هكذا عرف العالم عمر المختار، و هكذا باتت العروس عندنا تلقي بباقة الورد خلفها؟

By 1/09/2017 10:26:00 م
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


كيف عرف العالم عن عمر المختار دونا عن غيره من كل من ساهموا في الجهاد و القتال ضد المحتل في ليبيا؟

كيف أصبحت العروس عندنا تلقي بباقة الورد التي تحملها، وراء ضهرها لتتلقفها العزباوات من صديقاتها لعلها تكون أول من بها يلحق بزواج لا يبدأ بخطبة الرجل لها من أبيها بل يبدأ من لقاء عابر في طريق أو جامعة أو صفحة من الصفحات وإبتسامة فإرتباط عاطفي فلقاء ومن ثم إتفاق على الزواج وآخر من يعلم هو ولي الأمر الذي قد يكون أجبر على هذا الزواج إجبارا من إبنته فقط لأنه بدون موافقته لا يعقد العقد...
كيف أصبح كل ما نعرفه من الصحيح تقليديا وأصبح كل جديد دخيل مخالف لدين وعرف هو الصواب الذي عنه لا نحيد؟
كيف تعززت ثقافة الإنفاق و الحصول على الأحدث من كل شيء وإن لم تكن له بحاجة ولكن تريده دائما حتى وإن لم يمضي على حصولك على الإصدار السابق له إلا بعض أشهر؟
كيف بتنا نعرف عن الثقافة الأمريكية والغربية و عاداتهم المرتبطة بما يعبدون أكثر من معرفتنا بديننا وعرفنا وما نعبد؟

عندما بادر مصطفى العقاد رحمه الله لتصوير فلم الرسالة الذي يحكي قصة رسالة الرحمة والسلام التي بعث بها نبينا محمد عليه الصلاة والسلام... خرج عليه من رأوْا في أنفسهم الجرأة والقدرة و الجدارة على أن يطلقوا الفتاوى حسب رأيهم و حرموا هذا الفعل الذي وصفوه بأوصاف جعلته عدوا لله ومخالفا لشرعه و أصبح حراااااام… بتلك النبرة التي إنتشرت على المنابر تلك السنوات وكأنها تشعل الحطب في نفس كل مستمع أنك ولابد محترق بنار جهنم والعياذ بالله إن لم تفعل ما تصدح به حناجرنا فنحن أوصياء على دين الله و ويحك إن عصيت وعن أمرنا خرجت فأنت خاسر لأنك لن تكون من الفرقة الناجية التي هم أساسها كما يدعي كل فريق…
فأوقف التصوير في المغرب بطلب رسمي وحورب المخرج و وضعت له العراقيل ولكن سخر الله من دعم و مول و كان سببا بعد الله في إخراج هذا العمل للعالم الذي لا أحد يستطيع إنكار تأثيره على المسلمين قبل غيرهم ... فكثير من يحفظون السيرة و أحداثها من ذاك العمل ... وكثيرون فهموا عن السيرة منه أكثر من فهمهم من كل تلك الحناجر المجلجلة… التي كان الأجدر بها العمل معه ومن مثله لتصحيح صورة الإسلام بهذه الوسيلة الفعالة…
الكثير من أخذ الصورة من الفلم هم العامة وليس من أثنى الركب وطلب العلم وهو لا يدري ممن يأخذه ...

ولعل العالم ما كان سيعرف بشخص إسمه عمر المختار إن لم يكن هناك مخرج قام بتصوير فلم له بإسم “أسد الصحراء”... فبات الجميع يعرف ليبيا بأنها أرض الجهاد والمجاهدين ... وإن كانوا لا يعرفون عن تاريخ ليبيا أكثر مما رأوه من فلم “أسد الصحراء”...

لم يتجرأ أحد بعد ذلك لينتج فلما عن أي من القصص التي يحكيها التاريخ عن الصحابة أو التابعين أو الشخصيات العظيمة التي عرفها التاريخ دون خيال أو تخيل لأبطال لا وجود لهم... لم يتجراء أحد على أن ينتج فلما إنتاجا إحترافيا واضحا صريحا راقيا يحكي فيه قصص الفتواحات علما و سياسة وقتال و ما حدث فيها من أحداث بشكلها الصحيح دون تحريف أو تخريف بلتعاون مع من فقه الدين حقا و أراد فعلا أن يكون سببا في هداية الناس وتصحيح مفاهيمهم... وإن كانوا قد تجرأوا على إنتاج الأغاني والإكثار من الراقصات و هز الأوساط الشبابية بخلاخيل الفتيات وما تحمل الأغاني من تهيبج للشهوة في الكلمات وكله بأموال من ساهموا في إيقاف تصوير فلم الرسالة أول مرة أو من ظلالهم...

وللحظة تحاول التفكير في رأي من حرم تمثيل مسلسل عن سيدنا عمر وعارض و إعترض لم يقم بذات المجهود لوقف هذا المد من العري والسفاهة والبذاءة والدناءة على شاشات تمويلها منبعه مسلم...

مرة أخرى ... لماذا تلقي العروس بباقة الورد التي بيدها لصديقاتها العزباوات ويحاولن إلتقاطها بلهفة و تشعر من أمسكتها أن الخاطب على الباب؟
ربما السؤال هو، لماذا من الأساس تحمل العروس عندنا باقة ورد في يدها و تقطع الكعكة و تشرب عصيرا من يد عرسيها؟ 
ذلك لأن هناك من أتقن صناعة الإقناع و برمجة العقول والتي كان الأجدر بنا أن نستثمر أموالا في صناعتها، و بها زرع كل مفاهيمه و قيمه في كل من شاهدها وأدمنها، ألا يجدر بنا أن نستجلب الخبرات التي تُشترى بالمال لنروي قصص أبطال وعلماء حقيقيين ليعرفهم العالم وتكون دعوة لله ودين الله و إستكمال لدعوة النبي في أفلام سنمائية ضخمة الإنتاج؟
أم أن التصوير حرام كما صدحت به بعض المنابر؟ أم أنهم لم يرجعوا لأصل اللغة لمعرفة معنى كلمة “المصور”
أم أن الأفلام حرام كما زعموا و هي وسيلة لا يمكن إستعمالها لأجل الدعوة؟
حرااااااام ... و في الناااار … لتصاب بالرعب وتهرب ولا تعقب... 

الم يكون الأجدر بنا و بأثرياءنا أن ينفقوا المال حقا في إستعمال هذه التقنية لتوعية أجيالنا و الدعوة إلى الله بأقوى وسيلة إقناع وتبديل ثقافات عرفها التاريخ؟

أعرفت الآن لماذا تمسك العروس بتلك الباقة؟ وتلقيها خلفها لتتزوج بعدها من تلتقطها؟ 
عرفت لماذا يعرف الناس عن جسر البوابة الذهبية في أمريكا أكثر من معرفتهم عن كيف هو شكل المسجد الأقصى أو أين هي البقيع ومن فيها؟
عرفت الآن لماذا يحفظ الكثير من العرب تلك الجملة التي يقولها الشرطي في أمريكا لمن يقبض عليه أنه يحق لك الصمت و أن كل كلمة ستقولها ستستعمل ضدك في المحكمة... أكثر من حفظ بعض آيات القرآن؟
فكيف سيعرف العالم ما نريده أن يعرف؟

شكراً…