جائزة الحلم العربي...

By 1/02/2017 10:29:00 م
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته 



دون أن تراه… في صمت قابع في أقبية النفس تعلوا صرخات أمنيات كثيرة، كانت لتكون فقط حقوق طبيعية بسيطة …ولكنها باتت كشيء يحرق الجوف يمزقه يذيبه يفتته... شيء يثقل الكاهل أن هناك من يتمنى الأبوة و الأمومة ولكنه لا يجد أكثر من إشباع حاجة بحرام عابر إن زل وإلى ذلك المنحدر إنزلق... والعمر يمضي وما فات منه لا يعود...

صرنا عبيدا للشاشات وما تمليه علينا من معتقدات ... صرنا عبيدا للشهوات وما تجرنا له من ممارسات ... صرنا كالأنعام ونخشى أن نكون أضل … إلا من رحم الله 

لا تلم النصيب ولا تلم المكتوب ... فما نحن فيه نتيجة واضحة متسلسلة لأفعالنا و إختياراتنا الفردية و الجماعية لأسباب إستعراضية تفاخرية جوفاء ككبرياء إبليسي أحمق، يرى الحق و يعرفه ولكنه ينكره… 

كان الحلال سهلا مبسطا رخيصا مدعوما من الجميع وهو الأصل...
بات اليوم حربا على أنفسنا يسقط فيها الناس صرعى عذابات لا تنتهي فقط لأنهم لطبيعتهم مسارا سليما أرادوا.
بات اليوم حربا على النفس ولابد أن تسير على هذا النهج حتى يقال أنك أو تستطيع أن تقول أنك تزوجت ولا تدري إن كنت فقط حصلت على شخص آخر يعيش معك أم أنك حقا تزوجت ممن هو لك زوج.

نخفي أن الشهوة تفتك بنا رجالا ونساء، وإن كان الأمر لم يعد مخفيا كما ندعي… وهناك من ينظر فقط إلى أن الرجال هم من تجرهم شهواتهم ... وكأن المرأة لا تملك من الشهوة شيئا وهي فقط تستجيب وكأنها مخلوق ميت...

فبتنا نعجز عن التوفيق بين إتقوا فتنة النساء و إستوصوا بالنساء خيرا ... تهنا بين الرفق بالقوارير و خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وما خلقنا إلا لنعبد الله ... 
علقنا بين قالت هيت لك و بين أن لا تصرف عني كيدهن أصبوا إليهن وأكن من الجاهلين ... 
تمزقت أعمارنا بين قل إعملوا وبين إياكم أن تهلككم الدنيا فتنافسوها… 

كأننا جنس من البشر خلق لأجل الشهوة ... لملاحقتها،  ولا فرق في ذلك بين ذكر و أنثى ... 

ربما من الطبيعي أن تُلِّح النفس على صاحبها بما تحتاج فطرة زرعت فينا، و ليس من الطبيعي أن نؤخر ذلك بحجة الدراسة والوظيفة و البيت و جمع المال الفائض عن الحاجة ... كذب من ينكر وجود الفطرة فيه ... صادق من يجتهد في كبح نفسه و الصبر عليها ... وإن كان الأمر أشبه بأن تمنع نفسك من قضاء حاجتك لسنوات ... فهو نابع من الداخل وإن لم تشرب أو تأكل فستحتاج إلى قضاء الحاجة مهما فعلت ... فما بالك إذا ما إلتقت عليك الدوافع من الداخل و المغريات من حولك كأنك تسبح في محيط من المثيرات والمنشطات للشهوة ...

حقا ... تهنا بين البين والبين ... ولازلنا لا نعترف إلا سرا ... نسميه عشق نسميه حب نسميه غرام وكله لذات الخلاصة ينتهي ... حتى وإن أنكر الجميع و غيروا التسميات… 

نستغرب من الغرب كيف له القدرة على الإنجاز و الإنتاج والعمل دون توقف ... أتدري أنهم ليس لديهم مشكلة في قضاء الحاجة؟ فلديهم الكثير من دورات المياه العامة ومتى ما أحس أحدهم بالحاجة… لم يجلس ويفكر فيها وينسى حياته وينصرف عن دراسته أو عمله و يشغله أمر قضاء حاجته عن كل شيء في حياته حتى يعيش كخيال خاوي لا ظل له وكل شيء يراه لا يرى فيه إلا مكانا لقضاء حاجته... بل عندهم يذهب مباشرة إلى دورة المياه يقضي حاجته ... وبنتهي منها بلا قيود ولا عقبات ليعود إلى عمله و إبداعه وحياته الطبيعية كإنسان… وهو مطمئن أنه إذا إحتاج لقضاء الحاجة من جديد... سيجد دورة المياه العامة متى ما أراد ...

