قوة الضعف ...

By 8/30/2015 11:50:00 م

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته


هل سمعت بقرار المحكمة العليا في أمريكا عن الإعتراف بحقوق الشواذ بالزواج قانونا ؟

لا بد أنك سمعت ...

هذا شيء غير منطقي للعقل البشري الطبيعي السوي ، أن نقول رجل سيتزوج من رجل و يشكلون اسرة ... لأن الأسرة من طبيعتها أنها تزيد في العدد جراء لقاء الطرفين ... و الزيادة في العدد بين رجل  و رجل أو إمرأة و إمرأة هذا محال ... ولا ينطبق عليه أمر التبني أو زرع البويضات من متبرع ... فالأصل أن يكون الأب هو أحد الطرفين ...

تفاصيل غير مريحة ... وغير مقبولة لعقل "سوي"

على كل ليس هذا هو الموضوع إنما جرتنا الأحرف له ...

كيف تتصور أن أمراً غير منطقي كهذا وصل إلى المحكمة العليا في أمريكا و أنه نُظر فيه و خرج بقرار يؤيده؟

فجأة؟

من تلقاء نفسه ؟

دون سابق إنذار؟

كيف تعتقد أن القوانين الموجودة في أغلب أنحاء العالم قد تشكلت ؟
خاصة تلك التي تحمي المستهلك أو تحمي حقوق الحيوان ... أو أشياء أحينا تشعر بأنها غريبة و تفكر كيف وصل الناس لهذه الفكرة و تطبيقها و دعمها لتكون قانون ؟

ولعلك مررت مرة بخبر أو فكرة أو تجربة شخصية تجد فيها أن هناك تفاصيل دقيقة جداً في تفصيل القانون و كيفيته وما الذي يهتم له ... حتى تعتقد أنه تدخل في أشياء مستبعد جداً أنها تصدر منك ... 


هل تعتقد أن الحكومات هي التي تضع هذه القوانين؟


لا ... ليست الحكومات ... وحدها من يخرج بهذه القوانين ... 


ولكن إهتمام مجموعة من الناس بمسألة ما أو قضية ما ... تفاني هؤلاء في السعي وراء تحقيق هدفهم ... كمثال الشواذ الذي جرتنا لتفاصيله الأحرف ... أن هناك مجموعة من الشواذ شكلوا هيأة لأنفسهم تقوم على الدفاع على حقوق الشواذ و أخذوا لنفسهم شعاراً المساواة على أن وضعهم شيء طبيعي ،  و أنهم يريدون تعاملاً من الجميع كغيرهم ، و أن لهم حقوق و إستمروا في الدفع نحو هذه الأفكار لسنوات عديدة ...

قرار المحكمة ذاك ... كان نتيجة لجهدهم و نتيجة لعملهم و تفانيهم في تحقيق ما يسعون إليه ... و إن كان منطقا و عقلا ما يسعون إليه يخالف الفطرة و الطبيعة و تشمئز منه الأنفس و العقول ، و يكفي أنه وصف وصفاً شنيعا في كتاب الله ... و عقابه جد شديد ... 

العمل كان لعقود من التفاني و المحاولة و السعي و الإجماع و الإجتماع و البذل و المحاولة المتكررة في كل الأصعدة بكل الطرق و الوسائل ... ضُربوا و سجنوا و جرّموا و عادوا و نشروا ... و بذلوا الأموال لتحقيق ما يريدون ... ربما حتى التضيحات بما يتناسب معهم ...

و الآن؟
هم يحتفلون بنتيجة ما سعوا لأجله ... و إن كنا متفقين أنه شيء سيء ... و لن يتوقفوا هناك ... و مازالوا يسعون للمزيد ... 

و هذا هو الحال مع كل القوانين المشابهة و الدقيقة ... مجموعة من الناس يبحثون عن مصلحتهم يسعون و يراسلون و يجمعون التوقيعات و يقفون و يحتجون و يفعلون كل ما يلزم ... و يستمرون في فعله لتحقيق ما يريدون ... و لا يسكتون حتى يتحقق ... و ربما يسعون لما بعده بعد أن يحققوه ...

ألسنا نعلم أنه ما ضاع حق وراءه مطالب؟

و إن كان أهل الشذوذ لديهم من العزيمة التي مكنتهم من جعل العالم يعترف بما لا يُعترف به و يطبق رغماً عن الجميع ... لماذا نعجز نحن المطالبين بالبديهيات و الحقوق و الأساسيات الآدمية ... أن نسعى وراء ما نريد تحقيقه من إصلاح  و تصحيح ؟

ونجتمع خلفه و نثابر لأجله ؟

لماذا نعجز عن الإستمرار في المسير و السعي و البذل لتحقيق ما نريد ؟

ما الذي يجعلنا نفشل من أول محاولة و نركن و نقول ... " الله غالب " ولا نبذل و نجتهد ؟

تصور أن النبي عليه الصلاة و السلام ... منذ أن عارضه قومه قال ... " الله غالب " لا يريدون الإسلام و قد حاولت ...

يصلح؟

يصح؟

هل تعتقد أن الدعوة أتت بالكسل و الفشل؟ أم أنها أتت بالإصرار و العمل و المتابعة و التضحية و الأخذ بلأسباب ؟


أي شيء ... يريد الإنسان تحقيقه ... يستطيع ... و لكن يحتاج إلى عمل و إجتهاد و مثابرة و جد و أخذ بالأسباب ...


المثال بالشواذ وما حققوه ... قد يخجل أحدنا منه ... وليس الخجل لأنهم شواذ أو لأنهم يفعلون ما لا يعقله العقل ... ولكن

لأنهم سعوا لتحقيق شيء لا يُقبل ولا يُعقل ... ولكنهم حققوه ... أما من يسعى لتحقيق الأصول و الحقوق ... يفشل ولا يستمر ... ولا يقوى على الصد و الرد ...!؟


فينا فشل لا نريد الإعتراف به ... فينا شيء قوي جداً ... وهو الفرقة ... نحن متفرقون ... ولا نريد أن نجتمع ... لا نريد أن نرى النجاح في غيرنا منا ... لا نريد ...

نريد أن ينسب النجاح دائما لأنفسنا ...

إلا من رحم الله ...

و ننسى ... أننا إن أخذنا بيد أحدنا و نجح ... قد يكون ذلك نجاح لنا جميعا ...

لا بد من إجتماعنا على كلمة واحدة لأجل هدف واحد ... لا بد من ذلك ... 
وربما هذا ما قصد به الشاعر ... إذا الشعب يوما أراد الحياة ... فلا بد أن يستجيب القدر ... أي أن ما يريده الناس إن إجتمعوا سيتحقق ...

فقوة الضعف أن يجتمع الضعيف مع الضعيف ... ليصير السيل جارفا وما السيل إلا قطرات ماء رقيقة ... 


شكراً...