السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
إقترب الفضيل …
شهر الرحمة و الغفران ، شهر تحول إلى سهرة طعام وكثرة شتم وسباب و لعان … إلا من رحم الله …
و سينشط الشباب و ستنشط حركة التبرعات و جمع المؤن في بداية الشهر و جمع المال في نهايته
المؤن في بداية الشهر لتعين الناس على (الأكل ) في هذا الشهر و جمع المال في آخره لتعين الناس على (شراء) الملابس في آخره إستعدادا للعيد ...
و بالرغم من أنه لم يأتي ذكر كثرة الأكل و “الإسراف” فيه ولا الحصول على أجر إضافي على ذلك ، بل قد يكون فيه إثم ، ربما لما يلقى من فضلات أو ينفق في إرهاق الجسد و تعبه مما لا يساعده على الصيام … و بالرغم من عدم وجود ما يفرض هذا الإنفاق أو حتى كثرة الأصناف كل يوم … ولا ما يؤيد ضرورة شراء ملابس جديدة في العيد ولن يطلب منك إلا ملابس نظيفة و رائحة طيبة … إلا أن تعاملنا مع هذه “الثوابت” بات كأن القدسية في شهر رمضان لا تكتمل إلا بكثرة الأصناف و لا يقبل عملك في هذا الشهر بعد إنتهاءه إلا بملابس جديدة … و يا ويلها من تنقص في عدد الأصناف من زوج ثائر أو أنه هي ذاتها تتسلى بحجة أن زوجها و العيال يحبون ذلك …
هل يذكركم هذا بشيء؟
في أعوام مضت … كانت هناك الكثير من البرامج التي إعتمدت إسلوب تقديم الإحتياجات التي ستشعر أصحاب القل أنهم كغيرهم يتوفر لديهم ما يتوفر لغيرهم في سفرة الإفطار … و كذا أيضا برامج توزيع الملابس الجديدة و المبالغ المالية لشراء هذه الملابس بعد إنقضاء النصف الأول من الشهر …
وهذا ما كان يحدث دائما بفضل الله و عون منه بتسخير من إستطاع لتقديم هذا العمل … و هناك بعض ممن لم يستمر على هذه البرامج لتغير و تبدل الإحتياج بتوجيه الجهد إلى ما هو أهم من ذلك …
والحال هذا العام يبدو مختلفا أيضا … و ربما يجب أن يكون مختلفا حتى في تعاملنا معه و تعاطينا معه …
هل تعتقد أن التنويع في سفرة الإفطار فرض؟
بالتأكيد لا … بل أنك إذا ما قللت الطعام وأصنافه … زادت قدرتك على الصيام و الإستفادة من أعراضه و تصفية و تنقية جسدك مما علق فيه طيلة العام من دهون و شحوم و … وما لذ وطاب عند إبتلاعه ليتحول إلى بنج مخدر بعدها …
من جهة أخرى … و بسبب هذا الإقبال على الشراء لتوفير تلك الأصناف في كل سفرة إفطار … تكثر البضائع (لأن العين تأكل ولا تشبع ) و ترتفع الأسعار أيضا ( بالإضافة إلى ما هي عليه الآن من إرتفاع ) ، و كذلك ترتفع أسعار الملابس و تستشيط غلاء … وذلك لأن التاجر يعرف جيدا أن “ فرض” قضاء العيد في ملابس جديدة لن يستطيع المواطن عصيانه وإلا فإن شهره ضاع وتاه ولن يفرح بالعيد … لعل العيد فرحته لا تأتي إلا بمظهر وليس بجوهر !… ولا بأس إن فرحت بالمظهر بملابسك التي إشتريتها العام الماضي … ربما.. ولكن هذا عيب وعار أليس كذلك ؟
“وهل سيفرض الحال هذا العالم على الناس التقليل أم يا ترى يضطر الرجل للسرقة حتى يحافظ على ذات المستوى من كل عام؟”
