المتثاقفين ...

By 6/10/2010 01:43:00 ص
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سؤال يدور في الذهن ربما له اجابة بديهية وربما لا تكون ... ولكن لماذا يصر من يروق لهم ان يصفوا انفسهم بالنخبة المثقفة بالسير وراء من سبقهم ممن اعترف لهم بعض العامة بقولهم لكلام لا يفهمونه وسموه ثقافة؟ وان لم يكن اولائك اصحاب صلة بالثقافة من فوق ولا من تحت ولا من خلال؟

حسنا لنقل ان الثقافة تتعدد اوجهها و اهتماماتها .. فالكتاب و المفكرين و الفنانين و المنظرين و النقاد و غيرهم كل في مجال اهتمامه و ما يحب ان يبدع فيه ... ليكون متميزا و يضيف الى العلوم الانسانية ما هو مفيد ...

لماذا يحب المتثاقفين العرب الذين يعيشون في المهجر فكرة فصل الدين عن الحياة؟ و عن الدولة ؟ و ينادون بذلك على انه الحل الوحيد للرقي بالمجتمعات و جعلها مجتمعات مدنية راقية فكريا و اجتماعيا ؟ تحاكي واقع ما عاشوه في المهجر

هل العالم الملقب بالمتحضر اليوم وواقعه الكامل دون اهمال جهة عن اخرى متوقف على عدد الكتب التي يقرأها العامة و المعارض التي يقيمونها والأفلام التي ينتجونها و مدى الابداع في كل ذلك ؟

لا يجب انكار ابداعات بشرية فكرية مادامت تصب في اتجاه تنمية الفكر و العمل و التعامل و الخلق ... فهناك الكثير من الامور تدهشنا عند رؤيتها وان لم تخطر ببال من خطرت له فربما ما كانت لتخطر على بال احدهم ...

ولكن هل نموذجهم الثقافي و الفكري الذي يعيشونه منفصلين عن المجتمع و طبيعته ينفع ان يطبق لدينا دون فصل المجتمع ؟

اعتقد ان شريحة واسعة من المتثاقفين في العالم تعيش بمعزل عن مجتمعاتها بشكل عام وان المتثاقفين يخلقون لأنفسهم مساحة يجتمعون فيها و يكون ذاك هو منظورهم لمن سواهم في المجتمع تتابعا مع ما يعيشون فيه من نظام عام ...

لماذا يرى بعض المتثاقفين ان مجتمعاتنا لن ترقى إلا اذا سارت على درب المجتمعات التي اكلو فيها الخبز المحمص و شربوا القهوة في مقاهيها المليئة بمن يتحدثون عن امور لا يراها إلا هم و سرحوا بأفكارهم في اتجاهات ما ابهرهم به التنوع الفكري في تلك البلاد وان كان مجردا من الخلق او الروح و الحياة ليجدوا ما ينتقدون في مجتمعاتهم الام ...

لا اعرف ان كانوا يرون الصورة كاملة في تلك المجتمعات دون التركيز على الوسط المتثقف الذي يعيشون فيه بحيث يشعرون انه جنتهم وانه لا حدود لأفكارهم ، ويركزون على ما انتج ذلك الوسط و يسعون الى اقناع مجتمعهم بان تلك هي الوسيلة الوحيدة لإيجاد ذات الوسط ...

فهل المجتمعات تلك تعيش رخاء اجتماعيا اخلاقيا كما يصوره البعض ؟

ام ان الدعوة لفصل الحياة عن الحياة و الابتعاد بالقيم الاخلاقية و الاحتياجات الانسانية هو السبب الذي جعل من تلك المجتمعات ما هي عليه ؟

لماذا لا يكون المتثاقف من مجتمعاتنا صاحب فكر له بذاته دون التأثر بأفكارهم؟ و يبتعد عن ان يكون امعة تبع لما قد وجده جاهزا

ما المانع ان تحمل ثقافة راقية ممزوجة بقيمك و اخلاقياتك و عرفك ؟ دون التأثر بما يعادي ثقافتك و منبعها

هل ستلغي طبيعتك التي خرجت منها و تربيتها ما اكتسبت من تربة تلك البلاد ؟

ام تتلذذ بانتقاد مجتمعك و الدفاع عن المجتمع الذي اعتقدت انه اعطاك لسانا طليقا لتنتقد به مجتمعك ولست تعلم كيف ستكون نهايته ... في حين وجب ان تفيد مجتمعك ان كنت تعتقد انك تملك فكرا و تبذل الجهد ولا تنهار مع اول امتحان صعب فيه وتلقي بلوم فشلك على الاخرين و محيطهم و عدم فهمه ووصول فكرهم الى ما وصل اليه فكرك من تنوير ...

لماذا يعتقد البعض ان الاسلام دين لا يسمح بالتفكير و الابداع الفني بحدود الايمان الراسخ ؟

الم تدم الثقافة الاسلامية التي هي اساس ما عليه الغرب الان ما يزيد عن الف عام؟ و كم عمر الثقافة الغربية اليوم ؟ مائة ؟ ثلاثمائة ؟ خمسمائة؟ لم تصل الى ذلك الحد بعد ... و ان دققت فانك ستجد ان ما يقومون به هو نتاج لاستفادتهم من تجارب من سبقهم مع تكييفها لما هم عليه و ما يريدونه ولا يريدون إلا الدنيا بعيدا عن أي ارتباط بالدين و الخالق وسبب وجودهم في هذه الدنيا ...

لم يتحجج الكثيرين بان الدين اغلق عليهم الابواب ؟ وان افضل حل للخروج مما نحن فيه هو ترك الدين وراءنا كما فعلت الثورة الفرنسية على الكنيسة في اوروبا ... هل ينطبق ذلك علينا ؟ هل يصلح ذلك لنا ؟ اليس فيكم رجل رشيد ؟

كنا نتحدث يومها عن امر قد اوجده سيدنا عمر بن الخطاب ... وهو انه جعل لكل مسلم نصيبا ( مرتبا ) من بيت المال ... وانه لكل مولود يفطم ايضا نصيب ... فكان من الناس انها تفطم ابنائها باكرا .. فوصله ذلك ... فأمر بان يكون لكل مولود مسلم نصيب ... لحماية الاطفال ... وذلك انه انشأ مجتمعا راقيا تكميلا للمجتمع الذي بناه النبي صلى الله عليه وسلم

و يتحجج البعض ان هذا الاسلوب لا يتم تطبيقه اليوم إلا في اوروبا و الدول المتقدمة ، و هو من ابتكارهم وهم اول من طبقه وليس هذا إلا مثال بسيط جدا مما كان قائما و بسببه انتج المسلمون محيطا خصبا لمن اراد ان يبدع فكريا و فنيا و علميا و لم يكن احد من اولائك العلماء او الفنانين إلا و يبدأ كتاباته و كلماته بحمد الله و الصلاة على النبي ... و اليوم بالثناء او الاقتباس من الكاتب المشهور الذي مات فقيرا و باع ميتا و اصبح غنيا جدا وهو تحت التراب ...

ولماذا الغرب اليوم يراه الكثيرون بهذا الشكل ؟ لأنهم درسوا الماضي و استفادوا من دروس الحضارة التي يحاول اصحابها اليوم بيعها بالرخيص و استبدالها بطعم قهوة تجعلك تقول كلاما ربما لا تفهمه ولا يفهمه الاخرون فيعتقدون انه ابداع لم يصل فكرهم الى استيعابه فيصفقون له خشية ان يقال انهم لم يفهموه

شكرا

أكمل قراءة الموضوع...