السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تصور لو أننا قررنا أن نصبح ملائكة تمشي على الأرض؟ في مجتمع مثالي لا سرقات ولا اعتداءات أو خصومات، حتى التجارة تصبح بيننا كلعبة الهبة والمبادلة... بلطف وتودد...
اتصدق ان شيئا كهذا يحدث حقا بوجود الرادع الاجتماعي؟
إنه الخوف من ان تصبح المنبوذ الذي يتجنبه الجميع ، فيتحول جارك الى شبح لا يحادثك، ولا يبيعك خبزا ولا حتى يعيرك ملعقة ملح، فهل هناك أقسى من أن تطلب يد ابنة عمك للزواج فترفض فقط لأنك ارتكبت جرما وإن كان بسيطا ولكنه مخالف لما اتفق المجتمع عليه؟ أم أن هناك أقسى من أن يتجاهلك الجميع لأنك خالفت قيمة من قيمهم واعتديت؟
إن كنا نتفق على القيم الاخلاقية التي حددت لنا لكان ممكنا ان نعيش في مجتمع ملائكي حقا.
ولكن القوة الاجتماعية المفعلة اليوم جعلت من "البالة" اداة للضرب والردع في بيت الرحمة والمودة بعد ان كانت اداة للحفر وربما الزراعة ، فالنكات التي صدرت عن الزوجة التي ضربت زوجها بالبالة لأنه أراد ان يتزوج باخرى بما اباح له ربه ، إن كان ذلك حقا حدث... تكفي لإخبارنا بان مقاييس مجتمعنا اختلت والمفاهيم تبدلت ، وان كانت نكات تتبادل ولكنها مفاهيم تغرس في الاذهان ، فقد اتفق المجتمع على حرمة الزواج بأكثر من زوجة واستحقاق الفاعل للضرب مخالفة لطاعة الزوجة لزوجها والمعاشرة بالمعروف وانتقلت الى التعدي بسلاح بات فكاهة يتعاطاها الناس ولعل الحسرة بداخلهم لما وصل حالهم اليه ان كان في الداخل شيئ من ضمير تحرق الصدور.
لا تقلب الامر الى دراما يا رجل هي نكتة فقط ...
الا تتعجب من ان المجتمع الذي ينبذ العنف وان اقدم زوج على ضرب زوجته وصف بعدم الرجولة وكيف يمد يده على إمرأة ، أصبح يتغنى بالنكات التي ترسخ فكرة العنف الزوجي في العقل الباطن ، كردة فعل على شيئ مباح شرعا؟
وكأننا نقول التعدد جريمة تستحق العقاب بالبالة ، أما ضرب الأزواج... فهذه كوميديا سوداء ... لا بأس بها... وإن كانت الزوجة هي من يضرب...
و هنا تسأل اين هو الرادع الاجتماعي الذي فرض الاحترام والتواد بين الناس والآن أصبح دافعا كوميديا لفرض السخرية من القيم والاخلاقيات؟
فهل تحولنا من مجتمع يخشى النبذ لانتهاك القيم كما يجب ان نكون ، الى مجتمع يخشى ان يتهم بالجمود اذا انتقد النكات الهابطة؟ صرنا نضحك على الاشياء التي من المفترض ان نبكي عليها، فهل الحلال اصبح ذريعة للتهريج والاعتداء وتدني الاخلاق بات الموجة التي يرغب في ركوبها كل من يتمنى ان يكون هو "الترند" المتبع ؟
أيعقل أن لا تستعمل المرأة التي زنا زوجها البالة ولكن تستعملها من تزوج زوجها بالحلال والمجتمع يضحك ويسخر من ذلك ويلتقط الصور في كل حالاته ممسكا بالة؟
فهل يمكننا ان ننبذ التهريج والاستهزاء بما احل الله ونعود الى ذاك المجتمع المثالي الذي ينبذ الظلم والتعدي على الحقوق واكل المال الحرام ويرفض العري والمغالاة فيما إن قل زادت بركته؟
ونتفق ان السخرية من القيم ماهي الا هزيمة اخلاقية وفشل اجتماعي ساهم فيه الجميع دون استثناء؟
وان الرادع الاجتماعي هو في الحقيقة بأن القيم ليست مجرد ضوابط نخاف منها ، بل هي ما يجعل لحياتنا اكثر معنى وتستحق ان تعاش دون ان تمتلك كل زوجة " بالة" تهدد بها زوجها من أن يستر على فتاة اخرى بما اباح الله وأحل؟
شكرا...