أما بنعمة ربك فحدث...!

By 4/15/2017 11:31:00 م

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته 


كلما تحدثت إلى من يتفاخر ببعض مال كسبه كيفما كسبه، وبه إشترى حذاء جديدا و سيارة و مسكن... أو حتى نظارة وساعة غالية الثمن وتباهى بها ظاهرا و مضمونا   ... و أخبرته أنه يمكن أن يستعمل ماله هذا فيما هو أفضل وأبقى ... سمعت " أما بنعمة ربك فحدث" تتردد على لسانه كتبرير لما يفعله أيا كان ما يفعله، سواء كان لباس أو حفل زفاف بطقوس ما أنز الله بها من سلطان ولا تمت لسنة الله و رسوله بأي صلة و غير ذلك كثير... 

فهل كان هذا الخطاب موجها للنبي وبالتالي للأمة أجمع؟ وهل كان المطلوب هو التحديث بالنعم الدنيوية و المال و الجاه و البنين؟ 
نعم كان الخطاب للنبي ولكن لماذا لم يحدّث النبي وأصحابه من بعده بالنعم التي أنعم الله عليهم بها كما يفعل الناس اليوم حسب ما يعتقدون أن النعمة التي عليهم إظهارها و التحدث بها هي الغنى المادي ويبررون ذلك بذكر آية قرآنية لا يستطيع أحد معارضتها؟ 

قد يبرر ذلك إختصارنا اليوم للنعمة فيما أوتي أحدنا من مال، و هو أكثر ما نحب كما أخبرنا الله... ولكن منا من يحبه لينفقه في سبيل الله و منا من يحبه لينفقه في سبيل نفسه و شهواتها ولا يفنيه كما يفنى ما يخرج من جوفه بعد أن يأكل أشهى الطعام... وللكثيرين متعة في إجياد الكثير من المبررات لفعل ذلك... و ربما لا بأس أن تستمتع بما أتاك الله من مال... 
ولكن هل لك أن تراجع سيرة النبي عليه الصلاة و السلام ، هل فيها من إظهار نعمة المال شيء؟
كان للنبي نصيب معلوم مقسم من عند الله من غنائم الغزوات كلها ...  
ولكن وكما تعرف ، أن بيت بيت النبي كان لا يوقد فيه نارا لطعام لأشهر ولعلك تذكر عندما دمعت عينا سيدنا عمر عندما رأى آثار الحصير على جلده وقال أن كسرى ينعم بِالحَرير وأنت رسول الله ونبيه تنام على حصير "أو كما قيل". بالتأكيد تذكر رد النبي على ذلك؟ 
فما النعمة التي وجب الحديث عنها و إظهارها ودعوة الناس لها غير نعمة الإيمان و الإسلام و تبليغ الدعوة لتوحيد الله و عبادته؟

هل هناك أعظم من نعمة التوحيد و الإسلام التي علينا الحديث بها و التحدث عنها و التبليغ بها؟ 

إسأل نفسك هل هناك أعظم من ذلك... 

من جهة أخرى هناك محاذير كثيرة بخصوص الخيلاء... و هي التباهي باللباس ... أيا كان هذا اللباس ... سواء كان رداء أو بنطلون أو معطف أو حتى ساعة ... رجلا كان أو إمرأة ... أن تتباهى بما ترتدي فهو أمر مذموم و لعلك تبحث عن مآل من كان في قلبه مقال ذرة من كبر ... وحتى وإن لم نرى فلما بذلك إلا أننا نعلم أن أبا جهل كان يتباهى بثيابه و يسير بين الناس بالخيلاء ... وكم يتأثر الكثير من الناس بمن يتباهى بملابسه ومنا من يحسده أنه يرتدي ماركة غالية الثمن... فقط لأنها غالية الثمن ومن جهة أخرى ينسى أغلبنا أن رُب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبرّه؟ أتدري معنى أقسم على الله لأبره؟ لابد أنك تعرف معنى ذلك جيدا... 

أتذكر كيف كان لباس سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما إستلم مفاتيح القدس؟

أتذكر ما فعل سيدنا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عندما تولى الخلافة؟... وما فعلت زوجه؟
قارن في داخلك بين ما يرتدون وما يفعلون... 

فهل مطلوب منا إظهار نعمة المال باللباس و السيارات والمنازل التي ستدوم أكثر منا في الدنيا... أم مطلوب منا أن نحدث بنعمة الله علينا بالإيمان و الإسلام و الدعوة إلى الله و التبليغ و النصح و النهي عن المنكر و الأمر بالمعروف و إنقاذ الأرواح التائهة بما نستطيع حتى نجنبهم النار بإذن الله ؟

سيجد الكثير منا تبريرات مقنعة له في نفسه توافق هواه المحب للمال ولا نشك أن المال مهم ولكن مهم لما؟ 
... ولكن الحقيقة المطلقة التي نعلمها جميعا و رأيناها ممن سبقنا إلى دار الحق ... أنه مهما إمتلكنا من مال ومهما طالت أيدينا... أننا لن نأخذ شيئا من هذه النعم معنا إلى الآخرة ... ولكننا بكل تأكيد وبلا أدنى شك... أن من حدث بنعمة الإيمان و الإسلام و دعا الناس في كل مناسبة ... سيجد كنوزا من النعم يوم يلقى ربه... 

فقم و حدث بنعمة ربك ... ولا تجعل الدنيا تلهيك عن نفسك ... ولا تنسى... أن الآخرة خير وأبقى ...

شكراً