أبسط من ذلك بكثير...

By 10/15/2022 10:12:00 م

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 




هل وقفت يوما على تحضيرات العزائم في مناسباتكم صغيرة كانت او حفلا في محفل بعدد كبير من المعازيم؟ 

أنت أكثر من يعرف اسلوب معيشتك في بيتك ، وراحتك فيه كما هو ، وقد لا تدقق أنت ولا أهل بيتك في طريقة تقديم الطعام في سائر أيامكم، وإن فعلت مرة فلن تفعل طوال العام، اللهم في رمضان إن فعلت... ولا تدقق كثيرا في مرافق بيتك التي تستعملها أنت ولا يراها الزوار لبيتك...

وتعرف جيدا كيف يتغير الحال عند زيارة الزوار وكيف أن لهم أطباق وفناجين مخصصة ومكان مخصص وحتى اللباس الذي تلبسه او يلبسه أهل البيت مختلف عن ما تراه كل يوم، كما يختلف الحال بين اللباس اليومي ولبسا زيارة الأفراح وزينتها، والكل يتفق على انه يجب ان تظهر بمظهر لائق أمام الضيوف أو الناس خارج البيت، بمن يبالغ ومن يعتدل.

وأنت الآن تتخيل وتعلم جيدا الفرق فيما أنت عليه بينك وبين أهلك وما أنت عليه في المناسبات وما يحدث من مداراة لإخفاء ما تظن أنه من العيوب ( وإن كنت تعيش بها ولا تراها من العيوب مع نفسك وأهلك) وما تظن أنه لا يليق بأن يراه الناس، ولابد ان يكون لذلك حدود ولا شك

والكل يفعل هذا بمستوياتهم المختلفة بشكل أو آخر... 


ومع علمنا بكل ذلك إلا أننا نحكم على البعض مما نراه منهم في تلك الحالات التي حرصوا على أن تكون مناسبة المظهر والهيأة وبذلوا جهدا ليظهروا كذلك ولا تتذكر منهم الا ما تراه مما أرادوك أن تراه... 

فتجد أن البعض يتخيل هذا الإنسان أنه يعيش هكذا بذاك المظهر طوال حياته وكل اوقات يومه ولا يفكر أن قد يكون له ملابس لا يظهر بها أمام الناس قد تكون مهترئة من كثر الاستعمال أو جوارب ممزقة أو أنه يجلس في بيته بملابس قديمة أو غير مرتبة ولا منسقة فيرسم له أفضل صورة عكسها مظهره الذي اعتاد به أن يراه.


دعك من هذا كله فلابد وأنك رسمت الصورة الآن في ذهنك ولكن لكثرة التعود يصعب ان ترى مديرك او تلك الفتاة الرقيقة التي رأيت أو الشاب بغير ما رأيتهم عليه من هيأة ...


والأمر ذاته في عقول الناشئين عندما يتابعوا ( من بات المربي الأساسي لهم الا من رحم الله) مشاهير الإعلام والأفلام والمتناططين في الشاشات ليل نهار يعرضون رفاه حياتهم وبذخهم الذي يجلب لهم المزيد من المشاهدات وإن كانوا لا يملكون شيئا مما يعرضون كما تبين من امر الكثير منهم ... ولا يفكر من يشاهدهم أبدا بأن لهم ساعات لا تراهم فيها العدسات ولا تتبعهم وأنهم حينها يكونون على طبيعتهم ولا يهتمون جدا لمظهرهم لأنهم خارج عين المراقبة ...

هل فكرت في ذلك من قبل؟ 

قبل أن تسخط على حالك ولا ترضاه وتسعى جاهدا للتغير ومحاولة محاكاة ما تراه في تلك المقاطع البسيطة وتطبيقه على يومك وليلتك وتعرف انك ستعجز عنه من أول ليلة وإن فعلت وأقنعت نفسك أنك تستطيع سترهق نفسك وأهلك ومن حولك حتى وإن حصلت على شيء من الإعجاب او التفات الاعناق والنظر اليك في زينتك ( تعرف معنى الزينة لغة؟) وانت تشحن نفسك بالاحساس بالاهمية  لأجل ذلك؟


حتى بات المظهر عندنا أهم بكثير من الجوهر ، وترى ذلك من اهتمام الناس بأشكالهم وعدم رضاهم على مظهرهم وتغييره ليصبحو مسوخا متشابهة وديكورات بيوتهم المبالغ في الاعتناء بها اكثر من صلاح البيت للسكن صحيا ونفسيا ، أكثر من اهتمامهم بتربية وتنشئة أولادهم وشحن أنفسهم بثقافة ووعي يمكنهم من التفريق بين الغث والسمين وعيش حياة طبيعية لا تكلف فيها ولا إرهاق للنفس فقط لتظهر بمظهر ترى أنه بك يليق، وتنسى أحيانا أن ما يوضع على الوجه من أصباغ تعكسها الشمص فتبدو كأنك عملة معدنية تسير في الشارع ولا قيمة لها... 

تماما كذاك الشاب الذي كان يرد على كل من يسأله اسمه أن اسمه عايد ... وهو اكثر رقيا من اسمه الحقيقي عياد... 

أو تلك الفتاة التي يشع وجهها بياضا ناصعا يسلب الأنظار لكي لا ترى اسمرار بشرة الرقبة او اليدين...

أو تلك الأسرة التي لديها أفخر الأثاث في صالوناتهم ، وكذلك أغلى الأثاث في المطبخ ، حتى ان فيه ثلاجة مخفية... ولكنهم حقا يعيشون في غرفة بحمامها في الحديثة ومراتب أرضية وحياة طبيعية...

ففكر في تلك الحالات التي يكون فيها الإنسان مع نفسه وأهله ، ولا تحكم فقط بما تراه منه في حالاته التي يريدك أن تراه فيها فقط كما تفعل أنت ... 

ولكن الحياة أبسط من ذلك بكثير... واحتياجاتنا للعيش فيها أقل من ذلك بكثير... 


شكرا...