السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
ماذا نريد؟
حقيقة … ما الذي نريده ؟
أغلبنا لا يعرف …
حقاً لا نعرف ماذا نريد …
هل المشكلة في نقص شيء ما بعينه؟
بالحديث سيقول الكثيرون … نريد الامان … نريد الامن … نريد الراحة و نريد مال “وفير” مع ضمير مستتر تقديره و نحن نيام …
ما الذي ستفعله بالامان ؟
لنقل انك كنت آمن … ماذا فعلت في أمنك ؟ ما الذي احدثته من تغيير وانت آمن؟ ...
ماذا كانت انتاجيتك و اضافتك لهذه الحياة في حالة أمنك في اطار استطاعتك ليس اكثر ؟
أعرف رجلا من الهند الفقير جدا ... غير حياة ملايين حول العالم ... بامكانيات أبسط من ابسط امكانيات لدى أبسطنا ...
تريد المال ؟ تريد الجاه؟ تريد السلطة ؟ تريد التحكم في الاخرين و أن تأمرهم و يطيعوك في كل أمر و تمشي متبخترا ويكاد صدرك ينفجر لشدة الانتفاخ و الكل يشير إليك من شدة الخوف لا من شدة الاعجاب ؟ وإن كان إعجابا … فانه إعجاب تمني أن يكون كل مكانك يملك ما تملك …
حقا ماذا نريد ؟
الواقع يقول أننا لا نعرف …
ليس المعنى أن لا نطلب الامان على أنفسنا … فذاك أساس من اساسات الحياة … و من أهمها … ان يحفظ الانسان نفسه و عرضه و ماله …
ام هي ماله و عرضه ؟
ولكن أن نفكر في حياتنا بشكل كامل … ليس كأجزاء مجزأة و كل حين و احتياجاته …
بل نفكر فيها كمنظومة متكاملة … انظر الى المنظومة بشكل متكامل …
حصولك على الامن يعني أن تكون قادرا على التحرك و التصرف و التفاعل كما تريد في حدود الحرية المنطقية التي لا تتعدى على حقوق الاخرين و بمراعاة ضوابط أخلاقية عرفية متفق عليها ضمنيا في كل مجتمع “ إنساني” على الاقل ...
بالتالي لا يعني أن تملك الامن أنك تستطيع النوم براحة طوال الوقت فقط … ولا تعمل لاجل تنمية نفسك و محيطك و مستوى و جودة معيشتك …
فهل عندما ملكت الامن حققت شيئا ؟ أم أنك ستعلق فشلك و تكاسلك و تعاملك مع المنظومة على أنها ضرع يسقيك بالحليب وانت تحبو متكاسلا مغمض العين؟
لماذا لا ننظر الى الصورة كلها في مرة واحدة؟
لماذا نقسمها قطعا قطعا و كأنها ثوب مممزق كل قطعة منه ملقية في مكان من الارض .
اتتخيل نفسك تلبس كم الثوب اليوم و تلبس وسطه غدا ومن ثم تلقي جزأ منه لترتدي الاخر؟ ام انك ترتديه كاملا و تعتني به لتستر نفسك و تظهر بمظهر يليق بك و قبل ذلك يريحك ؟
ماذا نريد؟
نتحدث كثيرا فرديا بصوت الجماعة على أننا على إتفاق و كأننا شخص واحد … ولكن الحقيقة أننا لسنا كذلك … و لسنا في اتفاق … و هذا شيء طبيعي … ولكن أن يخيل إلينا أننا في إتفاق ونحن لسنا كذلك … هذا تضليل لانفسنا …
هذا خيانة لكل منا لنفسه و هو نتاج كسل و إهمال و اتكال … نعم … اتكال لعل الاخر هو من سيقوم بالعمل و يريحني من واجباتي و مسؤولياتي …
نحن لسنا على وفاق حتى في أساسيات حياتنا … من منا لا يريد حياة كريمة؟ من منا لا يريد خدمات و طرق و اهتمام بصحتنا و تعليمنا … من منا لا يريد منتجات عالية الجودة؟ من منا لا يريد ان يعيش في وئام و وفاق في اعماقه ؟ "الا قليلا" …
و مع هذا لم نتفق على ذلك ولا حتى على السير في طريقه … الا تعرجا و تمايلا و كسلا …
