الاستثمار الصحيح

By 10/03/2012 01:28:00 م

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته







بداية بالفرد و ارتباطه بالجماعة ... فجميعنا ... أنا و أنت وهم ... نرغب في ان نعيش حياة اجتماعية مزدهرة راقية فيها جودة حياة أفضل بكثير مما نعيشه في يومنا وليلتنا ... تحسين مستوى الاخلاقيات العامة بالتالي يتحسن مستوى معيشتنا و تعاملنا بيننا وبين بعض...

ربما تقول لي ، نعم نحن بحاجة الى طرقات و مباني حديثة و مساكن و مرافق و حدائق ... سأوفقك في ذلك بكل تأكيد ... ولكن الا توافقني بأن هذه الامور تأتي في المرتبة التالية ؟
نعم المرتبة التالية بعد الانسان الذي سيعيش و يستعمل كل تلك المرافق ... الانسان الواعي ، الخلوق المثقف الذي يحترم محيطه لا لشيء الا لأنه يحترم ادميته و يحترم ذاته و يحب للغير ما يحبه لنفسه ...

فان كنت سأبني مباني حديثة و اخطط الطرق بأساليب حديثة وعلى اخر طراز إلا المستخدم لهذه الطرقات و المرافق و المباني  ... الن تكون هناك مشاكل؟
مشاكل في استغلال كل تلك الاستثمارات ؟ التي نطلبها وربما تحلم بها و يحلم بها من تعرفهم ... ومن لم تعرفهم...

اسأل معي هذا السؤال : ما فائدة انفاق الاموال لتعمير البنيان دون تعمير الانسان ؟
ما الذي سنجنيه من انفاق اموال لبناء لا نجيد استعماله ؟

لذلك فإننا... علينا ان نركز على بناء الانسان من الداخل فردا و جماعة كبارا و صغارا ... ان يكون هدفنا هو زرع الوعي و الثقافة السليمة لخلق الانسان الواعي المثقف الخلوق الذي تلجمه اخلاقه عن الوقوع في الخطأ و ايقاع الضرر بالآخرين و تنهاه عن ايقاع الضرر بالمحيط الذي سيكون استثماره الخطوة التي تصاحب استثمار الانسان و بناءه ... ذلك الى جانب وضع قوانين تحترم الانسان و تردع من يتعدى على كل اخلاقيات عامة و ثوابت اتفق عليها المجتمع ...

هل تعتقدون ان القوانين تأتي قبل بناء الانسان ؟ ام العكس؟ نأتي بالقوانين لنبني الانسان؟ لفهم ذلك يمكن مراجعة السيرة بناء الدولة المدنية الاولى التي بنيت على يد اشرف الخلق صلى الله عليه وسلم ... ليكون الامر واضحا اكثر في ايهما يسبق الاخر من سن قوانين ام من تقبل الانسان و تفهمه ووعيه بالشيء ليستطيع فهم و تطبيق القوانين بإيجاد وازع داخلي و تكمليه برادع خارجي لمن خالف ...

اليوم هناك من سبقنا في التقنية و التطوير و التطور و العلوم .. يبهرنا تطورهم و نسعى لان نكون مثلهم ... لماذا لا نأخذ من علومهم ما يفيدنا حقاً و يجعلنا نسلك طريقا اقصر للوصول الى اهدافنا ؟ لنستفد من تجارب العالم التي ادت الى نتائج نتمنى ان نحصل على مثلها  ...
اسمع من يردد و يقول اه لو أنام و اصحى وأجد ليبيا فيها سكة حديد و فيها شركات كثيرة و فيها دخل مرتفع و انترنت سريع و مرافق راقية و مطاعم عالمية و و و و

في حين انه علينا ان نقول ونردد ... ما الذي علينا فعله لتكون بلدنا افضل مكان نعيش فيه حياة بجودة عالية ... كيف ابذل جهدي ولا انتظر احدا ليدفعني للبدء و اوقف الحديث و التذمر وانتقل الى العمل ولو بإتقان عملك البسيط وان كنت عامل نظافة ...

ولنصل الى تلك النتائج علينا ان ننظر الى انفسنا وما هي نواقصنا ونعترف بهاو نتفق على ما علينا فعله لتغيير هذا الامر ...

