متى ننتقل للمرحلة التالية؟

By 8/29/2017 09:59:00 م
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته 


بعد  العمل لسنوات عديدة في مجال توفير المساعدات و جمع التبرعات و توزيع إحتياجات المحتاج... بما فضل الله به علينا من تسخيره لنا ولكل من كان عونا للقيام على حاجة محتاج... 

لا أخفيك أنني بت أكره هذا العمل ... لا أقول أكرهه فبفضل الله فليس ثمة مساحة للكره ولكن بت أحزن لأننا مازلنا في هذه المرحلة ولم نجتزها...
الحمد لله لوجود الكثير من الحملات والنشطاء و خاصة في رمضان ، الشهر الذي أرتنا التجربة أنه الشهر الذي يجود فيه الناس بكل ما لديهم و يزيد العطاء و كأن الإعراض عنه طوال العام يتركز فقط في رمضان و بركته ... و فعلا يفوق ما يحدث في رمضان كل التوقعات ... ولكن إلى متى نستمر في إعطاء السمك دون تعليم الصيد؟
إلى متى تبقى عقلياتنا مرتبطة بشكليات سطحية لا تغوص لعمق المشكلة؟
ستقول الدولة عليها أن توفر ... و أقول الشعب عليه أن يصنع الدولة لا العكس ... فالقاعدة الحقيقية هي الشعب ... و هو المالك للقوة التي تسحق الحكومة أو ترفعها ... تقومها أو تطغيها...

و الحقيقة أن بيننا ممن أعطاهم الله من رزقه و وسع ، ولا يعتقدن أحد ان الغنى هو شطارة من الشخص و كما يشاع بيننا أنه فلاحة ... ولكنه عطاء من الله سبحانه ، لا تظنن أن الكلام بالمجمل فهناك من ينفق مما أعطاه الله و يرزق به غيره و قد يكون ناجحا في إختبار التوسعة في الرزق ... ولكن

ألسنا نعرف و نسمع عن أن المؤمن أخ المؤمن وأن المؤمنين كالجسد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء؟

لم نستطع أن نصنع حكومة لأننا متفرقين ... نكذب على بعضنا أننا نريد أن نكون كالعالم المتقدم ونريد مباني كمبانيهم وانترنت كما عندهم ،  ولكن لا نريد أن نعمل مثلهم وعلى الأقل أن نكون القوة الحقيقية التي تضغط ليقام العدل ... و كما نسمع عن أن المؤمن أخ المؤمن ... و لا نراه إلا قليلا ... وهو ما يحزن حقيقة ... أن ما نراه ما هو إلا مسكنات لا تستمر لتحل المشكلة ... إلا قليلا ... فكم مرة قدمت مساعدات عينية كالطعام و المال و الملابس و من ثم وجدت أن الأسرة تغير حالها مع الزمن و أصبحت أفضل؟

لا نقول أن هذا مستحيل أو يجب أن نتوقف عن ذلك ، ولكن هناك عن تجربة أسر بقيت على حالها لسنوات تعيش على ما يقدمه الآخرين لهم، حتى أنه هناك من لا يرغب في التحسين من مظهره حتى لا يخرج من خانة "التسخيف و الياناري" فيستحق العطاء و المنح... ناهيك عن تجارب من يأخذ من أكثر من جهة ... وهو ليس النوع الذي يتعفف وهو في أشد الحاجة ...

وإلى جانب أخوية المؤمنين هناك أيضا المترفين ليفسقوا فيها فيحق عليها العذاب ، و نحمد الله أن أمة محمد معفية من القاضية كغيرها من الأمم ... و إن كنا سائرين في الطريق الذي سار فيه بنو إسرائيل فيما فتنوا فيه من مال و نساء و حب للدنيا و إهمالنا للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ... و المنافسة التي باتت واضحة فينا ... أهلكتنا الدنيا فتنافسناها إلا من رحم الله بعقل و إستعمله ... ولكن نرى حقا أن هناك تفاوت لا يصح أن يكون في المجتمع المؤمن... فالإهتمام بالحجارة وتزيينها و الإهتمام بما يظهر أمام الناس و التنافس فيه و التباهي أنسى الكثيرين منا أن هناك من لا يجد ثمن الخبز وإن وجدها يوما لن يجدها الذي بعده ...ومنا من بالكاد يجد سقفا يأويه...

حقا أنه أمر محزن أن نستمر في حملات تصيبنا كالحمى التي تنتهي لحالها ولا تعود إلا في مواسمها ...
لا نقول انه خطأ ولكن إلى متى؟ إلى متى نعيش بإسلوب الفزعة و الطهقة و الهبة والفورة كعلب المشروب الغازي ...؟

ألم يأن الأوان لأن نكون مجتمعا حقيقيا بدلا من مجموعة من الناس يعيشون في أرض واحدة؟
لماذا أصبحت فرحة الأطفال بالعيد أهم فهم مغزى العيد و أهم من عيشهم في إستقرار مستمر ليروا الحياة و يتربوا على خدمة الدين و تطوير الحياة و إعمار الأرض؟
هل تقبل أن تصنع إنسانا همه الأول و الأخير أن يفرح بالماديات وما يدخل بطنه؟
لا نعترض على الفرحة و إدخال السرور على القلوب و التوسعة على الأهل ولكن ألا يجدر بنا أن نفيق حقا؟
وإن كنت تسمع بالمثل القائل (ماناقص المشنوق إلا الحلوة) فها أنت تراه بأم عينك اليوم...
فليتنا نجمع الأموال معا جميعا لنكون مجتمع نصنع لبعضنا البعض فرصا للعمل و فرصا للأمل بإغلاق الطريق على الجهل ، لنتوقف عن إنتظار حكومة لتنجز لنا كل ما نريد دون أن نعمل ... 
لا يجب أن نوقف ما إستطعنا من عمل "فكل جغيمة تبل الريق" ولكن نرغب في الإنتقال للمرحلة التالية... 


شكراً...