ماقصتك مع المعاكسات؟

By 4/19/2017 10:44:00 م
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


لعل الجميع يعرف جيدا أنه لا يكاد يمر يوم إلا و تتعرض فيه الفتيات في الشوارع و أماكن العمل أو الجامعات و حيثما وجدت النساء في مكان عام مع الرجال لبعض من المضايقات اللفظية و المعاكسات و التي قد تكون مؤذية من نواحي متعددة... وقد لا نستغرب تعرض الشباب أيضا لنوع من أنواع المضايقات من قبل الفتيات ... 

و لعل أخواتنا الفتيات يعتقدن أنهن يعشن في أكثر مكان تتعرض فيه المرأة للمضايقة في العالم،  و إذا ما سألت النساء في مصر، تونس أو دبي والكويت ... ستسمع منهن ما لا تتعرض له النساء في ليبيا وأنهم في أكثر مكان تتعرض فيه المرأة للمعاكسة في العالم  ، و ربما إذا ما حاولت إستطلاع الرأي في تركيا أو الهند ... و ربما المكسيك أيضا ... قد يذهب عقلك مباشرة إلى أن تلك الدول كحالنا تماما من الدول المتخلفة التي تسعى للنمو و إن كان نمو بعضها متوقف و ربما يحدث معها بعض التخلف في النمو أيضا بسبب أهلها ... كلها تشترك في ذات الحال بوجود التعرض للنساء لفظيا و جسديا و مضايقات متنوعة قد لا تخطر لك على بال... وأن هذا لا يحدث في دول العالم الآخر الذي يوصف بالتحضر و التمدن و للمرأة فيه حقوق و متساوية فيه مع الرجل... فقد تكون متناسيا أو متجاهلا للطبيعة البشرية التي يشترك فيها البشر جميعا أينما كان موضع أقدامهم من هذه الأرض ... فليس هناك مكان في العالم لا تتعرض فيه النساء لبعض من المضايقات بكل أنواعها، و لا يختلف الأمر إلا بتعامل تلك الدول مع ما يحدث متى ما فضح الأمر ، فبعضها يغض الطرف عن كل ما يحدث حتى تتضخم المشكلة و تكبر، و بعضها يعتبر الملامسة أو الكلمات الغير مرغوب فيها إغتصابا و يحاسب عليه صاحبه ، و هذا الأخير ما يعتقده العالم العربي الذي لم يعرف العالم الآخر إلا من خلال أفلامه،  و يرى أن القانون يحاسب اولائك الذين يتعدون هذه الخطوط ... ولكن الواقع يقول غير ذلك تماما ، فهناك كما في مجتمعاتنا من يخجل من الإفصاح عن تعرضه لهذه المضايقات أو الإغتصابات ، حتى يحدث حدث كبير يهز مؤسسة أو قطاعا ما لتخرج الإحصاءات كالتي تقول  أن تسعة من كل عشر فتيات في أحد الجامعات الإنجليزية تعرضت لنوع من أنواع المضايقة الجنسية أو اللفظية بشكل أو آخر ... وهو أيضا ما يحدث في أمريكا ، ولعلك تسمع خبر المذيع الشهير في محطة فوكس نيوز والذي سيضطر لترك المحطة بسبب ظهور إدعاءات جدية ضده بتعرض الكثير من زميلاته لمضايقات جنسية منه... و الذي أدى إلى مقاطعة الشركات المعلنة لعرض إعلاناتها في برنامجه وهو ما نسميه قوة الجماعة التي نفتقدها نحن للتأثير في مجريات الأحداث...
وربما سمعت عن التحرشات الجنسية في البرلمان الإنجليزي أيضا تجاه النساء فيه... 

لعلك فهمت ما المقصود مما سبق و لم يكن المقصد هو تبرير ما يحدث عندنا بأنه أيضا يحدث عند الدول المتقدمة التي بات أغلبنا يتطلع لها كالمثل الأعلى الذي يجب أن يحتدى به حتى نكون حقا حققنا شيئا في حياتنا... فهم ليسوا قدوة لنا في شيء ، اللهم في حسن الأخذ بالأسباب الذي أهملناه جملا و تفصيلا، إلا في السعي خلف المال و النساء بأي وسيلة "إلا من رحم الله"...

