ... ولعلنا لم نشاهد الصحابة ينكبون على القراءة كما يفعل الناس اليوم ظنا منهم أنها الطريق إلى التطور و التحضر...
إعملوا الخير إعملوا لأجل إعلاء كلمة الله بحق وبشروا الناس بالمغفرة و أنذروهم من العذاب ...
إعملوا وليس فقط اقرأوا... فأنتم خير أمة أخرجت للناس إن أمرتم بالمعروف و نهيتم عن المنكر وهو ما يدخل في نطاق العمل ...
وإن كنّا حقا بعيدين عن القراءة كما أننا بعيدين عن العمل إلا من رحم الله
وكم نحن بعيدين عن الإعتصام بحبل الله جميعا دون تفرق فذهبت ريحنا...
لن يفيدك أن تقرأ ولا تعمل...
لن تستفيد حتى إن حفظت الكتب وأقوال الحكماء والأدباء والفنانين عن ظهر قلب ... قد تجد ما تقول في جلسات الأنس وشرب القهوة وقد يعجز غيرك عن الرد على ما تقول بأكثر من الإعجاب بإلمامك بما لم يخطر لهم على بال ، فهم لا يقرأوا أساسا كما تفعل أنت...
ولكن ألا ترى أنه من الثقيل على فكرك المتفتح بكثرة الإطلاع أن تعود أنت لبيتك لتنام و يخرج غيرك للعمل لينتج؟ ليقدم خدمة لمن يحتاج وأنت من تملك مكتبة في بيتك ولا تفيد غيرك بما لديك من فكر أو علم بعمل؟
إقرأ ما تحب... ولكن الأهم أن تعمل ، و في الأثناء ... إقرأ...
أن تحصل على العلم و الخبرة مهم ... ولكن لا يصلح أن تحصل على العلم ولا تعمل به والأهم من العلم هو العمل و أن تحصل على الخبرة منه وستكون خبرة أكثر نضجا من خبرة القارئ ، ولا تكن كمن يقرأ القرآن ولا يعمل به...
ليتك تعمل قبل أن تقرأ فنحن لسنا أمة إقرأ ولكننا قبلها أمة إعملوا... وإن رجعت حقا لما حققه النبي و صحابته ومن خلفهم... لم يكن بالقراءة إنما بالفهم و العمل لما تعلموه من القرآن... و لم يكن لديهم قراءة تذكر حينها ...
فلنكن حقا أمة إعملوا ... ومن ثم إقرأ... و لنكن أمة إقرأ بالعمل ...
فنحن حقاً... أمة إعملوا ...
شكراً...