لأننا لسنا حقاً على وفاق حقيقي … ولأننا لا يربطنا ببعضنا رابط حقيقي متين … رابط سليم … كل ما نراه بيننا من روابط … “ كلنا زي بعضنا نحن ليبيين و نعرفو بعض “ “ انا ليبي و انت ليبي “ ام وجب ان نقول … أنت ليبي و انا ليبي … لنسبّق الاخر عن انفسنا ؟
حقيقة أننا لا نعرف ما نريد … مع أننا متفقون في قاعدة واسعة من الاحتياجات و المتطلبات و الاساسيات حتى … و هناك شيء اخر نتفق فيه … وهو الاجتماع على الفرحة الرقص و التصفيق و الحزن و الخوف و النحيب و التفرق عند العمل و الاجتهاد و التنمية و التطوير …
ومازلنا لا نعرف ما نريد … نقول اننا نريد الامن العمل المال الامان … التطوير التنمية … ولكننا لا نعمل لاجل كل ذلك … نتكل على الغير … ننتظر الدولة … ننتظر الحكومة التي ارهق الناس انفسهم في غمس اصابعهم في الاحبار لاجلها … و يا له من جهد مبذول باسلوب … “ حادي بادي “
دون قواعد دون دراية دون توعية دون فهم … وهذا جزء من ثقافتنا … وليس مجرد بداية أو سنة أولى أو تجربة أولى .. فثقافتنا العملية المتأصلة تقول أن القشرة أهم بكثير من المضمون … وهذا ليس فقط في إختيارنا لمن يحكمنا أو كيف يحكم فقط بل في كل جوانب الحياة …
تذكرون كيف كانت الحدائق تعشب بملايين الدينارات … و تطلى الواجهات و تزين الشوارع الرئيسية ؟
و بذلك استبشر الكثيرون ؟
في حين أن هناك ارامل و يتامى و عجائز و بنى تحتية تحتاج الى تلك الملايين ؟
لا … فالواجهة اهم و الشكليات اولى …
تذكرون … في الافراح ؟
كيف تنفق الاموال لأجل أفخم صالة و أفخم علبة توضع بها أفخم قطعة بقلاوة " هي ذاتها البقلاوة غير ان وجودها في علبة اغلى يخيل اليك انها الذ " و أفخم سيارة للزفة … وقليلا ما نهتم بتنشئة الزوج و الزوجة ليكون البناء الاسري سليم ؟
لا عليك … هذه ثقافة أصيلة في مجتمعنا إلا من رحم الله …
فما الفرق أن تطبق هذه الثقافة في اختيار الحاكم ؟ مادامت مطبقة في بناء ما هو اهم من الحاكم ؟
سمع الجميع اأن الانتخابات هي أفضل وسيلة حكم أو هي أفضل وسيلة اختيار حاكم لتكون ديمقراطية … فماذا حدث؟
اسرع هيا … انتخب … و عمت الفرحة و البهجة كما تعم الفرحة بطلاء المباني و تعشيب الحدائق و زواج البنت البكر … الى حين …
لماذا ؟ لانك لم تهيئ و لم تفهم و لم تضع المعايير الصحيحة لما تنشئه … لم تحدد قواعد قوية لتكون بنايتك ثابتة …
ولكن لا بأس فهذه هي الثقافة الاجتماعية الاكثر رواجا … والنتائج … يتحملها الجميع … بسخط و شتم و و و لا داعي للتعداد … فكثيرون جدا يملكون القائمة كاملة بشكل عملي …
فماذا نريد ؟
حقيقة لا نعرف … لاننا نريد الشكليات النهائية لكل منتج … ولكننا سلنا مهيئين للجزء الصعب من التحقيق … لسنا جاهزين للعمل ولا قادرين على ان نقول …
فكر … خطط … هيئ … جهز … اعمل … جاهد … ابذل … نفذ … احصل على ما تريد … ارتاح
بل نحن نعيش باسلوب … هيا احصل على ما تريد وارتاح … لماذا لم احصل على ما اريد وارتاح … ويحكم جميعا اين ما اريد لارتاح … بئسا لكم انا اريد و سارتاح … انتم لا تفهمون ولا تقدرون ولا تستطيعون ولا تفهمون انني اريد … وانتم لا تستطيعون اعطائي ما اريد … لا خير فيكم …
فماذا نريد ؟
شكرا ...