كقطع الليل ...

By 11/30/2009 11:50:00 م
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

لا خروف ولا كبش ولا لحمة

العيد خير وبركة من رب العالمين و رحمة

مبارك عيدكم و بالبركة تكون دائما ايامكم ...

عيد غريب هذا العام اليس كذلك ؟

كثرت فيه الحيرة و عدم المعرفة و التأخير عن تحديد الموعد والاعلان عنه ... و اختلاط الامور و المفاهيم على الكثير من الناس ...

ما الذي حدث؟

تأخر الاعلان عن موعد العيد في بلدنا حتى ساعة متاخرة من الليل ... وهذا خطاء غير مفهوم مما ادى الى عدم معرفة الكثير من الناس بموعد العيد ... وهذا كان احد اسباب خلو المساجد من المصلين حتى ان الكثيرين لم يهيئ اضحية العيد ( التي للاسف اصبحت عندنا اهم من مفاهيم العيد الاصلية )

لماذا يطالب الكثيرين بتوحيد الاعياد و المناسبات الدينية بالرغم من عدم امكانيتها في وقتنا هذا او مفروضيتها ؟ و مشروعية الاختلاف الحاصل في هذه الامور

يتحدث الكثيرين عن ان الحج عرفة ... وهذا صحيح بقول النبي صلى الله عليه وسلم ... ولكن ما علاقة هذا بالعيد و التضحية لغير الحجاج ؟ في غير بلاد الحرم؟

الفهم الصحيح لقول الحج عرفة ... واضح ... فالحج هو عرفة نعم .. فهل نحن حجاج ؟ لينطبق علينا هذا الامر ؟ حال العيد في العالم كحال رمضان .. فالاشهر العربية كلها تبداء و تنتهي برؤية الهلال ... ومن رأى الهلال فاليضحي كما يصوم ... فهل لو رأى احد الهلال واضحا و كان ثقة و اجتمعت الشروط الشرعية التي بها تقبل الرؤية و اخبر السعودية عن انه رأه فهل ستأخذ السعودية بقوله ؟ ام انها ستتحراه بنفسها وربما تراه في اليوم التالي ... فهل يضحي من رأى الهلال برؤيته للهلال ام برؤية السعودية للهلال ؟

الصحيح انه يضحي برؤيته وهذا صحيح ... فلو اخبرت مصر برؤيتها للهلال لما اعتبر ذلك واقعا بالنسبة للسعودية و ستكون وقفة عرفة حسب رؤيتهم هم ... وهذا امر طبيعي جدا ... فان لم يكن هناك اتفاق عام على رؤية موحدة ... بحيث ان رأها احد من بلاد المسلمين واقرها اخذ بها الاخرون ... فهذا يعني من الطبيعي ان يكون كل يضحي برؤيته هو ... كما حدث مع ليبيا و المغرب و هذا امر جد طبيعي ... لمن يعرف فقه الاختلاف ... فلا علاقة بوقفة عرفة بعيد الاضحى في العالم اجمع ... كما افتى الكثير من العلماء الذين تجاهلهم من يعرضون عن الحق لاغراض في انفسهم اتسأل كيف كانت الامور قبل مائة عام ؟ عندما لم يكن اهل مصراته يعلمون ما يحدث في طرابلس الا بعد حين ... كيف كان كل منهم يصوم و يفطر و يضحي حسب رؤيته للهلال بشكل طبيعي خالص ؟

الاختلاف في طريقة الرؤيا بين مؤيد و معارض ... فالطريقة التي اعتمدتها بلادنا هي الحساب الفليكي ... ولن يستطيع احد ان يجزم ان هذا الامر غير جائز لان فيه اختلاف بين معارض و مؤيد من العلماء ...

و كثيرا ما رأينا بعد انتهاء هذا الفصل من الاختلافات التي لا طائل منها ... ان صيامنا او افطارنا صحيحا ... ومن قال ان صيام وافطار الاخرين كان غير ذلك ؟

فلو قلنا بان الحسابات الفليكة امر مستحدث و يجب العودة الي الطرق القديمة ... فعندها يجب ان نغلق التلفاز و نطفىء الهواتف ونوقف الاتصالات ويذهب الحجاج الى مكة سيرا او على الجمال ولن نعلم متى تكون وقفة السعودية الا عند عودتهم بعد ثلاثة اشهر ربما ستة... وسيكون الامر طبيعيا ان نضحي حسب رؤيتنا للهلال و نفطر و نصوم به ايضا ... و ستفعل ربما بنغازي نفس الشيء فلن يكون الخبر سريعا ولن تصبح بلدنا كالبلد الواحد ... كما حدث مرارا بين مكة و المدينة ...

فقد رأي النبي صلى الله عليه وسلم الهلال في المدينة فخرج الى الحج ... وعند وصوله وجد ان اهل مكة قد تأخرو في رؤيته ... فما كان منه الا ان اكمل على رؤيتهم هم ... وماذا تتوقعون من اهل المدينة ؟ هل علمو بذلك ؟ ام كان عيدهم حسب رؤيتهم التي تسبق اهل مكة بالتالي تسبق يوم الوقوف بعرفة ؟

فلماذا كل هذا الخلط في الحديث عما حدث؟

صحيح انه خطأ ان يتأخر الاعلان عن موعد العيد ... كما حدث ... نعم ويجب ان لا يتكرر و ان يحسم الامر فما دام الهلال قد شوهد منذ عشرة ايام فلماذا التأخير في الاعلان عن موعد العيد ... وان تأخر الاعلان كان احد اسباب خلو المساجد من المصلين.

