مواهب في الهزل تذوب

By 2/05/2017 10:14:00 م
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته 



كثيرة هي المواهب التي تظهر حينا وتختفي آخر ولا يبقى منها شيء كأنها لم تكن يوما ولم يسمع عنها أحد. 
منها المميز جداً ولكنها غالبا تأخذ الطابع الهزلي التهريجي... بتجاوز للحدود أحيانا... حتى يغطي التهريج على الموهبة حقا و ينزلها من مرتبتها و يحطها محط العابر لا المستقر...

ولكن لماذا؟ 
لماذا يختار الكثير ممن يُقدِّمون الأفكار والبرامج المسموعة و المرئية إنتهاج نهج الهزل و التهريج وأحيانا حتى السخافة والسماجة في تقديم أفكارهم التي قد تحوي حقا  في مضمونها موهبة حقيقية و رغبة جادة في إنتاج شيء مميز؟

لعل ذلك يعود إلى ما أنتجته البيئة التي صنعناها بإتباعنا أساليب الإستهزاء و التهكم وإصطياد الأخطاء وكثرة الإنتقاد والتحبيط لكل ما يخرج عن الركود والكسل الذي إعتاده الغالبية في نمط حياتهم، فيختار الكثير إسلوب الهزل ... 

لأنك عندما تكون جادا في طرحك وإسلوبك فإنه سيكون من السهل جدا إنتقاء الأخطاء الناتجة عن كونك تتحدث بجدية فأنت تعني كل ما تقول ... فيكون ذلك سببا لإحراجك وبالتالي إرتباكك وربما إنتهاء ما تحاول تقديمه بإعطاء طابع أنك لا تحسن ما تقدم وربما الإحساس بأنك لست أهلاً له، فأتركه و أمضي في حال سبيلك، أو عد إلى التسكع في المقاهي أو مطاردة الفتيات...

فيكون الإعتماد على الهزلية بإفراط أحيانا... لأنها توفر مخارج كثيرة من كل المواقف والإنتقادات و الإستهزاء الذي قد تتعرض له نتيجة لما قدمت...

وهو ما يكون السبب الأساسي ربما في إختيار الكثيرين لهذا الأسلوب الذي يصعب معه أن يمسك بك أحد في غلطة أو سهو أو زلة تذوب في هزلك وتهريجك فلا يكون إنتقادها الجدي مقبولا لأنها أساسا هزل لاأكثر... فتكون ناجيا مما يرهبك ويخيفك ويرعبك مما ينتج عن ما فعلت من ردود أفعال...

ولكن الحاصل في الواقع من هذا الأسلوب أن الهزل يُضيّع الكثير من معنى ما تفعله ويجعله خاليا من الجدية والرسالة التي كنت ستوصلها بما أردت تقديمه... ناهيك عن بهاتة موهبتك الأصلية التي كانت ستكون أكثر بريقا إذا ما إعتدلت في تقديمها و وثقت في نفسك أكثر و إهتممت بما يأتيك من إنتقاد لتزيد في تحسين ما تقدم... 


ولعلنا بحاجة لنتدارك أنفسنا ونعين بعضنا بالكف عن الإستهزاء والتهكم والحط من قدر الآخرين بكلمات لا نبالي بها وكأننا نحقق إنتصارات نفسية بالإنقاص من الآخرين وإنتقاداهم إنتقادات هدفها لا يزيد عن إضعاف موقفهم و التقليل من الجهد الذي بذلوه ، خاصة عندما يقدمون شيا يستحق حقا أن نصفق له و نحترمه.

لنخلق فيما بيننا الوسط الذي سيسعدنا أن نعيش فيه ، فنمط حياتنا الذي أوجدناه لا يناسبنا لأنه لم يجعل منا مجتمعا أفضل... ولن نكون أفضل ما لم نشحع بعضنا فيما يرضي الله و نهتم بضعيفنا و نساعده حتى يكون قويا ، كما نهتم بموهوبنا و مفكرنا وكل فردنا منا، لنكن نحن بنا أقوياء ... 

شكراً...



أكمل قراءة الموضوع...