علينا ان نستفيد من تجارب الاخرين ولا نبدأ من الصفر في حين ان امامنا نماذج كثيرة ، ولسنا بحاجة لنرجع الى التاريخ القديم لنجد نموذجا يصلح لان نقتدي به او نستفيد من تجاربه و نستنفع من كل استثمار نضعه على هذه الارض ، فلدينا نموذج حي يمكننا ان نقتدي به لنبدأ مشوارنا لأن نكوّن لأنفسنا وشبابنا و اطفالنا غد افضل ...

لنرى ماذا فعلت ماليزيا لتصل الى ما هي عليه اليوم ، و هي البلد المسلم الفقير في موارده نسبيا ...
ما قامت به ماليزيا هو الاستثمار في مجال التعليم والبحث العلمي والتطور الثقافي ، وقد اتجه التجار والحكومة وعلينا التركيز هنا على التجار و العامة قبل الحكومة لنكون اكثر واقعية ... إلى دعم هذا القطاع ليتم إنتاج جيل يمكنه حمل كل الاستثمارات الأخرى إلى الأفضل والاستفادة منها ، وفعلا هذا ما تحقق لهم
... 
ربما وانت تقرأ .. تذكر من ذهب الى ماليزيا ليدرس و عاد بشهادة او اكثر ... وربما تكون تعرف من يعرف من زار البلد و اخبر عن الحياة و جودتها هناك ...

فإنها اليوم من أفضل دول العالم من الناحية العلمية في جامعاتها ومدارسها ومؤسساتها العلمية ناهيك عن النسبة المرتفعة من المتعلمين من سكانها وكذلك التطور العلمي والتقني للمدن الماليزية الرئيسية والاقتصاد الماليزي ...

لن أخوض كثيرا في تفاصيل ما هي عليه ماليزيا اليوم ... ولكن أدعونا فقط إلى اخذ العبرة من ذلك البلد وما آل إليه حاله وما سيكون عليه في المستقبل جرأ استثماره في القطاع الصحيح والذي يبنى عليه كل استثمار ، وهو الاستثمار في الإنسان وبناءه البناء الصحيح .

الاستثمار في الإنسان اهم بكثير من الاستثمار فيما به يحيط . فلا طائل من الاستثمار في الجماد الذي سيحتاج إلى الإنسان ، ليكون استثمارا ناجحا وما الفائدة ما لم يكن الهدف هو تحسين جودة حياة الفرد و الجماعة ... ولا يستثمر الفرد إلا برفع مستواه العلمي والثقافي والادبي بالتالي ... وليس رفع مستواه المادي من اكل و شرب و مرتب و شكل منزل على حساب عقله وعلمه وخلقه .
بحاجة ماسة لان نقف على نقاط كثيرة ... و ان نحدد اماكن الخلل بشكل صحيح و دقيق لنعرف العلاج و نعرف المسببات و نقضي عليها حتى نصل الى ان نكون مجتمعا نظيفا صحيا يحيا فيه الفرد حياة مريحة تعطيه الفرصة لان يبدع في مجالات اخرى للحياة ...

و بداية لذلك فان علينا تصحيح الكثير من المفاهيم في حياتنا اليومية و فهمنا للكثير من الامور حتى نتفق عليها جميعا كمجتمع ، انا وانت وكل من نعرفهم ، علينا ان نتفق على النقاط المشتركة بيننا ... و ان نركز عليها حتى نستطيع ان نصل الى مرحلة نتفرغ فيها لما قد اختلفنا فيه و نجعله في مصلحتنا بعد ان نكون قد كونا قاعدة صحيحة لأنفسنا فيما اتفقنا فيه ... و حينها ستحل الكثير من مشاكلنا بشكل تلقائي و سيكون امر اختلافاتنا سهلا جدا و اقل تعقيدا ...

ذلك افضل بكثير ان نترك ما يفيدنا جميعا ونحن متفقون فيه و نضيع وقتنا فيما لم نتفق فيه فلا نحن اتفقنا فيما اختلفنا فيه ولا انجزنا ما اتفقنا فيه ... 



شكراً
أكمل قراءة الموضوع...