ولكن هذا ايضا لا يعطي الحق لمخالفة الجماعة و القيام بامور تجعل الناس تختلط بعضها ببعض ... من يصوم يوم اعلن العيد في البلد الذي انت فيه ومن يصلي ثاني ايام العيد وكاننا بلدان في بلد ... الا تعتبر ذلك فتنة تزيد الشرخ شرخا ؟ من تحدث بان الشعب الليبي تعامل مع الامر بشكل حضاري بكتابة كل تلك الكلمات عبر الرسائل القصيرة التي كان الرابح الوحيد منها هو شركات الاتصال فهل تلك الاحاديث حقا تعطي صورة بان هناك فهم لما يحدث او هناك وعي بهكذا امور تهم الدين اكثر من فهم شروط الوضوء ام انها تعكس تخبطا فكريا و استهزاء وسلبية واستغلال للفرص وعدم معرفة بحقيقة وواقع الامور الا من رحم ربي...و السير وراء تيار يجعلك تضحك وانت تبكي؟ لماذا لم تنتشر رسائل الوتعية او التفقيه او ابعاد الشبهات و الفتن؟ غير ان النكتة هي التي كانت حاضرة و حضور النكتة ليس دائما مؤشرا جيدا .

وهناك من عبر بان الدين عند الشعب الليبي خط احمر... فاليخرج الى الشارع ويري كيف هو الخط الاحمر وما هو و يعرف كيف ان الغالبية تبيع دينها بعرض من الدنيا الا من رحم ربي ... فماذا يعني الخط الاحمر هنا بالتحديد؟ ام ان الدين لم يعد في تعاملات الناس بعضها ببعض؟

اعتقد ان الامر اعتمد على عدم المعرفة و عدم الثقة في الجهات المسؤولة اكثر من اي امر اخر ... فالعيد ليس الوقفة و الوقفة ليست العيد بالنسبة لباقي بقاع الارض مادام الامر لم يكن فيه اتفاق و توافق في رؤية هلال الشهر ... الوقفة تخص الحجاج وحدهم و الحج لمن حج البيت ... ليس من شاهده عبر التلفاز ... و الشهر يعرف بالهلال و العيد بحساب الهلال لا بوقفة عرفة ... التي هي ذاتها تحدد برؤية الهلال...

فكيف السبيل اذا ؟

السبيل الى ماذا ؟ الى ان يتنظم الامر ؟

نعم ...

ان تتبع البلد الذي انت فيه فاذا رؤي الهلال و اعلن عن صيام او عيد ... فليس لك الا ان تتبع بلدك ... وانت من الرعية ولن تحمل الوزر ان كان في الامر خطأ ...

و الامر الاخر المهم ... هو ان يتم توعية الناس و تثقيفهم في هذه الامور و تعليمهم فقه الاختلاف و اعلامهم بوجوده لكي لا يختلط الامر و يعتقد كل معتقد بانه على صواب وغيره على خطأ ... فالعناد ليس محله في هكذا امور ...

حكى لي احدهم ... انه في فترة ما ... كان هناك صف للحصول على الحليب ... كان الوقت ظهرا في رمضان ... انتهى الحليب و بقيت علبة واحدة ... فتخاصم عليها رجلان و اشتد الخصام ... ( وتعرفون كيف ان الصائم تكون نفسه في انفه ولا يطيق شيئا وهو جائع الا من رحم ربي ) فما كان من احدهم بغضب الا ان فتح علبة الحليب و شربها و نظر الى الاخر وقال له .. ( هي توة باهي هكي؟ )

هل تلاحظون ما حدث؟ اضاع يوم صيام متعمدا جراء غضبه ... لمجرد العناد ؟؟؟

هل منطق هذا ؟ اخيرا

َلِأَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي مُوسَى رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: إِنَّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فِتَنًا كَقِطَعِ اَللَّيْلِ اَلْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ اَلرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا، وَيُصْبِحُ كَافِرًا. اَلْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ اَلْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ اَلسَّاعِي. قَالُوا: فَمَا تَأْمُرُنَا يَا رَسُولَ اَللَّه؟ قَالَ: كُونُوا أَحْلَاسَ بُيُوتِكُم

كونو احلاس بيوتكم : يعني اعتزلوا هذه الفتن، تجنبوها مطلقا لا قاعدين ولا قائمين ولا ماشين ولا ساعين

وما نطلب الا مجهودامضاعفا من اهل العلم ليتفقو على ان يوعوا العامة بمثل هذه الامور ولا يدعونهم يتخبطون بل ان منهم من يزيد الزيت على النار بعلم و بغير علم ...

ويجب ان لا يتكرر التأخير في الاعلان عن موعد كهذه الموعد ... مهما كانت الاسباب ... اللهم اجرنا من النار ... و نجنا من الفتن ... كل عام وانتم بخير ... شكرا