في رأيك كيف يمكن تغيير منطق التعاون و مساعدة بعضنا البعض في هذا الشهر وما بعده؟
ألا يجدر بنا أن نجتمع على إنقاص ثمن البضائع و قلب الطاولة على التجار بدل من محاولة تخفيف ضغطهم على الناس بجمع المال لتوزيع الغذا؟؟
وكيف ذلك؟
بالزهد في بضائعهم … بالإقلال من شراءها “لعل الحال يفرض نفسه أساسا”… بإيجاد البدائل … بعدم إقامة المآتم و الزوابع إذا لم يكن الإفطار أكثر من صنفين أو حتى واحد فقط … أن لا تجعل عقلك و قلبك و حياتك كلها في بطنك كما تجعلها في كل شهوة تلحقها لتنسيك نفسك…
أن نتوقف عن ممارسة عباداتنا بالشكليات كأننا نعبد الأصنام التي لن تقبل منا الشيء إلا إذا قدمنا الطعام و القرابين و دفعنا من مالنا لنرضيها بالشكل المناسب في الأعياد … و نتذكر أن الله ينظر إلى قلوبنا وليس أشكالنا …
نحن نعبد الله وحده … نحمد الله على هذه النعمة التي أنعم بها علينا… أن جعلنا من المؤمنين … وبلغنا رمضان لكي نخرج منه بما يطهرنا مما إقترفنا فيما مضى من عام …
أنت وأنا و جميعنا يعرف الإجابة … ولكن آلهة الناس (والعياذ بالله ) لا ترضى بما في القلوب و يجب أن ترضيها الشكليات وإلا سخطت عليك و عزرتك و هددت هناء حياتك بالفناء و النبذ من المجتمع … “ مع أنه هناك من يتحجج بالناس و بفرحة الأطفال ليفعل ما يشتهيه هو و يتباهى به أمام الناس “
يا الله لطفك و عفوك و رضاك …
هل نستطيع حقا أن نغير من أسلوبنا في التعامل مع رمضان بحيث نجتمع جميعا على فعل خير أكثر بقاء ؟
أن تجتمع الأموال لتحل مشاكل أكبر من ملء البطن؟
ربما بحاجة حقا لفقه الأوليات معنى و معرفة … لكي نستطيع حقا أن نجبر التجار و الباعة على أن يخفضوا من أسعارهم رغما عنهم …
لماذا ؟
لأننا نحن سبب وجودهم ونحن من يبقيهم عندما يشتري منهم … الله هو الرازق ولكننا سبب …
فإن لم نشتري من بائع الطماطم طماطمه ، الذي يبيعه أول النهار بخمسة
هل سيستمر في بيعه بثلاثة؟ أم انه سيبيعه بدينار ربما
و اليوم و غدا و بالتالي لن يجد المزارع من يشتري منه بالتالي سينخفض السعر ( أم أننا نفرح و نستشفي يإعادة نشر قصة البيض الذي رفض الرجل شرائه في البرازيل فإضطرت الشركة لتخفيض السعر؟ )
وهذا ما نستطيع فعله … ( إن أردنا ) ولكن هل حقا نريد؟
أم أن شهواتنا تمنعنا من ذلك ؟
أم أن المحافظة على العادات و التقاليد وإن كانت عقيمة ، حمقاء بلهاء ، أهم بكثير من عقل الإنسان و صدقه مع نفسه ؟
لنكسر أصنام العادات في هذه الفرصة و نتعاون جميعا على إمساك مالنا في جيوبنا وإن شح … و نفرض قوتنا بصمت بعيدا عن العنف … حتى ينحني الجميع لإرادة جماعية موحدة …
لنكسر أصنام الشهوة و نعبد الله مباشرة … وجميعنا يملك معول الإكتفاء ...
لنجتمع على منفعة تعمنا جميعا ...
نسأل الله أن يقبلنا و يتقبل منا ما عملنا وما سيسخرنا لعمله ، و يجمعنا جميعا في جنته على سرر متقابلين
شكراً…