ليبيا الأنسان

By 4/16/2008 02:14:00 ص
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 






الأفكار التي تدور بخاطري هذه الأيام ... متعلقة بما يحدث حاليا من نشاط مفرط في عمليات الهدم و تنسيق الحدائق وتجديد كافة البنايات الإدارية والشوارع الرئيسية ورصف الطرق في العديد من المناطق ، وتعشيب المساحات المحيطة بالطرق خصوصا الرئيسية منها ومحاولة تغيير وجه المدن وتجميلها وإدخالها عالم التطور والتحضر ، حتى أن بعض المساكن الشعبية قد شرع في ترميمها وصيانتها على الحساب العام دون أن يدفع سكانها فلسا واحدا । نرى ونسمع يوميا عن موقع جديد وقرار هدمه أو إزالته لتطوير المنطقة و أتابع أعمال الهدم في كل المواقع السابقة كلما مررت عليها وكلي أمل أن يحل محل هذا الدمار شيء أفضل بأسلوب أفضل ، وأستشعر الجهود المبذولة في سبيل ذلك ، ولا أنكر أنني معجب بهذه المجهودات وأرجو أن تؤتي أكلها وتعطي النتائج المرجوة.


ولكن يتبادر إلى ذهني سؤال ... جد ملح . ؟!ما هو الهدف من وراء هذه المجهودات وتلك المصاريف الضخمة التي تحتاجها هذه العمليات والتعويضات و مصاريف الهدم والإزالة ناهيك عن مصاريف البناء التي ستلحق ؟. وطبعا الجواب ... سهل ...


وهو أن يتبدل محيط مدننا وان يصبح أكثر تطورا وأكثر نظافة ، كما مدن العالم المتمدن والمتحضر ، وان تتسع المدن بتخطيطاتها الجديدة إلى المشاريع العملاقة المزمع إقامتها وفتح الأبواب للمستثمر الأجنبي والاتجاه إلى اقتصاد السوق ، والتماشي مع العولمة ، بعولمة الشوارع والمنتزهات والطرقات والمباني وتغيير شكلها من عتيق قديم متهالك إلى جديد عصري أخاذ ...


هذه كلها أهداف نتمنى تحققها بأسرع وقت ونرجو أن نرى مدننا مدنا حضارية متطورة عصرية يسهل العيش فيها .وكلها استثمارات نحن مستعدون لدفع ثمنها دون تأخير . ولكن تظهر علامة ! تعجب هنا ... وهو ما فائدة كل تلك التطويرات والمباني وتجديد الطرقات " وان كان وضع الإسفلت دون حساب للبنى التحتية مع الاطمئنان إلى تلك الآلة الغريبة التي تقطع الإسفلت وتحدث فيه الحفر لوضع الأسلاك ومد أنابيب المياه وغيرها من الخدمات التي هي من الأجدر حسابها قبل تشطيب الطرقات بالإسفلت" دون إعداد من سيحافظ على كل تلك الاستثمارات ومن سيستخدمها الاستخدام الأمثل ويمررها إلى الأجيال التالية دون إهلاكها وتدميرها । نعم ...


سؤال يجب طرحه لان هذه الاستثمارات تأتي في المرتبة الثانية إذا ما نظرنا إلى الإنسان الذي سيعيش على هذه الأرض ، الإنسان الذي سيعمرها ولا يسعى في خرابها ...وان كنا نحاول أن نحكم العقل والمنطق في أن نستفيد من تجارب من سبقونا في هذه الأمور ... وان نستورد منهم التقنيات والعلوم اللازمة والدراسات للتحسين من أداءنا فانه الأجدر أن نعمل على ما عملت عليه كل الحضارات وقامت عليه ، ولسنا بحاجة إلى أن نرجع إلى التاريخ القديم لنجد نموذجا يصلح لان نحتذي به لكي نستفيد من كل استثمار نضعه على هذه الأرض ، ولدينا النموذج الحي الذي يمكننا أن نستدل به في مشوارنا لأن نكون لأنفسنا و شبابنا و أطفالنا غدا أفضل ... ماذا فعلت ماليزيا لتصل إلى ما هي عليه اليوم ، وهي البلد المسلم الفقير في موارده نسبيا لما نحن عليه.


إن ما قامت به ماليزيا هو الاستثمار في مجال التعليم والبحث العلمي والتطور الثقافي ، وقد اتجه التجار والحكومة إلى دعم هذا القطاع ليتم إنتاج جيل يمكنه حمل كل الاستثمارات الأخرى إلى الأفضل والاستفادة منها ، وفعلا هذا ما تحقق لهم ...


فان ماليزيا اليوم من أفضل دول العالم من الناحية العلمية في جامعاتها ومدارسها ومؤسساتها العلمية ناهيك عن النسبة المرتفعة من المتعلمين من سكانها وكذلك التطور العلمي والتقني للمدن الماليزية الرئيسية والاقتصاد الماليزي ،عفوا ولكن لن أخوض كثيرا في تفاصيل ما هي عليه ماليزيا اليوم بل ادعوا فقط إلى اخذ العبرة من ذلك البلد وما آل إليه حاله وما سيكون عليه في المستقبل جرأ استثماره في القطاع الصحيح والذي يبنى عليه كل استثمار ، وهو الاستثمار في الإنسان। والدعوة إلى الاستثمار في الإنسان منطقية جدا فلا طائل من الاستثمار في الجماد الذي سيحتاج إلى الإنسان ، ليكون استثمارا ناجحا وما فائدة الاستثمار ما لم يكن الهدف هو تحسين نوعية حياة الفرد وليستثمر في استثمارات ناجحة فانه يجب أن يتم استثمار الفرد ولا يستثمر الفرد إلا برفع مستواه العلمي والثقافي وليس رفع مستواه المادي على حساب عقله وعلمه .




شكرا