لا أدري إن كنت فهمت القصد من ذلك المثل، ولكن لأكون أكثر وضوحا. فإنهم في الغرب ليس لديهم أي مشكلة في قضاء ما بهم من شهوة  أيا كانت الطريقة… الأمر سهل و ميسر ولا يهمهم فيه حلال ولا حرام… المهم أن أقضي حاجتي الطبيعية الملحة بداخلي… ويقضيها فيتفرغ لعلمه وعمله وأي شيء يهتم له ... يتزوج يطلق يزني كله سهل بسيط بأقل التكاليف غالبا في أي مكان يسكن بلا حجج ولا شعور بالمهانة ولا الإذلال... فلا مشكلة لديه تشغله منذ صغره كيف سيجمع ثمن الحصول على عروس و العروس تحمل هم كيف ستحصل على من هو جاهز لا يتأخر في الزفاف ... 

كله سهل ... بعكس حال مجتمعاتنا التي يشغل فيه أمر الزواج الواحد منا ما لا يقل عن عشرين سنة من عمره ... ليصل إلى تلك اللحظة التي يلتقط فيها تلك الصورة التي يبدو فيها متهالك منهك تبدوا عليه الكآبة وإن كان في ظاهره سعيد ... والكل يغبطه أنه حقق الحلم العربي ... حقق الحلم بالحصول على زوجة في الحلال… تلك التي لم ترغب في التفريط في شيء مما فعلته مثيلاتها الفتيات أو حتى رأته في صورة من الصور او المجلات، تقف مبتسمة في لباس قد لا يليق بها كما تخيلت وقد أعياها الإنتظار حتى وصلت لهذه اللحظة التاريخية التي ستخرج فيها من قائمة العزوبية و الآنسات  ... إلى قائمة المتزوجات و السيدات ولابد لهذا الخروج أن يكون كما تصوره شاشات الأميرات... 

وقد مضت حياتهم وستمضي كلها في قولة ... سأتزوج تزوجت وماذا بعد ... تحقق الحلم الصعب وأفاق الكل من بعده على كابوس ثقيل إسمه تكاليف مبالغ فيها لتحقيق الخيال… أو لقضاء حاجة كانت بالجوف ملحة …
إن كنّا سنقيم جوائز كجائزة نوبل أو كالتي تقام في الأفلام والمهرجانات ... فربما يجدر بنا أن نقيم جائزة تكريم... وربما نسميها جائزة الحلم العربي ... 

ونكرم فيها كل فارس إستطاع قتل التنين و جلب ناب الأسد وعلقها على رقبته، وحلب الفيل وظفر ببيضة التمساح الأبيض ليحصل على عروس ويخلصها من سجن بيتها ويأخذها بعيدا بفرسه لتوقفه في منتصف الطريق باكية تقول ... إشتقت لأمي ... 
نعطيه الجائزة تكريما على تحقيقه هذه الملحمة وإنتصر فيها إنتصارا حقق فيه أنه تزوج في الحلال ...

لن نتعرض لحلول أو أفكار للوصول إلى إنهاء هذا الحمق الذي نحن أبطاله لأن الحلول موجودة ولا تحتاج لمن يعرضها أو يعيدها على مسامعنا ... 
والفطرة أيضا فينا موجودة ولكن كبر علينا التنازل عن حمقنا و سكتنا على كل تنور يغلي بجوف من تزوج ومن لم يتزوج ... ومن ينتظر سماع كلمة من طفل بقول ماما أو بابا… 

حمقى وسنظل حمقى إلا من رحم الله بعقل ... وسيزداد غليان التنور حتى نصل إلى ما أخبرنا به النبي أنه سيكون زنا على قارعة الطريق و أكثر ما سيفعله من يرى ذلك يقول هلا أزحتم على جنب ... أو كما قال عليه الصلاة و السلام ... و أخشى أننا بتنا قريبين جدا من ذلك ... وربما بدأنا فيها ... نعوذ بالله من شر أنفسنا 

أتراك تسمع تلك الصرخات كما يسمعها غيرك؟ أم أنك تصم اذانك عنها متظاهرا بأنها خيالات لا وجود لها؟ 

حتى وإن فعلت … لن يتوقف الصراخ، فعدم رؤيتك للشيء لا يعني أنه غير موجود…

وفقط لتتذكر... أن ما تهتم له من مشاكل تعتقد أنها إن حلت سيكون كل شيء بخير... ما هي إلا أعراض للمشكلة وليست هي المشكلة الحقيقية... 



شكراً…