ولكنه مؤشر واضح جدا أن البشر جميعا يحملون ذات الطباع الفطرية و ذات النفس الأمارة بالسوء و النفس اللوامة وكما أن أوامر كثيرة وجهت للبشر كي يغضوا من أبصارهم و يحفظوا فروجهم و يكفوا عن الغيبة و النميمة و الإحسان وإطعام الطعام و إفشاء السلام و الكثير الكثير من الطبائع البشرية المشتركة بين البشر جميعا دون إستثناء...

فبرأيك ما الحل لوقف هذا التصرف البشري الذي يجذب الذكور نحو الإناث و العكس؟

كيف نوقف هذا التصرف البشري البدائي الذي لا يكاد ينجوا منه ذكر على وجه الأرض إلا من رحم الله؟

كيف يمكن للبشر جميعا أن يتعاونوا على أن يتعايشوا بسلام ولا يشعر أحد بالظلم أو الخوف والإنزعاج بسبب تصرفات إنسان آخر ...

قد يتبادر إلى ذهنك ما يتكرر على لسان الكثيرين ممن يأخذون النموذج الغربي على شكلياته دون معرفتهم لمضمونه بقولهم "إنتهت مشاكل العالم و لم يعد لديكم إلا هذه المشاكل التي تتعلق بجسد المرأة يا متخلفين؟ هذا سبب تخلفنا فلم نخرج من جسد المرأة " و ربما لن يقال ذلك إذا ما عرف من يقتدي بهم أنهم هم أيضا يتحدثون عن هذه المواضيع و بشكل متكرر دون توقف لأنها مشكلة قائمة في تلك المجتمعات المتطورة تقنيا ولا يكاد يمر يوم إلا و تتعرض فيه النساء و أحيانا كثيرة حتى الرجال لمضايقات و معاكسات تذهب أدراج الصمت...

هل هناك أي تعاليم من الخالق تعيننا على التخلص من هذه الأفعال؟

هل مر عليك من قبل ما يشير إلى قيود تطبق على الجنسين لكي لا يتعدى أحد حدوده مما يضمن عدم تعرض الآخرين للإساءة من قبل أحد؟

لا تنتظر من هذه الأحرف أن تتسلسل لتخبرك ما يجب عليك فعله أو تقترح عليك الحلول تنظيرا للإطالة النص، لأنك حقا تعرف ما عليك فعله و تعي جيدا ما يجب أن يحدث فردا و جماعة ... ولن تحمل هذه الأحرف إلا ما يثير بعضا من علامات الإستفاهم في عقلك و التي غالبا ما تخشى مواجهتها أو أنك تهملها و تنجر مع التيار فلا أحد يفعل ما يجب فعله و لدينا قناعة قوية أنه بما أن الجميع يفعل شيئا إذا هو شيء مسموح ... و هي قناعة أنت تعرف جيدا أنها غير صحيحة ... وإن كنت تفعل ذلك فهذا يعني أنك إمعة وتعرف جيدا أنه لا يجب أن تكون كذلك إن كنت تريد أن تكون مميزا... فلا بد أن تبدأ في لتفكير بنفسك منفصلا عن الفكر الجماعي المنجر خلف الأهواء و الشهوات و التقليد الأعمى الذي أثبت أن حتى القرود لا تقوم به... 

ولعلنا نحتاج إلى أن نذكر الجميع أن النساء في مجتمعاتنا لهن قدر من الإحترام حقيقي ، ولكن في ذات الوقت هناك من لا يملك إحتارما لإنسانيته ولا أسرته فيطلق شهواته و يظن أن كلمة يطلقها على مسامع فتاة يصحد بها ضحكة أو إبتسامة ستجعله محظوظا بالدخول لحياة تلك الساذجة التي تبدي رد فعل على ذاك الكلام البذيء الذي يقال ... 

لنكف ألسنتنا عن أخواتنا و لنفكر جيدا ونعمل من أجل  البيئة التي نصنعها لأنفسنا ... 

شكراً...